سعود الفيصل عن لبنان: خادم الحرمين رفع يده عن الاتفاقات واتصل مباشرة «الرأس بالرأس» بالرئيس السوري

قال حول بن علي: المستجير يجار.. وهناك شروط وضوابط لاستضافته

الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، في الجلسة الافتتاحية (إ.ب.أ)
TT

أكد الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، أن الأمة العربية تواجه تحديات سياسية اقتصادية «مترابطة ومتشابكة»، وبيّن أنه طوال الفترة المنصرمة كانت اللقاءات السياسية مستمرة للبحث والتقصي والتعديل في الخطط والاحتياطات لهذه المشكلات. واستدرك قائلا «لكن أيضا هناك جانب يجب ألا يغفله العالم العربي وهو التعاون الاقتصادي، لأنه هو الذي سيفيد الموقف السياسي، وسيقوي من قدرة الدول العربية في مواجهة كل التحديات».

جاء ذلك في حديث لوزير الخارجية الذي يترأس وفد بلاده إلى القمة الاقتصادية التنموية والاجتماعية الثانية، التي عقدت أمس في شرم الشيخ المصرية، أدلى به لأخبار القناة الأولى بالتلفزيون السعودي.

وفي إجابة عن سؤال عن أهم القضايا في الوقت الراهن، وما يقوده شخصيا في ما يخص الوضع اللبناني، والمشاورات السعودية - السورية في ما يختص بالحالة اللبنانية لانتشال لبنان من هذه الأزمة المحتملة بين الأطراف المتنازعة، وإلى ماذا وصلت هذه المشاورات، قال «إذا سمحت لي، أنا أختلف معك.. في البداية لا أقول شخصيا إنني أقود هذا الموضوع، فهذا الموضوع يقوده شخصيا خادم الحرمين الشريفين، وهو اتصل مباشرة، الرأس بالرأس، بالرئيس السوري، فكان الموضوع بين الزعيمين للالتزام بإنهاء المشكلة اللبنانية برمتها، لكن عندما لم يحدث ذلك أبدى خادم الحرمين الشريفين رفع يده عن هذه الاتفاقات».

وعن رؤيته للوضع اللبناني بعد هذه المحاولات الدائمة، فقد وصفه بالوضع «الخطير»، وقال «إذا وصلت الأمور إلى الانفصال وتقسيم لبنان انتهى لبنان كدولة تحتوي على هذا النمط من التعايش السلمي بين الأديان والقوميات والفئات المختلفة، وهذا سيكون خسارة للأمة العربية كلها».

وعن المشهد العربي الآني والتطورات، مثل ما يحصل الآن في شمال أفريقيا بسبب الفقر والبطالة كما حدث في تونس مثلا، وهل ألقى ذلك بظلاله على هذه القمة، وكيف عولج، قال وزير الخارجية السعودي «سمعنا من وزير خارجية تونس عن الوضع بها، وبطبيعة الحال المملكة لها علاقات مميزة مع الشعب التونسي»، معبرا عن أمله لهذا الشعب «أن يستقر، وأن ينال ما يريده من التطور والازدهار والحرية التي يطالب بها». وأضاف أن «الوزير التونسي شرح هذه القضايا، ولم يقلل من المشكلات التي تجابه تونس في الوقت الحالي، لكن أملنا جميعا وكلنا نقف مع الشعب التونسي أن تحل المطالب هذا الشعب، وأن يستقر هذا البلد، وأن يعود ازدهاره ونموه».

وردا على سؤال عن موقف السعودية في ما يخص الحالة التونسية واستضافة الرئيس التونسي، قال «في الواقع الاستضافة هنا عرف عربي، كلنا عرب والمستجير يجار، وليست هذه أول مرة تجير فيها المملكة مستجيرا بها، وأن يلجأ إليها لاجئ، وقد وسمنا بأوصاف غير لائقة». وقال مشددا «إن المملكة تسير على نهجها الذي تبنته منذ زمن بعيد، ولا أعتقد أن فيه أي مساس بالشعب التونسي وإرادة الشعب التونسي، ولا فيه أي تدخل في الشؤون الداخلية، ولا يمكن لهذا العمل أن يؤدي إلى أي نوع من العمل من أرض المملكة في تونس، فبالتالي هناك شروط لبقاء المستجير، وهناك ضوابط لهذا الأمر، ولن يسمح بأي عمل كان في هذا الخصوص، وإنما نحن مع الشعب التونسي في بلوغ أهدافه، وفي بلوغ ما يرمي إليه قلبا وقالبا».

وردا على أنه قبل انعقاد هذه القمم الاقتصادية بسنوات كان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، دعا إلى سوق عربية مشتركة تعوض ذلك النقص على الأقل في التكامل العربي السياسي، وهل هذه القمم فعلا تحقق هذه الدعوة، قال «في الواقع بدأنا في وضع الأسس للسوق المشتركة كما قلت، وكنت أتحدث مع معالي وزير المالية في سنة 2005، وسيكون هناك خروج بالاتحاد الجمركي 2015، وبعدها بسنتين أعتقد ستكون السوق المشتركة جاهزة للتنفيذ، وهذه الخطوات مهمة للغاية بالنسبة للدول العربية».

وفي ما يخص قرارات القمة الاقتصادية الأولى بالكويت، وإلى أي مدى فُعّلت هذه القرارات، قال «في مؤتمر الكويت حُدد صندوق، والمملكة تبرعت بجزء وافر من إمكانياته، ونأمل أن يستكمل، وهو لم يستكمل بعد، ومن أهم الأشياء التي تصر عليها المملكة في العمل العربي المشترك الجدية والمصداقية، ليس فقط في اتخاذ القرار، وإنما تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، ونأمل أن يكمَّل هذا الصندوق ويبدأ عمله».

وعن قرارات القمة الاقتصادية الخاصة بإعادة إعمار غزة وأنها واجهت صعوبات بسبب الحصار الإسرائيلي في الوقت نفسه، وهناك قرار أو دعوة لدعم صمود القدس، وهل ستلتزم كل الدول العربية بهذين القرارين في ظل هذه الظروف، أكد بالقول «إن الدول العربية لا يمكن أن تتخلى عن غزة، ودعمها بصندوق القدس أو صندوق الأقصى قائم منذ سنين، ومسؤولية الأمم المتحدة أن تسمح لهذه المساعدات بأن تدخل لكي تؤدي الغرض الذي من أجله جمعت».

وفي ما يتعلق بموضوعات الربط البري والبحري بين الدول العربية، وكذلك الأمن الغذائي والمائي، وهل هناك جدول زمني، ومدى التعاون لتفعيل هذه المشاريع، أوضح وزير الخارجية السعودي أن «هناك استعجالا في الدول العربية، كل دولة في الجانب الذي يخصها من الربط». وأضاف «الربط البري، مثلا السكك الحديد، نحن في المملكة الجهد يُبذل على قدم وساق لإنهاء هذه المشاريع.. الربط البحري، وأيضا الموانئ، والربط الكهربائي بدأ يعمل في بعض الدول العربية وسيستكمل في باقي الدول، وهناك وعي بأهمية هذه المواضيع على الاقتصاد. هذه هي الهياكل الأساسية للاقتصاد، وبالتالي هناك إرادة لأن تنتهي هذه المشاريع في أقرب فرصة ممكنة».

وردا على سؤال عن الوضع في العراق، وكيف يراه، وانعقاد القمة العربية القادمة، قال «الحكومة قامت في بغداد، ولو أنها أخذت فترة طويلة، ونأمل أن يتحقق الغرض من هذه الحكومة وهو أن تضفي بالوحدة الحقيقية بين الأطراف المختلفة في العراق على أمور أساسية. لا يمكن أن يكون هناك اتفاق على كل شيء، المواقف السياسية تتفاوت بين حزب وآخر، لكن هناك قضايا أساسية هي وحدة العراق واستقلاله وسيادته على أراضيه، وعدم تدخل الدول الخارجية في شؤونه، هذه أشياء إن اتفقت عليها الحكومة وعملت على تنفيذها، ومساواة العراقيين أمام القانون، فكلها أمور مهمة جدا، وهي التي ستضفي الاستقرار على العراق، وأتمنى أن ينجح ذلك».

وعن رؤية السعودية حول الاتجاه إلى تقسيم السودان، بيّن الأمير سعود الفيصل أن الاستفتاء كان بشكل سلمي «بعكس ما كان يقال إنه سيحدث. كان يقال إن الدنيا ستنقلب رأسا على عقب في هذا الأمر، لكن الاستفتاء مر بهدوء وسكينة، ونأمل أن يؤدي هذا إلى وضع أسس للتعاون المثمر بين الدولة الجديدة والسودان لأنه ليس هناك شك أنه سيكون في مصلحة البلدين».

وأكد أن الرسالة التي تحملها دائما المملكة العربية السعودية هي الجدية والمصداقية والشفافية «وهذا نهج خادم الحرمين الشريفين في كل أمر يسير فيه، وإن سارت الجامعة العربية على هذا الأساس فإنها ستنجح في كل مراميها».