أوباما مستقبلا نظيره الصيني: نريد وضع أسس لعلاقات بلدينا لـ30 سنة مقبلة

الإعلان عن اتفاقات بـ45 مليار دولار.. وواشنطن تطالب بكين بتطبيق العقوبات على إيران

رئيس الأركان الأميركي يسعف زوجته بعد أن أغمي عليها خلال الاستقبال الرسمي للرئيس الصيني في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس وضع الأسس للعلاقات الأميركية - الصينية مع زيارة الدولة الرسمية للرئيس الصيني هو جينتاو إلى الولايات المتحدة. وفي تركيز على التعاون الاستراتيجي والاقتصادي بين البلدين اللذين باتا القوتين العظميين في العالم، بحث أوباما وهو سبل التعاون ومعالجة نقاط الخلاف خلال ساعات من الاجتماعات المكثفة. وفي خطوة من شأنها التقليل من الانتقادات الأميركية، خاصة من القطاع الخاص، لعجز الميزان التجاري بين البلدين، أعلن أمس عن اتفاقات بقيمة 45 مليار دولار.

وشهد البيت الأبيض يوما مزدحما أمس، احتفالا بالرئيس الصيني هو جينتاو، حيث استقبل أوباما نظيره الصيني في الساعة التاسعة صباحا في البيت الأبيض، وكان من المتوقع أن تتواصل لقاءاتهما حتى وقت متأخر من المساء، خلال عشاء الدولة الرسمي على شرف هو.

وخلال الاستقبال الرسمي أمام البيت الأبيض للرئيس الصيني، اختار أوباما أن يركز على تاريخ العلاقات بين البلدين، خاصة تطبيع العلاقات بين البلدين عام 1979. وقال أوباما في حفل الاستقبال صباح أمس: «قبل ثلاثة عقود، وفي يوم في يناير (كانون الثاني) مثل اليوم (أمس)، رئيس أميركي آخر وقف هنا ورحب بقائد صيني آخر للتطبيع التاريخي للعلاقات بين الولايات المتحدة وجمهورية الصين الشعبية». وأضاف: «شهدت الثلاثون سنة الماضية عصرا من التبادل المتنامي والتفاهم، ومع هذه الزيارة، يمكننا وضع الأسس للسنوات الـ30 المقبلة».

وحرص أوباما على التركيز على أهمية التعاون الأميركي – الصيني، خلال السنوات المقبلة، قائلا: إن «الحقيقة البسيطة» هي أن «لدينا مصلحة في نجاح كل طرف منا، في هذا العالم المترابط وفي الاقتصاد العالمي. الدول ستكون أكثر ازدهارا وأمنا عندما نعمل سويا». وفي رد غير مباشر على من يعتبر الصين خطرا على الولايات المتحدة، قال أوباما: «الولايات المتحدة ترحب بصعود الصين كعضو قوي ومزدهر وناجح في المجتمع الدولي». وأضاف أن الشعبين الصيني والأميركي برهنا على أنه من الممكن التعاون سويا، موضحا: «أنهم يعرفون أنه حتى عندما يتنافس بلدانا في بعض المجالات، يمكننا التعاون في مجالات كثيرة أخرى في روح الاحترام المتبادل ومن أجل المصلحة المتبادلة».

وبدأ هو خطابه بالقول إنه يقدم «باسم 1.3 مليار صيني التحية الصادقة لشعب الولايات المتحدة». وأعلن هو أنه جاء إلى الولايات المتحدة «لزيادة الثقة المتبادلة وتحسين الصداقة وتعميق التعاون ودفع العلاقة الصينية - الأميركية الإيجابية والتعاونية والشاملة للقرن الحادي والعشرين». وفي إشادة للرئيس الأميركي، قال هو إنه «منذ تولي الرئيس أوباما الرئاسة، ومع جهود حثيثة من الطرفين، تعاونا في مجالات، مما أسفر عن نتائج إيجابية وعلاقاتنا حققت تقدما جديدا». واعتبر هو أن التعاون بين البلدين «جلب فوائد حقيقية لشعبينا وأسهم كثيرا في استقرار العالم والتنمية» الدولية.

وكان التركيز الأكبر خلال مشاورات أمس على التعاون الاستراتيجي والاقتصادي، مع مشاورات مكثفة حول كوريا الشمالية وإيران والسلام في الشرق الأوسط، إضافة إلى التنمية ومكافحة التغير المناخي. وفي مقابلة مع قناة «إيه بي سي»، قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إن شركات صينية ما زالت تخرق العقوبات المفروضة على الصين. وأضافت أنها ستواصل العمل على حث الصين لتطبيق العقوبات، موضحة: «نعتقد أن هناك بعض الشركات في الصين التي لم تطبق (العقوبات)، مثلما نريد، وقد أثرنا انتباه السلطات الصينية لذلك». وتابعت: «نحن ندفع كثيرا لحل ذلك».

وشكل الجانب الاقتصادي جانبا أساسيا من الزيارة التي تختتم يوم الجمعة المقبل، خاصة أن الصين أصبحت ثالث أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة بعد المكسيك وكندا. وتم الإعلان أمس عن اتفاقات بقيمة 45 مليار دولار، قال البيت الأبيض إنها ستدعم 235 ألف وظيفة عمل في الولايات المتحدة. وحرصت الولايات المتحدة على الحصول على اتفاقات تدعم الصادرات الأميركية إلى الصين، من شركات مثل «بوينغ» و«جنرال إلكتريك»، للحد من المخاوف الأميركية من الاعتماد على السلع الصينية من دون تصدير المنتجات الأميركية. وأوضح بيان للبيت الأبيض أن «هذا التعاون، في القطاعين العام والخاص، يشدد على التعاون التجاري المتنامي بين الولايات المتحدة والصين، مما يسهم في النمو الاقتصادي والتنمية في البلدين». ومن بين الاتفاقات التي أعلن عنها أمس، موافقة الصين على عقود لطيرانها لـ200 طلبية لطائرات من شركة «بوينغ» خلال الفترة بين عامي 2011 و2013 بقيمة 19 مليار دولار.

ومن نقاط الخلاف بين واشنطن وبكين قضايا حقوق الإنسان، التي تشدد واشنطن على أنها أساسية، لكنها لم تسمح لسجل بكين في حقوق الإنسان بأن يكون عقبة في التعاون بين البلدين. ولكن أوباما حرص على إثارة هذه القضية علنا في تصريحاته خلال استقبال هو، قائلا: «التاريخ أظهر أن الشعوب تكون أكثر وئاما ونجاحا، والعالم يكون أكثر عدالة عندما يجري احترام حقوق ومسؤوليات كل الدول والشعوب، بما في ذلك حقوق كل شخص».

وبدوره، اعتبر هو أنه يتعين على الولايات المتحدة احترام الخيارات الصينية، قائلا: «نحن نعيش في عالم يزداد تنوعا، وعلى الصين والولايات المتحدة احترام خيارات كل طرف في اختيار طريق التنمية والمصالح الأساسية» لكل دولة.

وكانت قضايا حقوق الإنسان، إضافة إلى صعود الصين الاقتصادي ودعمها لكوريا الشمالية، من النقاط التي أثيرت في جلسة استماع عقدها مجلس النواب، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، صباح أمس، تزامنا مع اجتماعات أوباما وهو في البيت الأبيض. وقال المتحدث الأول أمام اللجنة عضو مفوضية مراجعة التعاون الأميركي - الصيني الأمني والاقتصادي لاري ورتزل: إن الصين «ما زالت تمول وتدعم دولا مارقة»، مشيرا إلى كوريا الشمالية. وخصص المتحدث الثاني أمام اللجنة، مؤلف كتاب «الانهيار القادم للصين» غوردون تشانغ شهادته لمعارضة التصريحات التي تشير إلى تقدم الصين وتغلبها اقتصاديا على الولايات المتحدة، قائلا إن «معظم الأميركيين يسيئون فهم الاقتصاد الصيني. الصين تعتمد على بيع السلع لنا نحن في الولايات المتحدة». وأضاف «الدين لا يعطي الصين سلاحا»، بل إن الاعتماد على الدولار سلاح من صالح واشنطن.

وقال البروفسور في جامعة «جورج تاون» روبرت ساتر: إن العلاقات الأميركية - الصينية هي «أهم علاقة ثنائية في العالم اليوم»، مضيفا أن الصين حاولت تقليل التوتر مع الولايات المتحدة خلال الأشهر الماضية، استعدادا لهذه الزيارة.