مؤتمر حوار الأديان بالنجف يوصي بتعميق روح التسامح

ارتياح مسيحي لنتائجه

TT

أصدر مؤتمر حوار الأديان الذي عقد في مدينة النجف خلال الأيام الثلاثة الماضية مجموعة من التوصيات في الجلسة الختامية للمؤتمر الذي شارك فيه أكثر من 100 شخصية ثقافية ودينية، بينها عدد كبير من علماء الشيعة والسنة وممثلو الطوائف المسيحية والأيزيدية، وكان الهدف من المؤتمر كما جاء في شعاره الذي حمل عنوان «حوار الأديان مصدر أساسي لاستقرار البلاد والعباد» هو تحقيق الوفاق الديني بين المكونات العراقية، وإدانة الجهات التي تقف وراء التهديدات الإرهابية وبث الفرقة والصراع الديني في العراق.

ولخص عضو الوفد الكردي في المؤتمر مريوان النقشبندي مدير عام المكتب الإعلامي لوزارة أوقاف كردستان تلك التوصيات لـ«الشرق الأوسط» بقوله إنها أكدت على «إعادة صياغة النظام التربوي بمدارس العراق بإضافة درس في الثقافة الدينية والتعايش السلمي بين مكوناته الدينية، وتكريس منابر المساجد والكنائس وجميع المراكز الدينية لإشاعة روح التسامح والقبول بالآخر، وعدم السماح لاستغلال تلك المنابر لبث الفرقة وتشجيع العنف والإرهاب، ودعوة الحكومة العراقية للإسراع بوضع خطط وإجراءات حماية أرواح وممتلكات الطوائف والأديان غير الإسلامية، وتوفير حرية ممارسة طقوسهم وشعائرهم الدينية، وحث وسائل الإعلام بقنواتها كافة لتوجيه رسائلها الإعلامية باتجاه تعميق روح التعايش الإنساني ورفض التكفير وبث الفرقة بين أبناء الطوائف الدينية، وفتح دورات للتثقيف الديني في جميع أرجاء العراق، وتأسيس منظمات ومؤسسات مشتركة للتنسيق والتعاون بين المراكز الدينية المختلفة والقيام بفعاليات مشتركة لتثبيت علاقات الأخوة والتعايش».

وكشف النقشبندي عن أن المؤتمر «كان بشكل عام ناجحا في تحقيق أهدافه لتهدئة الموقف بين المكونات الدينية، حيث قدمت 12 بحثا أكاديميا للمؤتمر ضمت عدة محاور أساسية تتعلق بالعلاقات بين تلك المكونات وحقوقها القانونية والدستورية، وشهدت قاعات المؤتمر نقاشات إيجابية بين المؤتمرين وصلت في بعض الأحيان إلى حد الخلافات والمواجهات بين المثقفين، ولكن في إطار المناقشة العلمية والأدبية الهادئة، ساهمت في إثراء محاور المؤتمر».

من جهته، رحب خالد جمال ألبير مدير عام شؤون المسيحيين في حكومة إقليم كردستان وعضو الوفد الكردي، بالنتائج التي تمخض عنها المؤتمر، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «النتائج كانت إيجابية جدا، ولمسنا من أعضاء المؤتمر تفهما واضحا لمعاناة المسيحيين في العراق، وسعيهم لإشاعة روح الأخوة والوفاق والتعايش السلمي بين جميع المكونات الدينية في العراق، وقد شاركنا نحن أعضاء الوفد الكردي بدور كبير في ذلك المؤتمر، وساهمنا بصياغة أربع توصيات من مجموع سبع توصيات خرج بها المؤتمر، مما يؤكد فاعلية الدور الكردي على قرارات المؤتمر».

وحول موقف المؤتمر والمشاركين فيه من الهجمات والتهديدات التي تواجه المسيحيين في العراق، وما إذا كان هناك دعم تلقوه من المؤتمر ورجال الدين المشاركين فيه، قال ألبير: «نعم، كانت هناك جهود كبيرة بذلت من قبل العديد من الأطراف المشاركة والممثلة للأديان المختلفة في العراق لتعرية مواقف بعض الأطراف المعادية للمكون المسيحي، حيث شارك أحد قساوسة كنيسة (سيدة نجاة) التي تعرضت لأبشع عملية إرهابية قبل فترة في بغداد، الذي أكد بوضوح أن المسيحيين يبرئون الدين الإسلامي من تلك الاعتداءات الغاشمة التي لم تقتصر على المسيحيين العراقيين فحسب، بل تطال جميع العراقيين؛ مسلمين ومسيحيين ومكونات أخرى، وتستهدف أيضا المذهبين الإسلاميين السنة والشيعة، وهذا دليل واضح على أن استهداف المسيحيين في العراق هو جز من مخطط أكبر لإيذاء العراق ومحاربة أبنائه من مختلف اتجاهاتهم الدينية والمذهبية، وكانت رسالة قس (كنيسة النجاة) للعالم واضحة من حيث تبرئة الإسلام من ممارسات بعض المحسوبين عليه الذين يستغلون الدين مطية لتنفيذ مآربهم الإجرامية».

وكشف ألبير أنه «تم الاتفاق بين أعضاء المؤتمر والشخصيات التي حضرته من كبار علماء الحوزة والوقفين السني والشيعي على عقد مؤتمر أوسع بحضور أكثر من ألف شخصية عراقية وعربية وعالمية والمؤمل عقده في النجف عام 2012».