الرئيس الصيني يلتقي قادة الكونغرس ويؤكد التزام بلاده بالتعاون مع واشنطن

اتفاقات سياسية واقتصادية وثقافية تفتح صفحة جديدة في العلاقات الأميركية - الصينية

قادة الكونغرس خلال استقبالهم الرئيس الصيني في الكابيتول هيل أمس (أ.ف.ب)
TT

أنهى الرئيس الصيني هو جينتاو زيارته إلى واشنطن أمس بعد 3 أيام من اللقاءات مع كبار المسؤولين الأميركيين وتوقيع اتفاقات مع الولايات المتحدة تمهد لمرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين. وتوجه الرئيس الصيني إلى شيكاغو، عصر أمس، حيث ينهي زيارة الدولة إلى الولايات المتحدة الأولى له منذ تولي باراك أوباما الرئاسة الأميركية.

وبعد أن قضى هو مساء يومي الثلاثاء والأربعاء مع نظيره الأميركي باراك أوباما، خصص يوم أمس للقاء قادة الكونغرس حاملا رسالة واضحة بالتزام بلاده بالتعاون مع واشنطن في قضايا سياسية واستراتيجية واقتصادية مهمة. وبينما كانت اللقاءات مغلقة بين القادة، سربت مصادر في الكونغرس أن الأجواء كانت متوترة بعض الشيء، بالمقارنة مع الأجواء الإيجابية من لقاء هو مع أوباما وقادة الشركات الأميركية. وأثار النواب الأميركيون قضايا مثل حقوق الإنسان في الصين وفتح مجالات أوسع للشركات الأميركية بالعمل في الصين ورفع القيود عنها بالإضافة إلى منع التلاعب بالعملات.

وبدأ الرئيس الصيني زيارته إلى الكونغرس بلقاء أعضاء بارزين من مجلس النواب الأميركي، على رأسهم رئيس مجلس النواب جون بينر. ووصف عضو مجلس النواب هاورد بيرمان اللقاء الذي استمر ساعة، بأنه كان «وديا جدا ولكنه كان مباشرا جدا».

وأوضح بينر في بيان صدر من مكتبه بعد اللقاء أن النقاش شمل ضرورة حماية الملكية الفكرية بالإضافة إلى بحث الملف الكوري الشمالي وضرورة وقف تحركات بيونغ يانغ الاستفزازية. وأضاف البيان أن النواب الأميركيين «أثاروا قلقنا الشديد من التقارير حول انتهاكات حقوق الإنسان في الصين بما فيها منع الحريات الدينية».

وبعد اجتماعه بعدد من أعضاء مجلس النواب الأميركي، التقى هو رئيس الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور هاري ريد وعددا من أعضاء لجنة العلاقات الخارجية التابع لمجلس الشيوخ، منهم رئيس اللجنة جون كيري وعضو اللجنة الأقدم السيناتور الجمهوري ريتشارد لوغر.

وكانت هناك مخاوف أميركية من أن تبعات تصريحات أدلى بها السيناتور هاري ريد قبل يومين على لقائه الرئيس الصيني. فكان ريد الذي رفض حضور حفل العشاء على شرف هو في البيت الأبيض، قد وصف هو بأنه «ديكتاتور» وانتقد سياسات نظامه في مقابلة مع قناة تلفزيونية محلية في «لاس فيغاس». إلا أن ريد أعلن في الوقت نفسه أنه سيلتقي هو خلال جولة الرئيس في الكونغرس الأميركي، وأنه ربما كان من الأفضل ألا يستخدم كلمة «ديكتاتور» لوصف الرئيس الصيني.

وبينما شدد هو خلال زيارته إلى الكونغرس على مجالات التعاون مع الولايات المتحدة، كانت مشاوراته مع الرئيس الأميركي الأكثر تأثيرا في وضع مسار للعلاقات بين البلدين مستقبلا. وأعلن عن سلسلة من الاتفاقات التي تم التوقيع عليها خلال اجتماعات مسؤولين البلدين، منها إنشاء «مركز نموذجي» في الصين لدعم الأمن النووي وحماية المواقع النووية وبدء المفاوضات حول إطلاق «مبادرة المدن النظيفة الأميركية – الصينية» وتوسيع «الاتفاق الأميركي – الصيني للتعاون في العلوم والتكنولوجية» لتشمل التعاون في مجالات جديدة مثل الزراعة والصحة والتقنيات الجديدة.

وفي بيان مشترك، صدر مساء أول من أمس، حدد الرئيسان الأميركي والصيني المسار المستقبلي للعلاقات بين البلدين. وشمل البيان 41 فقرة لإعادة التأكيد على التعاون للأمن والاستقرار الدولي، بالإضافة إلى «إعادة التأكيد على احترام سيادة البلدين وسيادة أراضيهما»، بناء على طلب صيني. وتشير هذه العبارة إلى تايوان التي تدعمها واشنطن.

وقام هو بزيارة الكونغرس قبل التوجه إلى غداء عمل مع «مجلس الأعمال الأميركي – الصيني» الذي يهدف إلى تطوير العلاقات بين القطاع الخاص في البلدين. وبينما كان الحيز الاقتصادي الأهم وفي خطاب أمام أعضاء «مجلس الأعمال الأميركي – الصيني»، قال وزير التجارة الأميركية من أصول صينية غراي لوك: «العلاقة التجارية الثنائية بين بلدينا الأهم في العالم». وأضاف: «من المهم أن الصين والولايات تتعاونان بناء على الانفتاح واحترام سيادة القانون، كي تسير المنتجات والأفكار والأعمال بين الحدود وبحرية».

وألقى هو خطابا أمام «مجلس الأعمال الأميركي – الصيني» جدد فيه حرصه على «الصداقة» بين البلدين وضرورة «المزيد من الحوار والتبادل» بين قطاعات مختلفة مثل الإعلام والتعليم والدوائر التشريعية. وأضاف أن هناك عنصرا أساسيا للتعاون بينهما وهو «التعامل باحترام متبادل وبالمثل». ووجه هو كلامه مباشرة للأطراف الأميركية المطالبة بحماية حقوق الإنسان في الصين، خاصة في التبت وتايوان، معتبرا أن «هذه قضايا تمس السيادة الوطنية وهي قضايا تثير عواطف 1.3 مليار صيني».

وشهدت واشنطن خلال اليومين الماضيين عددا من المظاهرات ضد هو، خاصة من الأقليات مثل أبناء التبت والإيغور. وعلى الرغم من السماح للمتظاهرين بإلقاء الهتافات والتجمع أمام البيت الأبيض خلال اليومين الماضيين، طوقت المنطقة قبل حفل العشاء الرسمي على شرف الرئيس الصيني مساء أول من أمس. وتوجه هو إلى مدينة شيكاغو، حيث سيلتقي عددا من رؤساء كبرى الشركات ضمن العمل على تقوية العلاقات التجارية بين البلدين.