قطر وتركيا توقفان مساعيهما في لبنان بسبب التحفظات

قمة قطرية ـ سورية تدعو إلى منع تفاقم الوضع.. وأوغلو: حان الوقت لتبدأ الأطراف اللبنانية في التفكير

الرئيس السوري بشار الأسد مع أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في دمشق أمس (رويترز)
TT

أعلن رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، ووزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، وقف مساعيهما لحل الأزمة السياسية اللبنانية قبل مغادرتهما بيروت فجر أمس.

وذكر بيان أصدره الشيخ حمد والوزير داود أوغلو قبيل مغادرتهما بيروت أن مساعيهما في العاصمة اللبنانية جاءت بناء على الاجتماع الثلاثي السوري - التركي - القطري الذي عقد في دمشق مؤخرا والذي اتفق فيه على إرسالهما إلى بيروت «لمواصلة الجهود مع الأطراف اللبنانية على أساس الورقة السعودية - السورية». وأضاف البيان أن الشيخ حمد والوزير التركي صرحا بأنه خلال مساعيهما «تمت صياغة ورقة تأخذ بالاعتبار المتطلبات السياسية والقانونية لحل الأزمة الحالية في لبنان على أساس الورقة السعودية - السورية». وتابع البيان أنه «بسبب بعض التحفظات قررا (الشيخ حمد والوزير داود أوغلو) التوقف عن مساعيهما في لبنان في هذا الوقت ومغادرة بيروت من أجل التشاور مع قيادتيهما». لم يشر البيان إلى طبيعة هذه التحفظات. كان رئيس الوزراء القطري ووزير خارجية تركيا قد أجريا، خلال اليومين الماضيين، مباحثات مع المسؤولين اللبنانيين في محاولة لإيجاد حل للأزمة السياسية اللبنانية. وأعلن الوزيران قبل مغادرتهما في بيان مقتضب أنه «من خلال مساعيهما، تمت صياغة ورقة تأخذ بالاعتبار المتطلبات السياسية والقانونية لحل الأزمة الحالية في لبنان على أساس الورقة السعودية - السورية».

وأضاف البيان «لكن، بسبب بعض التحفظات قررا التوقف عن مساعيهما في لبنان في هذا الوقت، ومغادرة بيروت من أجل التشاور مع قيادتيهما». ولم يعط البيان تفاصيل عن مضمون الورقة، إلا أن مصادر سياسية متطابقة أفادت بأن الأفكار المتداولة خلال المحادثات مع الوزيرين القطري والتركي لم تختلف كثيرا عن تلك التي كان يجري العمل عليها من خلال الوساطة السعودية - السورية.

وفي وقت لاحق، دعا وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو الخميس مختلف الفرقاء اللبنانيين إلى التحلي بـ«التعقل»، لتفادي انزلاق لبنان إلى اضطرابات جديدة، مؤكدا استعداد تركيا لاستئناف وساطتها إذا تطلب الأمر ذلك.

وقال الوزير التركي في إسطنبول «أريد أن أوجه نداء إلى كل القوى الموجودة في لبنان: لقد عاش الشعب اللبناني اختبارات رهيبة خلال الأعوام الثلاثين الماضية، ينبغي هذه المرة أن يسود التعقل! وأن تنتصر دولة القانون والديمقراطية».

وأعلن وزيرا الخارجية القطري والتركي تعليق مسعاهما الهادف إلى إيجاد حل للأزمة المتفاقمة في لبنان مؤقتا، وذلك بعد يومين من المحادثات المكثفة مع الأطراف المختلفة. وردا على أسئلة الصحافيين خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قال داود أوغلو: «سلمنا الأطراف مشروع ورقة معتقدين أنها تأخذ هواجس مختلف الأطراف في الاعتبار». وأضاف: «بعدما لاحظنا أنه يبقى هناك تحفظات، ليس عن ورقتنا بل عن العملية نفسها، عدنا إلى بلدينا». لكن الوزير التركي أبدى استعداده لاستئناف وساطته إذا أبدى مختلف الفرقاء اللبنانيين مزيدا من الاستعداد للتفاوض. وقال: «إذا أعادوا تقييم موقفهم أو تقدموا باقتراحات جديدة، فإننا مستعدون في أي وقت لاستئناف جهودنا إلى جانب أصدقائنا وإخواننا اللبنانيين من أجل استقرار هذا البلد». وتدارك: «ولكن، إضافة إلى جهودنا، حان الوقت ليبدأ الأطراف اللبنانيون بالتفكير».

وكان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، كشف الأحد أن أبرز عناوين المسعى السعودي - السوري تناول ثلاث نقاط تتمثل في: سحب القضاة اللبنانيين من المحكمة الخاصة بلبنان، ووقف المساهمة اللبنانية في تمويل المحكمة، وإلغاء مذكرة التفاهم الموقعة بين لبنان والمحكمة والتي تنظم التعاون بين الجانبين.

وأكد مسؤول قريب من الحريري لوكالة الصحافة الفرنسية، أن النقاط المطلوبة في المقابل من حزب الله بموجب المسعى السعودي - السوري والقطري – التركي، وهي تشدد على ضرورة تقديم ضمانات بعدم استخدام سلاح حزب الله في الداخل، وتفعيل عمل مؤسسات الدولة المشلولة منذ أشهر.

وذكرت الصحف الصادرة أمس أن الوزيرين القطري والتركي كانا ينتظران ليلا ردا من حزب الله على ورقتهما لم تعرف ماهيته. وقال مصدر دبلوماسي عربي إن الوزيرين اجتمعا بسعد الحريري نحو الثالثة فجرا (1.00 ت غ) قبل مغادرتهما لبنان.

ورأى النائب عاطف مجدلاني من تكتل «لبنان أولا» النيابي برئاسة الحريري، أن عدم إعطاء حزب الله جوابا على المسعى التركي - القطري «يعني أن الحزب قرر استكمال العملية الانقلابية التي بدأها (الأسبوع الماضي باستقالة الوزراء من الحكومة».

وأضاف أن «حزب الله سيلجأ إلى حركة أمنية عسكرية هي بمثابة انقلاب على السلطة تحت شعار رفض المحكمة الدولية وطلب استسلام سعد الحريري عن طريق تلبية مطالب حزب الله المتعلقة بالمحكمة». واتهم مجدلاني حزب الله بعدم التجاوب مع مساعي الحل، مشيرا إلى أن الحريري أعلن أنه «سينفذ التزاماته عندما يتجاوب الفريق الآخر». وامتنع مسؤولون في حزب الله، ردا على أسئلة وكالة الصحافة الفرنسية، التعليق على أي من تطورات الساعات الأخيرة.

وكان تلفزيون «المنار» أورد مساء الأربعاء أن نصر الله أكد خلال اجتماع مع الوزيرين القطري والتركي أن لقوى «8 آذار» (حزب الله وحلفاؤه) «مقاربتها الجديدة بعد تسليم القرار الاتهامي (في اغتيال الحريري)، وأن ما كان مطروحا قبل القرار لم يعد قابلا للتطبيق الآن»، واعدا «بدراسة الأفكار (التركية - القطرية) قبل... اتخاذ القرار المناسب». وازدادت المخاوف من حصول تحركات أمنية على الأرض بعد تسليم مدعي المحكمة الخاصة بلبنان دانيال بلمار القرار الظني في اغتيال رفيق الحريري الاثنين إلى قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين، لدراسته قبل المصادقة عليه. ويتوقع حزب الله أن يتم توجيه الاتهام إليه في الجريمة.

وفي وقت لاحق دعا الجانبان السوري والقطري إلى المحافظة على استقرار لبنان ومنع تفاقم الأوضاع فيه، وجاء ذلك خلال زيارة قام بها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر إلى دمشق بعد ظهر أمس حيث التقى الرئيس السوري بشار الأسد وبحث معه الوضع في لبنان في «ظل تعثر المساعي الرامية إلى الحل». وأكد الجانبان على أهمية «الاستقرار والأمن ومنع تفاقم الأوضاع في لبنان» ولم ترشح أي تفاصيل أخرى حول زيارة أمير قطر إلى دمشق، التي جاءت بعد ساعات من إعلان وزيري خارجية قطر وتركية تعليق مساعيهما في لبنان، سوى بيان رسمي مقتضب قال إن اللقاء تركز حول «العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات التي تشهدها المنطقة وخصوصا في لبنان في ظل تعثر المساعي الرامية إلى الحل» حيث أكد الجانبان على أهمية «الاستقرار والأمن ومنع تفاقم الأوضاع في لبنان».

وتعد هذه الزيارة هي الثانية لأمير قطر إلى دمشق خلال أسبوع، فقد شارك في اجتماع سوري - تركي - قطري عقد الاثنين الماضي بحث الوضع في لبنان وأكد على المساعي السورية السعودية لإيجاد حل للأزمة في لبنان، قام بعدها وزير الخارجية التركي والقطري بزيارة إلى لبنان إلا أن المملكة العربية السعودية أعلنت رفع يدها عن الملف اللبناني، ليعلن بعدها وزيرا الخارجية التركي والقطري وقف مساعيهما