رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان: عاينت بنفسي إطلاق النار على تونسيين عزل

أمينة بوعياش لـ«الشرق الأوسط»: الحزب الحاكم في تونس لا يزال يسيطر على كل شيء

أمينة بوعياش («الشرق الأوسط»)
TT

قالت ناشطة حقوقية مغربية إنها عاينت بنفسها إطلاق الرصاص من طرف «ميليشيات مسلحة» على مواطنين تونسيين، وأشارت إلى أن الحرس الرئاسي بتونس لا يزال يتوفر على عدد من الأسلحة يستعملها في صراعه مع المواطنين والجيش. وقالت أمينة بوعياش، رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، التي عادت للتو من زيارة إلى تونس دامت بضعة أيام، إن شهادات مصدرها تونسيون أكدت إطلاق الميليشيات النار على مواطنين عزل. وأشارت بوعياش في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن عددا من الشباب كانوا يسهرون على حماية الأمن في جميع المداخل الرئيسية للأحياء، وهو ما اعتبرته بمثابة فكرة جديدة تكرس حماية التغيير الذي حدث في تونس. وقالت بوعياش إن تغيير النظام السياسي في تونس لن يكون سهلا لأن الإدارة والآليات المؤسساتية يسيطر عليها أعضاء الحزب الحاكم السابق، وهذه الآليات الإدارية والمؤسساتية هي التي تتخذ القرار، وبالتالي لا يوجد حل أمام الفاعلين الحقوقيين والسياسيين في تونس سوى تطبيق الشعار الرئيسي للمظاهرات السلمية للمواطنين التونسيين لتغيير النظام.

وقالت بوعياش إنها طالبت باسم المنظمة المغربية لحقوق الإنسان السلطات التونسية بإيقاف استعمال الرصاص الحي وكل أشكال العنف ضد الاحتجاجات المتواصلة بما يضمن الحق في الحياة والسلامة الجسمانية، وكذا احترام حرية التظاهر السلمي، مشيرة إلى أنه خلال زيارتها لتونس عاينت إطلاق الرصاص الحي تجاه المتظاهرين، وكان تخوفها الكبير هو المس بالحق في الحياة كحق أساسي تفاديا لارتفاع عدد الوفيات. وقالت بوعياش إن الاحتجاجات في تونس لم تكن احتجاجات لأسباب اقتصادية واجتماعية فقط ولكن للمطالبة بالحريات العامة، لأن من أهم مطالب المتظاهرين هو الاستماع إلى رأيهم.

واعتبرت بوعياش أن التعبئة التي حصلت في تونس جديدة على العالم العربي، وحتى على المستوى الدولي، موضحة أن التكنولوجيا الحديثة كانت هي آلية التعبئة والتواصل والنقاش وبلورة الشعارات وتحديد مواعيد المظاهرات. وقالت إن هذه التكنولوجيا اليوم ليست فقط ثورة رقمية وإنما أيضا ثورة سياسية واجتماعية واقتصادية وحقوقية، مضيفة أن المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تشتغل على التكنولوجيا الحديثة في الدفاع والنهوض بحقوق الإنسان، وأوضحت قائلة: «النموذج التونسي كان مهما بالنسبة لنا في متابعتنا لهذه الفكرة الأساسية، التي أطلقت حولها المنظمة نقاشا وستعود إليها خلال أبريل (نيسان) المقبل في دورة تكوينية، حسب خطة عملها السنوية خلال هذه السنة».

وتعتبر المنظمة المغربية لحقوق الإنسان من المنظمات التي لها علاقات قوية جدا مع المدافعين عن حقوق الإنسان في تونس، وتدخلت في عدد من الحالات التي تعرضت للانتهاك أو للاعتقال أو الضرب والجرح، كما قامت بملاحظة عدد من المحاكمات، سواء تلك التي لها علاقة بالصحافة أو التعذيب أو بالاعتقال التعسفي، وبالتالي فإن هذه المتابعة التي كانت مستمرة لمدة طويلة خلقت أجواء من التعاون القوي والمتواصل بن المنظمة المغربية والمدافعين عن حقوق الإنسان في تونس بكل انتماءاتهم.

وأضافت بوعياش أن النقاش السائد لدى المدافعين عن حقوق الإنسان في تونس هو أن المعارضة والحقوقيين نجحوا في تشكيل ثلاث لجان رئيسية: لجنة الإصلاح السياسي، ولجنة تقصي الحقائق في ما جرى من أحداث، ولجنة التحقق في قضايا الرشوة والفساد الاقتصادي، معتبرة أن هذه اللجان الثلاث أساسية في تداخلها وفي تحليلها وتقديمها لما جرى في تونس من أحداث وإصلاحات سياسية، وبالتالي تقول بوعياش: «الفاعلون السياسيون والحقوقيون والمواطنون، الكل يتفق على أن محيط الرئيس السابق زين العابدين بن على كان يسيطر على القطاعات الحيوية والاقتصادية في تونس وأحيانا يأخذها عنوة من المواطنين، وما اكتشفناه في تونس هو أن هناك عددا من السيارات الفارهة تتجول من دون ترقيم في معظم الشوارع موقوفة أو مهشمة، وهي سيارات، حسب ما ذكره مواطنون، كان يستعملها إما أعضاء الحرس الرئاسي أو أعضاء من عائلة الرئيس من لهم صلاحية التنقل في سيارات فارهة دون تأدية الجمارك».

وأفادت بوعياش بأن زيارتها إلى تونس صادفت عودة عدد من المنفيين إلى بلدهم، وعلى رأسهم كمال جندوبي، رئيس الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، الذي لم يتمكن من الرجوع إلى بلده منذ عام 1994 . وذكرت بوعياش أنها التقت الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، وقالت في هذا الصدد إنها عاينت المظاهرات الاحتجاجية في تونس العاصمة، مشيرة إلى أنها حتى آخر يوم قبل عودتها إلى المغرب، كانت هناك احتجاجات على الحكومة التي تشكلت مؤخرا، كما تابعت مواقف عدد من الأحزاب السياسية والنقابات بما فيها الاتحاد العام للشغل التونسي. وذكرت بوعياش أنها لم تطلب لقاءات مع المسؤولين لعدم التأكد ممن بيده أخد القرار. وفي إطار تقييم الوضع في تونس من منظور المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، أوضحت بوعياش أن السيطرة على الاقتصاد في تونس أخذ أشكالا غير قانونية، حيث عاينت المنظمة عددا من القصور التي تم إحراقها ونهبها، كانت في ملكية إما مسؤولين في الحرس الرئاسي أو من أقارب الرئيس، مما يفسر رد الفعل العنيف من قبل المواطنين. وخلصت بوعياش إلى ضرورة التفكير في آلية للعدالة الانتقالية في تونس.