الجفري لـ«الشرق الأوسط»: اليمن على حافة هاوية ويتجه إلى المجهول

حزب «رأي» اليمني يتقدم بمبادرة لتجاوز أزمات البلاد

يمنيتان تمران في أحد أسواق صنعاء حيث يجلس عدد من اليمنيين (رويترز)
TT

تقدم أحد الأحزاب اليمنية المعارضة، أمس، بمبادرة سياسية لاحتواء الأزمة الناشبة بين حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وأحزاب المعارضة المنضوية في إطار تكتل «اللقاء المشترك» بشأن التعديلات الدستورية والإصلاحات السياسية والقانونية والانتخابية، إضافة إلى الأزمات الأخرى مع الحراك الجنوبي والمتمردين الحوثيين في أقصى شمال البلاد.

وأعلن عبد الرحمن الجفري، رئيس حزب رابطة أبناء اليمن (رأي)، أحد أقدم الأحزاب اليمنية، مبادرة حزبه التي تتكون من 9 بنود، وأبرز ما تنص عليه هو تأجيل الانتخابات النيابية وتشكيل لجنة للحوار الوطني من كافة التيارات السياسية. وتضم، أيضا، ممثلين عن الحراك الجنوبي وجماعة الحوثي، وتقترح المبادرة إجراء الحوار بين الأطراف اليمنية خارج اليمن، ويقترح الحزب أن يجري الحوار في مقر مجلس التعاون الخليجي أو مقر الجامعة العربية أو مقر منظمة المؤتمر الإسلامي، كما تتضمن مبادرة «رأي»، بعد القيام ببعض الخطوات، تشكيل حكومة وحدة إجماع وطني تحضر لاستفتاء شعبي على ما سيتم التوصل إليه في لجنة الحوار الوطني، مثل التعديلات الدستورية وغيرها.

وجدد حزب رابطة أبناء اليمن (رأي)، في سياق تقديمه للمبادرة، دعوته إلى اعتماد نظام الفيدرالية في إطار «إعادة هيكلة الدولة»، وتقسيم البلد إلى إقليمين يتمتعان بوحدات حكم محلي كامل الصلاحيات، ويعتقد أن ذلك هو «الأساس لعلاج جذر كل المشكلات والأزمات بما فيها الإرهاب الذي يجد بيئة حاضنة في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية والمعيشية والفساد والفتن القبلية والمظالم والتمييز والإقصاء وكل هذه تتشكل وتنمو وتتفاعل في نظام الدولة البسيطة (المركزية)».

ووصف «رأي» اتفاق فبراير (شباط) 2009 الموقع بين حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وأحزاب المعارضة في «اللقاء المشترك» بأنه «اتفاق عموميات» ويعالج «جزءا من مظاهر الخلل في جزء من أدوات وآليات نظام الحكم وهي الانتخابات التي لن تحقق سوى إعادة إنتاج ما هو قائم بل وزيادة تفاقم الأزمات الملتهبة وإشعالها»، واعتبر أن التحجج بالخوف من وجود فراغ دستوري أو استحقاق انتخابي، مسألة «لا أساس لها». وقال إن الاتفاق المذكور «تجاوز الدستور وانتهكه ولا شرعية له وكان ذلك في سبيل اتفاق لا يحل أيا من الأزمات المستفحلة بل أدى إلى تفاقمها».

واعتبر الحزب اليمني الذي لا ينتمي إلى تكتل المعارضة، ويقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، إن جاز الوصف، أن الاتفاق على مبادرته وإنجاز الحوار الذي دعي إليه ومخرجاته ينتج «شرعية إجماع وطني على ضرورة الإصلاحات الجذرية، وأن رئيس الجمهورية ما زالت فترة رئاسته وصلاحياته الدستورية قائمة، فإن كانت هناك إرادة سياسية وجدية لإخراج الوطن من أزماته فيستطيع أن يتعامل بإيجابية مع هذا المشروع العملي والإيجابي وأن يتكئ على صلاحياته وعلى شرعية الإجماع الوطني على ضرورة الإصلاحات الجذرية وأهمية الشروع الفوري في حوار وطني جاد لا يستثني أحدا يؤسس لتلك الإصلاحات»، وأضاف أن قيادته تخشى من أن «يكون مشروعنا هذا هو الصرخة الأخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ولإيقاف التدهور والتمزق لا سمح الله».

وحذر عبد الرحمن الجفري من عدم التنبه لخطورة الوضع الراهن، وقال في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» حول إمكانية قبول الأطراف المعنية بمبادرتهم إنهم يراهنون «على أمرين، الأول وصول المنظومة السياسية بأكملها في السلطة والمعارضة وعلى رأسها الرئيس علي عبد الله صالح، إلى الإدراك الكامل بأن بلادنا على حافة الهاوية وأن لا مخرج لها إلا بإصلاح جذري شامل عبر حوار لا يستثني أحدا»، أما الرهان الآخر الذي طرحه السياسي اليمني المخضرم، بقوله: «إن لم نكن قد أدركنا جميعا هذا الأمر، فإننا نتجه إلى المجهول ولا تستطيع أية مساومات من قبل السلطة مع أي طرف لإجراء الانتخابات، أن تحل أية أزمة بل ستزيدها تعقيدا».

ونص اتفاق فبراير (شباط) 2009 بين الحزب الحاكم والمعارضة على تأجيل الانتخابات النيابية التي كانت مقررة في أبريل (نيسان) من نفس العام، لمدة عامين، والتمديد للبرلمان الحالي، على أن يجري حوار سياسي خلال العامين يفضي إلى إصلاحات سياسية وقانونية ودستورية واقتصادية وانتخابية، غير أن الحوار فشل، أكثر من مرة، والأخيرة الشهر الماضي، دعا بعدها حزب المؤتمر الحاكم إلى إجراء الانتخابات في أبريل المقبل ودفع بحزمة تعديلات دستورية إلى مجلس النواب (البرلمان) أهم ما تضمنته إلغاء المادة الخاصة بتحديد فترة الرئاسة، كما قام بتشكيل لجنة جديدة للانتخابات، وكانت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون قد قامت بدور الوساطة بين الطرفين خلال زيارتها مطلع الشهر الحالي إلى اليمن، والتقت بالرئيس صالح ومستشاريه والمعارضة، كل على حدة.