تجدد المظاهرات في الأردن ضد ارتفاع الأسعار.. والحكومة المصرية تتخذ إجراءات استباقية

رجال الشرطة يوزعون العصائر والمياه المعدنية على متظاهري عمان

أردني يرفع رغيف خبز للتعبير عن الغلاء والفقر في مظاهرة احتجاجية في العاصمة عمان أمس (إ.ب.أ)
TT

بينما اتخذت الحكومة المصرية إجراءات استباقية في مواجهة دعوات قوى المعارضة الناس للخروج إلى الشوارع في 25 يناير (كانون الثاني) الحالي، ومطالبة الرئيس حسني مبارك بتشكيل حكومة وحدة وطنية وحل البرلمان، تجددت أمس المظاهرات والمسيرات الاحتجاجية في عمان وعدد من المدن الرئيسية في الأردن ضد ارتفاع أسعار السلع الأساسية ومشتقات النفط، حيث طالب المتظاهرون برحيل الحكومة وحل مجلس النواب الأردني. وشارك آلاف الأردنيين في المظاهرات التي دعت إليها أحزاب المعارضة والنقابات في عمان ومدن اربد والزرقاء شمالا والكرك، والطفيلة وذيبان بمحافظة مأدبا جنوبا. وردد المتظاهرون هتافات تطالب بتخفيض أسعار السلع الأساسية والضرائب المفروضة عليها والمشتقات النفطية ورحيل الحكومة الأردنية، منها «ارفع في سعر البنزين وعبي جيوبك بالملايين» و«ع المكشوف ع المكشوف.. حكومة ما بدنا نشوف».

وانطلقت كبرى هذه المسيرات من أمام المسجد الحسيني الكبير في وسط عمان، بمشاركة نحو تسعة آلاف شخص، استقبلهم رجال الأمن الذين تجمهروا عند مداخل المنطقة بالمياه المعدنية والعصائر، في محاولة لتلطيف الأجواء المشحونة وترك انطباع إيجابي. لكن في الوقت نفسه عززت قوى الأمن وجودها في محيط مسجد الكالوتي بمنطقة الرابية، القريب من مقر السفارة الإسرائيلية. وشاركت في المسيرة الحركة الإسلامية وحزب الجبهة الوطنية الموحدة والتيار اليساري، في حين ظهر تجمع أنصار كل منها على حدة.

وفي مدينة اربد، انطلقت مسيرة من أمام المسجد الهاشمي، طالب فيها المئات برحيل الحكومة. ومن ضمن الهتافات «من تونس لعمان باعوا الوطن بالمجان.. يا نواب يا نايمين سرقوا منا الملايين». ورغم ابتعاد الإسلاميين عن المشاركة في هذه المسيرة بسبب تركيزهم على مظاهرة العاصمة، فإن عددا كبيرا من أبناء المدينة شارك في المسيرات.. وتحدث النائب السابق صلاح الزعبي، مطالبا برحيل الحكومة والحفاظ على مقدرات الوطن.

وخرج آلاف المواطنين من أمام مسجد العمري في مدن الكرك والطفيلة والزرقاء، وطالب المتظاهرون برحيل الحكومة، ورفعت لافتات كتب عليها «لا لحكومة تستقوي على قوت المواطن» و«تحقيق العدالة بين المواطنين ضرورة وطنية».

وكانت الحكومة الأردنية قد اتخذت سلسلة من الإجراءات في الأيام القليلة الماضية، شملت خفض أسعار عدد من السلع الأساسية والضرائب على المشتقات النفطية بواقع 6%، وتقديم دعم للسلع الرئيسية بما يعادل 20 مليون دينار، كما قررت الحكومة أمس زيادة رواتب كل الموظفين والمتقاعدين والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية بواقع 20 دينارا (ما يعادل 28 دولارا)، وثبتت أسعار الكهرباء والمياه ولم ترفعها. وتعهدت الحكومة بعدم فرض ضرائب جديدة على المواطنين.

وفي القاهرة، سارعت الحكومة المصرية بالتعامل مع أعراض احتقان ظهرت على السطح خلال الأيام القليلة الماضية، حيث تم تعيين نحو 800 خريج في كلية هندسة البترول والتعدين وأقسامها في الجامعات الأخرى كانوا قد تظاهروا احتجاجا على عدم تعيينهم في شركات قطاع البترول، كما أعلنت عن تثبيت ألفين آخرين خلال الأيام المقبلة.

وتراجعت وزارة التعليم العالي والدولة للبحث العلمي عن إصدار قرار بإلغاء «درجات الرأفة» بالجامعات، وأعلنت السماح للمنتقبات بتأدية الامتحانات لتنهي فجأة جدلا استمر لسنوات. وسارع الدكتور أحمد زكي بدر، وزير التربية والتعليم، إلى صرف مكافأة للعاملين بالهيئة العامة للأبنية التعليمية، التابعة للوزارة، قيمتها 4 أشهر ونصف الشهر لكل موظف، بعدما تظاهروا قبل يومين مطالبين بتعديل قيمة مكافآتهم، كما أرجأت الحكومة المصرية خططها لرفع الأسعار وإعادة هيكلة الدعم.

في المقابل، استنفرت القوى السياسية في البلاد، ففي تطور لافت في نهجها السياسي تجاه النظام المصري، دعت جماعة الإخوان المسلمين القوى السياسية في البلاد لاستثمار «الغضب الشعبي» ضد الحكومة، وطالبت بتشكيل حكومة وحدة وطنية وحل البرلمان وتعديل الدستور وإلغاء الطوارئ. وقالت في بيان لها «إذا لم يتحرك هذا النظام بسرعة لبدء إصلاح جاد فإن كفة الاستقرار لن تدوم طويلا»، واعتبرت الجماعة أن ذلك خطوة ضمن خطوات تالية، مؤكدة أنها تتعامل مع الأمر بجدية، وليس «ذرا للرماد في العيون»، في مرحلة وصفتها بـ«الحرجة والدقيقة».

من جانبه، أوضح المتحدث الإعلامي باسم الإخوان، الدكتور محمد مرسي، أنه لا بد من تصحيح معنى الإصلاح كما يفهمه «الإخوان»، وقال «الإصلاح لا يعني التراخي أو التسويف، وإنما التغيير عبر حركة سليمة ضاغطة». وأشار مرسي إلى أن الجماعة في خطوة أولى أصدرت بيانا ترحب فيه بتحرك الشعب التونسي وتحذر من الفوضى إن لم تتم الاستجابة لمطالب الشعوب. وقال «يجب أن يكون معلوما أن الجماعة تأخذ الأمر بجدية، وبياننا ليس ذرا للرماد في العيون».

وكشف الدكتور عصام العريان، عضو مكتب الإرشاد الجماعة، عن أن «مكتب الإرشاد طالب المكاتب الإدارية بالمحافظات بوضع تصور لما يمكن عمله من أجل الاستفادة مما حدث في تونس»، من دون أن يستبعد اللجوء إلى الشارع، مطالبا القوى السياسية بالاستعداد من أجل توظيف «غضب الشارع المصري».

ودعت قوى معارضة في مصر إلى إعلان يوم 25 يناير الحالي يوم غضب شعبي، وهو اليوم الذي تحتفل فيه الشرطة بعيدها، ورفعوا شعار «فعلتها تونس في 15 يناير وسنفعلها في 25 يناير»، في إشارة لتدشين حركة احتجاج ضد نظام الحكم في البلاد.

وقال أمين اسكندر، وكيل مؤسسي حزب الكرامة المعارض «تحت التأسيس»، إحدى القوى الداعية للاحتجاج، إنه من المقرر أن تخرج المظاهرات في عدد من المحافظات المصرية، رافعة مطالب محددة هي «حل البرلمان والمجالس المحلية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة تضع دستورا جديدا تجرى بموجبه انتخابات الرئاسة في البلاد».