باكستان: ثغرات في أجهزة الشرطة سهلت اغتيال حاكم البنجاب

القاتل قدري لم يخضع لاختبار نفسي أو تقييم أمني.. وتطرفه الديني كان معروفا للجميع

TT

حدد محققون باكستانيون بعض أوجه القصور الخطيرة التي شابت الإجراءات الأمنية المقدمة لحاكم ولاية البنجاب، سلمان تيسير، الذي اغتيل أوائل الشهر الحالي على يد حارسه الشخصي الذي وفرته له الشرطة.

وقال مسؤول بارز في جهاز الشرطة الباكستانية لـ«الشرق الأوسط»، إن قانون الشرطة يلزم جهاز الشرطة إخضاع الحراس الأمنيين المكلفين حراسة الشخصيات الحكومية الهامة إلى تقييم نفسي في حال ظهور موقف أمني غير عادي في المجتمع.

هذه التقييمات النفسية والأمنية تكون إلزامية أيضا في حال مواجهة أي من الأعضاء البارزين في الحكومة أي تهديدات أمنية من أي اتجاه.

وقد أوكلت الحكومة إلى المفتش العام للشرطة، ناصر خان نوراني، مهمة تحديد الثغرات وأوجه القصور التي شابت الإجراءات الأمنية التي اتبعت في حماية تيسير. وسينصب التركيز الرئيس للجنة التحقيق على الأسباب وراء عدم إجراء تقييم أمني جديد للحراس الأمنيين لتيسير، في الوقت الذي كان واضحا فيه للجميع أنه يواجه مخاطر أمنية إثر التهديدات التي تلقاها من رجال الدين ذوي خلفيات مختلفة. وقال مسؤول بارز في الشرطة: «سنحاول الإجابة عن كل هذه الأسئلة».

ولد ممتاز قدري، البالغ من العمر 26 عاما، في مدينة روالبندي، وانضم إلى قوة شرطة البنجاب عام 2003، والتحق بقوات الشرطة النظامية في عام 2004 لينضم في ما بعد إلى الشعبة الخاصة لبعض الوقت قبل أن يعاد إلى القوات الشرطة النظامية لأسباب تأديبية.

تم اختيار قدري للتدريب في قوة الصفوة في عام 2007 قبل بدء عمله في حراسة الشخصيات الهامة في حكومة البنجاب. ويقول أحد المسؤولين البارزين في شرطة روالبندي، والمطلع على السجل الشخصي والمهني لممتاز قدري، إنه كان يخضع لفحوص طبية دورية منذ التحاقه بقوة الشرطة، وقد أجرت الشعبة الخاصة تحريات عن خلفية عائلته قبل انضمامه إليها. وقال مسؤول بارز في مدينة روالبندي: «هذا ما تظهره سجلاته».

لكن الحقيقة أن ممتاز قدري لم يخضع لاختبار نفسي أو أي عملية تقييم أمني، وأن ميوله الدينية التي كانت معروفة للجميع داخل قوة الشرطة لم تحرك أيا من مسؤوليها للقيام بعملية تقييم أمني جديدة، ولا تظهر سجلاته الشخصية أنه ثبت أنه غير صالح لحراسة الشخصيات الهامة للغاية نتيجة لتوجهاته الدينية المتشددة.

الحقيقة أيضا أنه من الشائع جدا في سلك الشرطة أن يوجد مجندون لهم انتماءات دينية أو يرتبطون بمجموعة دينية أخرى.

إلى ذلك، في أعقاب مقتل الحاكم تيسير غمر الصحف الباكستانية والمنابر الإخبارية الإلكترونية طوفان من التقارير التي تتحدث عن وثيقة سرية للشعبة الخاصة تعلن أن ممتاز قدري غير صالح لحراسة الشخصيات بالغة الأهمية. واعترف مسؤولون بارزون في الشرطة أنه لا يوجد تقرير كهذا أعدته الشعبة الخاصة يشير إلى أن 11 فردا من العاملين في الشعبة الخاصة، ومن بينهم ممتاز قدري، لا يصلحون لحراسة الشخصيات بالغة الأهمية لأنهم يحملون آراء دينية متشددة. بيد أن المشكلة الرئيسية هي أنه لا يوجد نظام داخل الشرطة لاستيعاب مثل هذه المعلومات الهامة وتطبيق نتائجها بصورة يومية على مهام الأمن والشرطة. ويقول رشيد رانا، مسؤول الشعبة الخاصة المتقاعد في قوة شرطة البنجاب: «مكتب مدير الشرطة الإقليمية يقوم بحفظ التقارير الشخصية للأفراد الذين يقومون بمهام حساسة، لكن النقطة الأهم التي ينبغي النظر إليها في دراسة مثل هذا الموقف هو أن هذه السجلات غير متوافرة للأفراد الذين يقومون بعملية تقييم يومية لأفراد الأمن».

المثير للمفارقة أن سلطات الشرطة في روالبندي بدأت في الاعتراف الآن بأن تقرير الشعبة الخاصة كان يحتوي على تحذير بشأن ممتاز قدري لم يسلم إلى السلطات المعنية، لأنه أرسل إلى عنوان بريدي خاطئ. لا توجد مناطق واضحة للمسؤولية في نظام الشرطة يمكن من خلالها إلقاء المسؤولية على شخص بعينه بعدم إخضاع المشتبه فيهم إلى عمليه تدقيق أمني جديدة. فعلى سبيل المثال وصل خطاب في نوفمبر (تشرين الثاني) من شعبة البنجاب الخاصة إلى مسؤول قوة الشرطة الإقليمية للقيام بعملية تقييم أمني جديدة لأفراد قوة شرطة النخبة في روالبندي، لكن الخطاب تم تجاهله. ويقول مسؤول الشرطة المتقاعد: «من الجلي أن المسؤولين تقع على عاتق مسؤول الشرطة في الإقليم، فقد كان المفترض به تلبية طلب الشعبة الخاصة». والسؤال الذي لم يجب عنه حتى الآن هو السبب في عدم قيام الشعبة الخاصة بإجراء مثل هذا التقييم الأمني ذاتيا إذا كان الموقف الأمني يتطلب مثل هذه المراجعة الأمنية الملحة.