باريس: عازمون على مواصلة عملنا مع حلفائنا لصالح الشعب الأفغاني

فرنسا ترفض الانصياع لمطلب زعيم «القاعدة» بالانسحاب من أفغانستان

TT

فتح، أمس، فصل جديد من فصول المواجهة المستمرة بين فرنسا وتنظيم القاعدة، مع رسالة التحذير الجديدة التي وجهها أسامة بن لادن إلى الرئيس نيكولا ساركوزي والشعب الفرنسي، وفيها يهدد باريس بقتل الرهائن الموجودين بحوزة التنظيم ما لم تنفذ مطلبا أساسيا وهو خروج القوات الفرنسية العاملة في أفغانستان والبالغ عددها نحو 3750 رجلا فضلا عن سرب من طائرات «رافال» ومدربين يساعدون على تأهيل الوحدات الأفغانية.

وفي رسالة صوتية بثتها قناة «الجزيرة» القطرية، أمس، حذر بن لادن الفرنسيين من أن «رفض رئيسكم الخروج من أفغانستان هو نتيجة لتبعيته لأميركا، وهو بمثابة الضوء الأخضر لقتل أسراكم فورا كي يتخلص من تداعيات قضيتهم. لكننا لن نفعل ذلك في الوقت الذي يحدده»، واستطرد بن لادن قائلا: «هذا سيكلفه وسيكلفكم غاليا على محاور شتى، داخل فرنسا وخارجها». وتتعامل باريس بجدية مع تهديدات زعيم «القاعدة» الذي سبق له في الماضي أن ربط بين الإفراج عن الرهائن الفرنسيين المحتجزين، ويبلغ عددهم 7 (صحافيان في أفغانستان اختطفا في ولاية كابيسا، شرق كابل، نهاية عام 2009، و5 رهائن اختطفوا في سبتمبر/ أيلول الماضي شمال النيجر)، والانسحاب الفرنسي من أفغانستان. وردا على ذلك، أعلن الرئيس الفرنسي أكثر من مرة رفض فرنسا الانصياع لمطالب «القاعدة»، حيث إنها «لا تقبل من أحد أن يملي عليها سياستها، وخصوصا إذا جاء ذلك من الإرهابيين». وتعود آخر «منازلة» بين باريس و«القاعدة» إلى السابع من يناير (كانون الثاني) الحالي، حيث عمدت مجموعة يعتقد أنها تنتمي إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي إلى اختطاف شابين فرنسيين من مطعم في نيامي، عاصمة النيجر. وقتل الشابان في اليوم التالي إبان عملية عسكرية قامت بها قوة كوماندوز فرنسية داخل حدود مالي بغرض إطلاق سراحهم بالقوة.

وقالت الخارجية الفرنسية، أمس، ردا على رسالة بن لادن إن فرنسا «عازمة على الاستمرار في العمل مع حلفائها لصالح الشعب الأفغاني». وأعلنت وزيرة الخارجية، ميشيل إليو ماري، التي كانت، أمس، في إسرائيل، إن بلادها «تعمل إلى جانب حلفائها (في أفغانستان) بناء على طلب من الأمم المتحدة بغرض مساعدة الشعب الأفغاني». وأردفت إليو ماري أن باريس «تعمل يوميا من أجل الإفراج عن الأسرى» الفرنسيين بينما قال برنار فاليرو، الناطق باسمها، إن كل أجهزة الدولة «معبأة» في باريس وميدانيا من أجل هذا الغرض. غير أن الخارجية الفرنسية لم توضح ما إذا كان كلام بن لادن يشير إلى الرهينتين الفرنسيين في أفغانستان، أم إلى الرهائن الـ7. لكن مصادر واسعة الاطلاع تعتبر أن زعيم «القاعدة» يشير إلى كل المختطفين الفرنسيين بالنظر إلى علاقة الولاء التي يدين بها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لابن لادن. وسبق لزعيمه أن أعلن الخريف الماضي أنه يتعين على باريس التفاوض مع بن لادن إذا كانت ترغب في إطلاق أسراها. وليست المرة الأولى التي تحمل فيها «القاعدة» السلطات الفرنسية المسؤولية عن احتمال قتل الرهائن، إذ إن حركة طالبان اتهمت قبل أيام باريس بـ«عدم الاكتراث» بمصير الصحافيين اللذين كانا يعملان لصالح «القناة الثالثة» في التلفزيون الفرنسي وخطفا مع مرافقيهما أثناء قيامهما بتصوير «ريبورتاج» في وادي كابيسا الواقع تحت مسؤولية القوة الفرنسية. وفي رسالة سابقة (27 أكتوبر/ تشرين الأول 2010)، ربط زعيم «القاعدة» بين تحرير الرهائن و«وقف اضطهاد» المسلمين في فرنسا، في إشارة إلى قانون منع ارتداء النقاب في الأماكن العامة، وإطلاق سراح الفرنسيين بالإضافة إلى الانسحاب من أفغانستان. وتأخذ باريس على محمل الجد تهديدات «القاعدة» بمستوييها الداخلي والخارجي. وخارجيا، تشكل بلدان ما يسمى «الساحل الأفريقي»، وهي: موريتانيا، ومالي، والنيجر، وتشاد، مكامن الخطر الحقيقي للمواطنين وللمصالح الفرنسية التي تتعرض بين الحين والآخر لعمليات إرهابية.