جلسة علنية للمحكمة الدولية في 7 فبراير تناقش سبل النظر بالقرار الاتهامي

مصدر بارز في المحكمة الدولية لـ«الشرق الأوسط»: فرانسين طلب إيضاحات لتحديد مفهوم الإرهاب والمؤامرة

TT

حدد رئيس المحكمة الخاصة في لبنان أنطونيو كاسيزي موعدا لجلسة استماع علنية في غرفة الاستئناف تعقد في السابع من شهر فبراير (شباط) 2011، لمناقشة أسئلة وضعها قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين لمساعدته على النظر في القرار الاتهامي وليس لمناقشة هذا القرار.

وفي هذا الإطار، كشف مصدر بارز في المحكمة الدولية لـ«الشرق الأوسط» عن أن هذه الجلسة ستعقد للرد على أسئلة طرحها القاضي فرانسين وطلب فيها استشارة حول بعض النقاط التي قد تواجهه أثناء دراسة القرار الاتهامي ومنها على سبيل المثال أي قانون عقوبات سيطبق هل هو قانون العقوبات اللبناني أو مبادئ القانون الدولي، كتحديد مفهوم الإرهاب والمؤامرة وحالة الذعر التي قد تنشأ عن الجرم. وأوضح المصدر أن «كاسيزي دعا كلا من المدعي العام الدولي دانيال بلمار ورئيس مكتب الدفاع فرنسوا رو لتقديم مذكرات خطية حول طلب فرانسين قبل 31 من الشهر الحالي على أن يتم عرض ما خرجا به في جلسة علنية في 7 فبراير المقبل». ولفت المصدر إلى أن «القاضي فرانسين لن يحضر هذه الجلسة لأنه لم يدع لها».

ويأتي هذا التطور بعد نحو 5 أيام على إحالة القاضي دانيال بلمار القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين، وبعدما ترددت معلومات عن إمكانية إسدال الستار عنه خلال أيام. وقد نفى رئيس قلم المحكمة الخاصة بلبنان هرمان فون هايبل عبر «الشرق الأوسط» ما أشيع عن أن «القاضي بلمار كان قد أرسل التقرير الظني لقاضي الإجراءات التمهيدية على دفعات»، مؤكدا أنه «جرى تواصل وبعض التنسيق بين الرجلين وحتى تبادل معلومات ولكن هذا لا يعني أن فرانسين كان مطلعا على كل تفاصيل ما جاء في القرار وبالتالي ولأن اتهام أي شخص ليس بالأمر السهل، فإن قراءة دقيقة وجدية للتقرير قد تتراوح على الأقل ما بين 6 و10 أسابيع وليس كما يحكى عن أيام. حتى أن هناك إمكانية أن تتخطى هذه المهلة، خاصة في حال طلب القاضي فرانسين بعض المواد القانونية لدعم القرار أو في حال كان لديه أسئلة تتطلب توضيحات».

وعن طريقة إعلان مضمون القرار الظني وإن كان سيكشف عنه كاملا، قال هايبل: «لا شك أن القرار سيصبح علنيا في النهاية ولكن القاضي فرانسين يؤكد متى يكشف عنه وما المواد التي سيعلنها علما بأن الكشف عن لائحة المتهمين سيسبقه مشاورات وتنسيق مع الدولة اللبنانية بما يحفظ حماية للمتهمين وقدرة للمحكمة على التقدم في عملها القضائي». وإذ أكد أن «انتقال القرار الاتهامي للقاضي فرانسين لا يسهل تسريب مواده، خاصة أن إجراءات أمنية مشددة متخذة داخل المبنى، حيث يوجد القرار وأنه لا إمكانية لإخراجه من هناك»، قال هايبل: «نحن نعتمد على نظام أمني مشدد وحتى لو حصل تسريب ما بطريقة أو بأخرى، فإن التقرير تمت صياغته بطريقة مهنية لا تؤثر على ما يتضمنه أو على المتهمين أو القضاة». واستهجن هايبل بث تسريبات بعض التحقيقات عبر محطات التلفزيون المحلية، معتبرا أنها «تشكل مصدر قلق للمحكمة وللدولة اللبنانية وتؤثر سلبا على لبنان»، مشددا على أن «هذه تسريبات يجب أن تترافق مع تأمين حماية لمن تسرب أحاديثهم ولكل الأفراد الواردة أسماؤهم في التقارير المعروضة».

وفي مجال آخر، أكد مصدر قضائي رفيع أن «التقرير الذي أودعه بلمار إلى قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين هو مجرد مطالعة قانونية، وعندما يقتنع الأخير بالأدلة والقرائن الموجودة فيه يصادق عليه ليصبح حينها قرار اتهاميا، ومن ثم تصدر لائحة الاتهام». وشدد المصدر لـ«الشرق الأوسط» على أن «لبنان ملزم بالتعاون مع مقتضيات القرار الاتهامي بموجب اتفاقية التعاون الموقعة ما بين الحكومة اللبنانية والمحكمة الدولية، وفي حال لم يتجاوب ترفع المحكمة بذلك تقريرا إلى مجلس الأمن الذي يعود له اتخاذ الإجراءات اللازمة».

ورجح المصدر القضائي أن تنطلق المحاكمة بين أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) لأنه بعد أن يصبح القرار الاتهامي نافذا، فإن قانون الإجراءات والإثباتات يوجب تحديد موعد المحاكمة قبل 70 يوما من انطلاقها، إضافة إلى أنه يقضي بإبلاغ المتهمين والشهود قبل 70 يوما من بدء المحاكمة أيضا. وجزم بأن «الإجراءات التي يطبقها بلمار وقاضي الإجراءات التمهيدية صحيحة وقانونية مائة في المائة»، مشيرا إلى أن «المحكمة تطبق أعلى معايير العدالة بدليل أنها ردت الاستئناف المقدم من بلمار الذي طلب فيه إهمال مطالب جميل السيد المتعلقة بحصوله على مستندات موجودة في الملف». وعما إذا كانت المحكمة قابلة للإلغاء من خلال صفقة أو تسوية سياسية، فيبادر لبنان حينها إلى سحب القضاة اللبنانيين منها، أكد المصدر أن «إلغاء المحكمة ضرب من المستحيل لأنها خارج كل التأثيرات السياسية والدولية». أما لجهة سحب القضاة فقال: «يمكن للبنان أن يسحب ثلاثة قضاة هم مساعدة المدعي العام القاضية جوسلين تابت، والعضوان المنتدبان إلى محكمة البداية في المحكمة الدولية القاضيان وليد عاكوم وميشلين بريدي. أما القاضيان رالف رياشي وعفيف شمس الدين فهما متقاعدان من السلك القضائي اللبناني ومتعاقدان مع المحكمة الدولية. وأصبحا قاضيين دوليين يصعب التأثير عليهما إلا إذا قررا أن يستقيلا بملء إرادتهما».

في المقابل، انتقد أستاذ القانون الدولي والخبير في القانون الجنائي حسن جوني، المقرب من قوى «8 آذار»، توقيت إحالة القرار الظني من بلمار إلى فرانسين، لافتا إلى أن «هذا التوقيت أعطى دفعا سياسيا لفريق ضد آخر». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «القرار الظني بقي لسنوات كثيرة بيدي القاضي بلمار، لذلك كان يمكن أن ينتظر حتى تأليف حكومة جديدة تتمكن من التعامل معه ومع المرحلة، خاصة أن الأزمة السياسية تخطت الحدود اللبنانية وأخذت طابعا إقليميا ودوليا»، مشددا على أنه «لا يمكن عزل الملف القانوني القضائي عن الملف السياسي».

وأوضح جوني أن «القاضي فرانسين لا يستطيع الاحتفاظ بالتقرير لنفسه، فنظام المحكمة يعطيه مهلة 10 أسابيع كحد أقصى للتصديق عليه أو رفضه بالكامل أو رفض قسم منه»، مشيرا إلى أنه «بات معلوما لدى الجميع أن القاضي فرانسين كان مطلعا ومنذ فترة على مضمون القرار، علما بأنه لن يتمكن شخصيا من اتهام أفراد جدد أو إدخال أي تعديلات على القرار الذي أودعه بلمار». وعن لائحة الاتهام التي ستصدر عن المحكمة وكيفية التعاطي اللبناني معها، قال جوني: «ليس لدينا حكومة حاليا لتقبل أو ترفض القرار، لذلك ستودع المحكمة اللائحة الاتهامية وزارة العدل فإما يكون هناك قرار سياسي بعدم الاستجابة لها وإما عدم قدرة على ذلك. عندها ينتظر القاضي بلمار مدة شهرين على الأكثر ليطلع مجلس الأمن على المستجدات فيكون له قرار على الصعيد السياسي. أما على الصعيد القانوني، فستبدأ المحاكمات الغيابية وهي أخطر أنواع المحاكمات لأن المحكمة في هذه المرحلة تؤكد عدم مصداقيتها لأن من سيحاكمون غير قادرين عن الدفاع عن أنفسهم»، لافتا إلى أن «معظم دول العالم وعلى رأسها بريطانيا تعتبر المحاكم الغيابية فاقدة الشرعية، كونها لا تحترم الحد الأدنى من حقوق الإنسان ولأن لها طابعا سياسيا قد ينعكس سلبا على الدول وخاصة على لبنان».