مسؤول أميركي لـ «الشرق الأوسط»: لم نعرقل جهود السعودية لكننا نرفض فرض الحلول

قال إن الكونغرس سيرفض إعطاء مساعدات لأشخاص يتلقون التعليمات من حزب الله > وصف محاولات «8 آذار» للحصول على الأكثرية بأنها تشبه الابتزاز

TT

حذر دبلوماسي أميركي رفيع من أن وصول حكومة تؤلفها قوى «8 آذار» ويقودها حزب الله سوف تخلق عوائق كثيرة أمام التعاون مع الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن الكونغرس سيرفض «إعطاء مساعدات عسكرية وغيرها لأشخاص يتلقون التعليمات من الحزب».

وإذ نفى الدبلوماسي أن تكون بلاده وراء عرقلة المساعي السعودية – السورية، شدد على أن بلاده دعمت الجهد السعودي الساعي إلى الحفاظ على استقرار لبنان، لكنه أبدى في المقابل «رفض أي حل يفرض على اللبنانيين.. لأن الحل يجب أن ينطلق من لبنان أولا». وقال الدبلوماسي الأميركي إن بلاده تراقب باهتمام ما يجري حاليا، قائلا: «نحن ننتظر ما سوف يحصل»، لكنه رأى أن ما يجري في الوقت الحاضر هو «لعبة قوة»، فما يحصل يبدو كأنه عملية تخويف، وربما أكثر من ذلك، أي ابتزاز للحصول على نتائج لا يمكن الحصول عليها من خلال وسائل أخرى من قبل بعض المعارضة. آملا «أن تأخذ العملية الديمقراطية أبعادها، وأن يتم التوصل إلى حل سلمي». مشددا على «أن خيار العنف ليس مقبولا، وهذا الخيار يثير قلقنا. وهو خيار يهدد به طرف واحد على الدوام». وقال: «السؤال المطروح منذ سبتمبر (أيلول) الماضي هو هل أن حزب الله سيلجأ إلى العنف أم لا؟». إن القول بالسعي إلى اعتماد الوسائل الدستورية والقانونية، وإذا لم نحصل على ما نريد سنلجأ إلى الشارع، فهذا ابتزاز واضح. «إن استعمال القوة هو خيار لفريق واحد، ونأمل أن يستنتج أنه غير مفيد فلا يلجأ إليه».

ونفى المصدر بشدة تدخل الولايات المتحدة في عملية اختيار رئيس الوزراء واستعمال الضغط والترهيب والترغيب لحمل النواب على اختيار الحريري لرئاسة الحكومة. وقال: «لدينا علاقات واسعة مع كل الأطراف في لبنان تقريبا، ونحن نجري اتصالات معهم بانتظام وهذا ليس تدخلا على الإطلاق. نحن نتكلم مع الناس لأننا نريد البقاء على اطلاع». ونفى المصدر أيضا إرسال سفن حربية وحاملات طائرات إلى لبنان، لكنه أشار إلى أن ثمة وجودا بحريا كبيرا للولايات المتحدة في البحر الأبيض المتوسط وهناك سفن تعبر قناة السويس، لكنها لا تتوجه إلى لبنان.

واعترف المصدر بأن الولايات المتحدة مهتمة بموضوع تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة باعتبار أن فريق «8 آذار» يتضمن حزب الله، وبما أنه يتبين من أداء هذا الفريق أن الحزب هو من يشغل مقعد السائق، فهذا يقلقنا من دون شك. وإذا وصل هذا الفريق فسيكون هناك صعوبات كبيرة أمام برامجنا المشتركة مع الحكومة اللبنانية، وسيكون هناك موقف متشدد من الكونغرس الأميركي حيال أي مساعدات وبرامج مقترحة. فهم سيعارضون بشدة إعطاء مساعدات عسكرية أو غيرها لأشخاص يتلقون التعليمات من حزب الله.

ونفى المصدر عرقلة الولايات المتحدة للمساعي السعودية – السورية، مشيرا إلى أن بلاده راقبت باهتمام المساعي التي انخرطت فيها عدد من الدول في المنطقة لمحاولة لمساعدة اللبنانيين على حفظ الاستقرار. وقد أيدنا المساعي السعودية التي تنطلق من نفس الأهداف التي ننشدها فيما يتعلق بالحفاظ على استقرار لبنان، لكنه شدد على أن أي حل لا بد أن ينطلق من اللبنانيين أنفسهم أولا، وأنه لا يجوز أن يتم فرض أي نوع من الاتفاقات على اللبنانيين من الخارج. ورفض المصدر الإفصاح عن كيفية التعامل مع حكومة تشكلها قوى «8 آذار» برئاسة عمر كرامي، مفضلا «الانتظار لمعرفة ما قد يعنيه هذا الاختيار». وقال: «حتى لو تألفت الحكومة برئاسة كرامي، فنحن سننتظر لمعرفة من هم الوزراء، ومن سيشغل المقاعد الأساسية ومن سيتخذ القرارات فيها». فإذا كان حزب الله هو من يتخذ القرارات، فنحن أمام مشكلة كبيرة جدا.

وقال المصدر إن الولايات المتحدة تنظر بايجابية إلى طريقة قيادة الرئيس الحريري، كما تنظر بإيجابية مماثلة إلى عمل الرئيس ميشال سليمان. الرئيس الحريري هو شخص الذي يمكن التعامل معه في توسيع أفق التعاون المشترك، وعملنا معه على إعداد نظام مساعدات مميز للجيش اللبناني والقوى الأمنية، بالإضافة إلى برنامج تطوير كبير ومكلف. وإذا غادر الحكم فهذا ليس أمرا جيدا بالنسبة إلينا لأننا سنفتقد بذلك شريكا أساسيا. ولن نتعامل مع هذا الأمر كأمر واقع قبل أن نرى ما سيحصل يوم الثلاثاء المقبل (موعد انتهاء الاستشارات النيابية).

ودعا المصدر إلى «النظر على المدى الطويل» لمعرفة كيفية مساعدة الولايات المتحدة للبنان، مشددا على ثوابت الولايات المتحدة حيال لبنان وهي «المحافظة على استقراره وسيادته وازدهاره». وقال: «ما نحاول أن نفعله هو مساعدة المؤسسات الوطنية على تحقيق هذه الأهداف، وهذا ما لا يمكن أن يحصل لو أننا كنا نتعامل مع حزب الله». وتساءل المصدر عن المصداقية التي ستخلقها أي حكومة جديدة تعمد إلى طلب إلغاء المحكمة الدولية، مؤكدا أن مشكلة هذه الحكومة لن تكون مع الولايات المتحدة، بل بين هذه الحكومة والأمم المتحدة ومن خلالها مع المجتمع الدولي. وقال: «إن أي حكومة تصل يكون أول أعمالها إلغاء الاتفاقية مع الأمم المتحدة حول المحكمة ووقف تمويلها لن تعطي انطباعا جيدا».

وعن اعتقاد حزب الله أن المحكمة الدولية هي أداة أميركية تحاول من خلالها الولايات المتحدة استهداف المقاومة، قال المصدر إن حزب الله أختار بنفسه أن يعتبر المحكمة الدولية أداة أميركية، وأقنع نفسه أن عناصر منه سوف يتهمون في الجريمة، خالقا لنفسه الذرائع لاعتبارها مسيسة. وأنا أعتقد أن هذا يبرهن أن الحزب لا يفهم جيدا النظام الأميركي وكيفية عمله. وهذا الكلام لا يحظى بأي مصداقية خارج لبنان، لأن من يعرف الولايات المتحدة يدرك الفوارق والملاحظات التي تبديها الإدارة الأميركية حول بعد أعمال الأمم المتحدة.

ودعا المصدر العماد ميشال عون لأن يدرك أن كل فريق سياسي عليه أن يكون حذرا في التعامل مع فريق إرهابي، أو منظمة إرهابية، وحزب الله هو منظمة إرهابية وفقا للقانون الأميركي.