تونسيون يتهمون فرنسا «بالتخلي عنهم»

انتقدوا تذرعها بعدم التدخل واهتمامها فقط بمصالحها الاقتصادية

TT

عبر كثير من التونسيين، سواء من الطبقة السياسية أو عموم المواطنين، عن خيبة أملهم إزاء مواقف فرنسا من الأحداث الأخيرة التي شهدتها بلادهم وأدت لسقوط نظام الرئيس زين العابدين بن علي «الصديق» للنظام الفرنسي. وانتقدوا «تخلي» فرنسا عنهم بحجة «عدم التدخل»، مشيرين إلى أن حكومة الرئيس نيكولا ساركوزي اتخذت مواقف خلال الأحداث «أملتها مصالح اقتصادية ومالية».

وقالت هادية الخبثاني القاطنة في حلق الوادي في الضاحية الشمالية للعاصمة: «الدولة الفرنسية على علم بكل ما يحدث في تونس لكنها تخلت عنا، فليلتحق نيكولا ساركوزي بصديقه بن علي». وحتى سقوط نظام بن علي اتخذت فرنسا القوة الاستعمارية السابقة في تونس موقفا حذرا جدا بشأن أحداث تونس متذرعة بمبدأ «عدم التدخل». وفي أوج الانتفاضة الشعبية وقمعها من قبل النظام في 11 يناير (كانون الثاني) الحالي اقترحت وزيرة الخارجية الفرنسية ميشال اليو ماري على نظام الرئيس بن علي تعاونا أمنيا. وتجاهلت أليو ماري دعوات المعارضة لها بالاستقالة وأعلنت الثلاثاء الماضي أمام لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية أن فرنسا مثل دول أخرى «لم تكن تتوقع الأحداث» التي أدت إلى سقوط نظام بن علي. وأضافت الخبثاوي في لهجة غاضبة «في الوقت الذي ينظر فيه لفرنسا على أنها بلد حقوق الإنسان، تقترح المسؤولة الفرنسية مساعدة نظام بن علي لقمعنا»، مضيفة «لتحتفظ بها لأنها ستكون في حاجة إليها بمناسبة الانتخابات الرئاسية المقبلة» عام 2012.

غير أن حالة الغضب هذه لم تطل الفرنسيين ولم تنظم مظاهرات مناهضة لهم. وتشهد مصالح التأشيرة في سفارة فرنسا كالمعتاد إقبالا. لكن التونسيين لم ينسوا مواقف القادة الفرنسيين من مختلف الاتجاهات الذين كانوا يثنون على طريقة بن علي في التصدي للإسلاميين. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها عن صابر بن صالح وهو سائق سيارة أجرة في تونس قوله: «كانت فرنسا خائفة من الإسلاميين، لكن هل رأيتم أنتم إسلاميين في تونس؟ نحن مع الإسلام لكن التونسيين ليسوا مع الأسلمة». وأضاف «تجد في تونس جامعا هنا وحانة هناك، ويوم الجمعة يرتادون الاثنين».

وفي السياق ذاته تعكس وسائل الإعلام التونسية غضب التونسيين الذين يشعرون أنهم أقرب إلى أوروبا منهم إلى شمال أفريقيا. وكتبت صحيفة «لوكوتديان» الفرنسية: «فرنسا بلد الثورة التي أعطتنا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، اكتفت بالتفرج على صور المتظاهرين يسقطون في التلفاز دون أن تنبس ببنت شفة». وقال الصحافي والمحامي عبد العزيز المزوغي إن التونسيين تربطهم علاقة خاصة بفرنسا «فهم من جهة مع أفكار الثورة الفرنسية ولكن في الآن نفسه تبقى القوة الاستعمارية السابقة» لتونس (1881 - 1956). وأضاف: «أتذكر تماما جملة قالها الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك الذي كان قال في تونس إن الخبز أهم من الحرية. لقد خاب أملنا».

ومن جهته، أشار مصطفى بن جعفر الأمين العام للتكتل الديمقراطي للعمل والحريات، إلى «الروابط التاريخية والاقتصادية وحتى الشخصية» القوية جدا بين البلدين»، معبرا عن أسفه «لعدم تفهم السلطات الفرنسية». وأضاف أن الانتفاضة «مثلت تتويجا لمعركة خاضها العديد من التيارات منذ سنوات من أجل الحرية والديمقراطية لكن القادة الفرنسيين نعتونا بعدم الجدية وبأننا أناس مقطوعون عن مشاغل بلادهم، وهو موقف أملته مصالح اقتصادية ومالية».

غير أن عددا من التونسيين أشار إلى تغير في موقف باريس التي أعلنت «تجميد تحويلات مشبوهة محتملة» لعائلة بن علي في فرنسا. وقال المواطن منجي: «أنا سعيد لرفض فرنسا استقبال بن علي وخاصة لتجميد حسابات أسرته والأموال التي سرقها من الشعب التونسي التي يجب أن تعاد إليه».