ألبانيا: بيريشا يتهم المعارضة بالسعي إلى «سيناريو على الطريقة التونسية»

زعيم المعارضة: سنستأنف المفاوضات بعد تشييع الضحايا

إيدي راما زعيم المعارضة الاشتراكية، رئيس بلدية تيرانا، يضع الزهور أمام مبنى الحكومة في تيرانا أمس (رويترز)
TT

عاد الهدوء إلى شوارع تيرانا تدريجيا أمس، بعد مواجهات دامية بين قوات الشرطة والمتظاهرين المنتمين للمعارضة، عرفت أوجها مساء أول من أمس وسقط فيها 3 قتلى، وأصيب العشرات بجروح متفاوتة الخطورة، من بينهم 17 شرطيا، بينما نُظمت مظاهرات صغيرة أمس، لم تسفر عن سقوط ضحايا.

واتهم رئيس الوزراء الألباني صالح بيريشا المعارضة بأنها كانت تسعى إلى «انقلاب عنيف على الطريقة التونسية». ومن جهته، قال زعيم المعارضة رئيس بلدية تيرانا إيدي راما إن المظاهرات ضد الحكومة «ستستأنف» بعد تشييع المتظاهرين الثلاثة. وقال بيريشا إن مسؤول المعارضة الاشتراكية رئيس بلدية تيرانا إيدي راما «أراد القيام بانقلاب عنيف ووضع سيناريو على الطريقة التونسية لألبانيا».

وأضاف أنه «تصور هو وهؤلاء القذرون أزلام بن علي الألباني، من أجلكم أنتم مواطنو ألبانيا، سيناريو على الطريقة التونسية». وتابع أنه «بموجب هذا السيناريو كان يفترض أن يدخل الناس إلى مقر الحكومة ويستولوا على البرلمان والمؤسسات».

وتجمع المتظاهرون أمام مقر الحكومة للمطالبة باستقالة حكومة صالح بيريشا والدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة. وقد اندلعت مواجهات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن التي كانت انتشرت حول المقر الحكومي. ورشق المتظاهرون عناصر الأمن بالحجارة، فرد هؤلاء بإطلاق الغاز المسيل للدموع والمياه. وتمكن عدد منهم من تسلق سلم مقر الحكومة قبل أن تطردهم قوات الأمن. ودان بيريشا الجمعة هذا العمل متهما «مجموعة من المهربين والمجرمين والإرهابيين» بالوقوف وراءه. وقال إن عددهم «يبلغ 200 أو 300 رجل على الأقل». وأضاف أن «المسؤولية الكاملة تقع على عاتق منظمي السيناريو التونسي».

ورفض راما بشدة هذه الاتهامات. وقال «ليس هناك سيناريو مماثل. هذا ليس صحيحا. هل رأيتم المتظاهرين يهاجمون البرلمان والمؤسسات الأخرى؟». وأكد لوكالة الصحافة الفرنسية «سنستأنف المفاوضات بعد التشييع».

من جهتها، قالت الناطقة باسم الحزب الاشتراكي المعارض ارميلا ايماراي، إن «السبت هو يوم حداد للمعارضة». وسيشارك قادة المعارضة في تشييع أحد القتلى الثلاثة ويدعى هيكوران ديدا (45 عاما) في دوميه قرب تيرانا السبت. وأوضحت ايماراي أن القتيلين الآخرين «ما زالا في المشرحة» بسبب التحقيق «ولا نعرف متى سيشيعان». وعبرت الولايات المتحدة عن أسفها للمنحى العنيف الذي سلكته الأزمة السياسية في ألبانيا، معربة عن الأسف «لاعتماد خطاب استفزازي».

وقال فيليب كراولي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية «ندين العنف (الجمعة) في تيرانا. ونأسف لأن المظاهرة في تيرانا لم تكن سلمية، ولأن الدعوات إلى الهدوء لم تؤخذ في الاعتبار». من جهته، دعا الاتحاد الأوروبي إلى الهدوء في ألبانيا، مؤكدا أن الحق في التظاهر من الحريات الأساسية.

وقالت وزيرة الخارجية الأوروبية كاثرين أشتون، والمفوض الأوروبي المكلف بتوسيع الاتحاد ستيفان فولي، في بيان مشترك حول الوضع في ألبانيا، إن «التظاهر أداة لحرية التعبير، ويسمح للمواطنين بالتجمع سلميا». وأضافا «نأسف لتحول الحوادث إلى أعمال عنف».

وعبر المسؤولان الأوروبيان السياسيان عن أسفهما «الشديد» لسقوط ضحايا، ودعوا «كل القوى السياسية الألبانية» إلى «الهدوء وبدء حوار بناء يسمح لألبانيا بالتقدم على طرق الانضمام لأوروبا».

وجاءت المظاهرات بعدما أعلنت الأسبوع الماضي استقالة نائب رئيس الوزراء ايلير ميتا على خلفية ضلوعه في قضية فساد. وهذه هي المرة الأولى منذ اندلاع الأزمة التي تشهد فيها مظاهرة للمعارضة أعمال عنف وسقوط قتلى. وألبانيا عضو في حلف شمال الأطلسي منذ 2009، لكنها لم تنضم إلى الاتحاد الأوروبي الذي وقعت معه اتفاق شراكة.

تجدر الإشارة إلى أن 80 في المائة من سكان ألبانيا مسلمون، و15 في المائة أرثوذكس، و5 في المائة كاثوليك. وقد ظلت ألبانيا ما يزيد على 70 سنة تحت القبضة الحديدية، لنظام شيوعي شمولي أسس له أنور خوجا (1908 - 1985) وحكمه لمدة 41 سنة. ولم تتحرر من قبضة الحزب الواحد سوى عام 1992، حيث جرت انتخابات حرة ونزيهة فاز فيها صالح بيريشا بمنصب الرئاسة، لكن مظاهرة دموية أسقطته سنة 1997، ثم عاد للحكم كرئيس للوزراء عام 2005. وفي الانتخابات التي جرت منتصف 2009 فاز بيريشا بالأغلبية، لكن المعارضة الاشتراكية اتهمته بتزوير الانتخابات.