إيران ترفض وقف تخصيب اليورانيوم.. ومفاوضاتها مع الدول الكبرى دون نتيجة

أشتون: الجانب الإيراني يتحمل المسؤولية بسبب الشروط المسبقة > جليلي يؤكد على حق بلاده في امتلاك التقنية النووية السلمية

كاثرين أشتون مسؤولة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي (يسار) خلال مباحثاتها في العاصمة اسطنبول حول الملف النووي الإيراني أمس (إ.ب.أ)
TT

«هذه ليس النتيجة التي كنت أطمح إليها، إنني أشعر بخيبة أمل كبيرة».. بهذه الكلمات عبرت كاثرين أشتون، المسؤولة الأولى عن الدبلوماسية والشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي ظهر أمس، وهي تنعي فشل المحادثات التي قادت وفدها الدولي الذي حاول التفاوض مع إيران وصولا لحل دبلوماسي لقضية الملف النووي الإيراني والتي انتظمت لمدة يومين بمدينة اسطنبول التركية.

في مؤتمرها الصحافي الذي عقدته أشتون أمام حشد صحافي عالمي ضخم قالت إنهم قد بذلوا جهدا كبيرا بحثا عن أرضية مشتركة يواصلون منها التفاوض وفقا لأسس محددة اتفقوا عليها مع إيران في اجتماعهم السابق بمدينة جنيف السويسرية ديسمبر (كانون الأول) الماضي إلا أن إيران جاءت إلى اسطنبول محملة بذات الاشتراطات والأطروحات دون أي تغيير، مؤكدة أن الكرة وفقا لهدا السلوك أصبحت في ملعب إيران، مشددة أنهم ورغم هذا ما يزالون على استعداد للجلوس للتفاوض مع إيران، موضحة أن أبوابهم مشرعة وخطوط هواتفهم مفتوحة مبقية الخيار لإيران.

وكررت إيران التي اجتمعت في اسطنبول مع الدول الكبرى لاستئناف المفاوضات حول ملفها النووي، أنها ترفض وقف تخصيب اليورانيوم، فيما أعلن دبلوماسي غربي: «لم نتوصل إلى نتيجة».

وبعد الإشادة بدور تركيا في استضافة المفاوضات قالت أشتون المسؤولة الأوروبية: «اتفقنا في جنيف على أننا سنحدد في اسطنبول الأفكار العملية والطرق التي سنتحرك بها سويا لإيجاد الحلول، لتهدئة مخاوف المجتمع الدولي من البرنامج النووي الإيراني»، وأضافت المسؤولة الأوروبية بالقول: «لقد جئت إلى اسطنبول دون شروط مسبقة، ولدي عدد من الأفكار والتصورات العملية لبناء الثقة، وقمنا بكل ما هو مطلوب من أجل التوصل لاتفاق، وسبق أن اجتمعنا عدة مرات مع الجانب الإيراني وتحدثنا في هذا الصدد، ولكن أصبح من الواضح أن الجانب الإيراني ليس لديه الاستعداد لتحقيق ذلك، ووضع شروطا تتعلق بتخصيب اليورانيوم وإلغاء العقوبات». وقالت أشتون: «الجانب الإيراني يتحمل المسؤولية بسبب الشروط المسبقة». من جانبه أمن سعيد جليلي كبير المفاوضين الإيرانيين، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي في مؤتمر صحافي عقده عقب مؤتمر أشتون على حق بلاده في امتلاك التقنية النووية السلمية وفق قرارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مضيفا أن إيران تؤمن وتقبل التفاوض الذي يقوم على قدم المساواة وفق منطقها المبني على أسس الاحترام المتبادل وليس مجرد شروط وعقوبات وضغوط وأوامر. مبينا أنهم عندما اختاروا أن تكون اسطنبول موقعا للحوار فإنهم كانوا يؤملون أن تنعكس روح حضارتها الإسلامية العريقة على المحادثات، مواصلا أن الحديث عن العقوبات وعدم احترام المنطق الإيراني وعدم التعامل وفق مبادئ حقوق إيران كاملة يعيق الوصول لأي تفاهم.

من جانبها كانت أشتون قد تطرقت لموضوع العقوبات الدولية المفروضة على إيران بقولها إن رفع تلك العقوبات لن يأتي كشرط إيراني مقابل التفاوض بل ترفع العقوبات إذا ما التزمت إيران بتنفيذ القرارات من مجلس الأمن الدولي التي استوجبت فرضها وعند التأكد من سلمية النشاط النووي. مضيفة أن المجموعة الدولية التي تقودها كانت قد اعترفت بحق إيران في تقنية نووية سلمية وحصولها على دورة الوقود وفقا لقوانين الوكالة الدولية للطاقة الذرية .

هذا وكانت المفاوضات بين إيران والوفد الدولي الذي يشار إليه بمجموعة 5 زائد 1 ويضم الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن بمجلس الأمن الدولي بالإضافة إلى ألمانيا قد عقدت دورتها الأولى بجنيف 2009 برئاسة خافيير سولانا مفوض الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي حينها ثم بجنيف برئاسة كاترين أشتون ديسمبر الماضي ثم أمس وأول من أمس برئاستها كذلك باسطنبول.

وكانت المحادثات باسطنبول قد تعرضت لهزات عنيفة أوشكت أن تفضها في يومها الأول إلا أن أشتون كما أوضح مصدر عليم لـ«الشرق الأوسط» قد بذلت كل ما يمكنها من دبلوماسية للخروج بإعلان كانت تطمح أن يكون على أقل تقدير اتفاقا حول تنفيذ اقتراح تبادل الوقود كجسر لبذر الثقة المفقودة بين الطرفين.

وكان اليوم الأول للمحادثات قد بدأ بجلسة صباحية توقفت حتى يتمكن الوفد الإيراني من أداء صلاة الجمعة كما لم تنتظم إلا في ساعة متأخرة بسبب صداع لازم سعيد جليلي لتتأزم الأجواء لرفضه عقد جلسة منفردة مع ويليام بيرنز وكيل الخارجية الأميركية للشؤون الخارجية الذي يرأس الوفد الأميركي وفي هذا السياق أشارت أشتون ردا على سؤال صحافي إلى أنها قد أوضحت للوفد الإيراني ضرورة أن يتعامل مع كل الدول التي تنضوي تحت لواء وفدها، باعتبار أن ذلك أمر ليس مهما لوفدها فحسب بل في غاية الأهمية لإيران كذلك، موضحة أنهم كوفد موحد ومتجانس يبحثون عن حلول عملية تطبيقية مشيرة أن جليلي يفهم ذلك. في سياق مواز أعاد جليلي ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» في مؤتمره الصحافي الكرة إلى ملعب أشتون، نافيا أن تكون إيران قد وضعت معوقات وشروطا تسببت في فشل المحادثات، مضيفا أن إيران لم تفعل غير توضيح أسس منطقها للتفاوض هذا فيما نفى مساعد له لجمع من الصحافيين أن تكون المفاوضات قد فشلت. وأشارت أشتون إلى أن موقف المجموعة الدولية ثابت وواضح، في تأييد حق إيران في أن يكون لها برنامج نووي سلمي، ولكن عليها أن تظهر ذلك للجميع وبكل شفافية، إلا أن الوكالة الدولية للطاقة النووية لم تتوفر لها حتى الآن الظروف المناسبة، والفرص المطلوبة للتأكد من ذلك، وسبق للوكالة أن أشارت إلى عدم تعاون طهران معها بشكل كامل في هذا الصدد. وقالت المسؤولة الأوروبية التي تتحدث باسم المجموعة الدولية «سيظل موقفنا ثابتا وهو الاستمرار في العقوبات حتى تتوفر الثقة اللازمة في البرنامج النووي الإيراني، ولمحت إلى أن القرار 1929 الصادر عن مجلس الأمن الدولي وضع شروطا لإلغاء العقوبات»، وقالت أشتون: «هذه الشروط لا تتوفر حتى الآن». واختتمت بالقول: «لم تكن تلك هي الملاحظات التي كنت أود الخروج بها من هذه المفاوضات، ولكن أقولها بأسف: لم يتحقق الهدف المطلوب».