الجزائر: جرحى أحدهم برلماني خلال مظاهرة مناهضة للحكومة

السلطات منعت مسيرة لحزب سعيد سعدي تندد بالإغلاق السياسي والإعلامي

سعيد سعدي (وسط) محاطا بأنصاره وعناصر الأمن خلال المظاهرة في الجزائر العاصمة أمس (إ.ب.أ)
TT

منعت السلطات الجزائرية أمس حزبا معارضا من تنظيم مظاهرة بالعاصمة، وضربت طوقا أمنيا مشددا على مبنى الحزب ما حال دون خروج قيادييه منه للالتحاق بنقطة انطلاق المظاهرة. وخلف احتكاك وقع بين المتظاهرين وقوات مكافحة الشغب جرحى من الطرفين، بعضهم في حالة خطيرة.

وكان واضحا منذ الساعات الأولى لصباح أمس أن قوات الأمن مصممة على منع حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية من السير في شوارع العاصمة كما خطط له منذ أسابيع. فقد نشرت وزارة الداخلية الآلاف من رجال الأمن وسط العاصمة وفي كل مداخلها، خاصة في الجهة الشرقية حيث كان منتظرا أن يلتحق عدد كبير من مناضلي الحزب قادمين من ولايات في شرق البلاد، حيث توجد معاقل «التجمع» الرئيسية.

وأوقف رجال الأمن طريق مناضلين من الحزب في بعض الأحياء الموالية له بالضاحية الغربية للعاصمة، فاضطرهم إلى العودة من حيث أتوا. وأعاب بعضهم على قيادة الحزب «عدم إظهار أي مقاومة من أجل اختراق الطوق الأمني»، والتوجه إلى «ساحة أول مايو»، حيث وقف الرجل المسن علي يحيى عبد النور، الناشط الحقوقي والمعارض الشرس للسلطة، وأطلق تصريحات معادية للحكومة «التي تخنق الحريات وتعتدي على الحقوق مثل الحق في التظاهر المكفول دستوريا». ويقول متتبعون إن القبضة الأمنية المشددة التي واجهها منظمو المظاهرة تعكس توجس الحكومة من انتقال رياح التغيير من الجارة الشرقية تونس.

ودعا الحزب الذي يقوده طبيب الأعصاب سعيد سعدي المناضلين والمتعاطفين معه إلى التجمع بـ«ساحة أول مايو» للانطلاق في مسيرة باتجاه مبنى البرلمان الموجود على بعد 4 كيلومترات. ويقول قياديون في الحزب إن غلق كل المنافذ التي تقود إلى الساحة العمومية من طرف رجال الأمن حال دون وصول عدد كبير من الأحياء المجاورة. وعاشت العاصمة ظروفا غير عادية بالنظر للانتشار الأمني غير المسبوق بها.

وحاول سعيد سعدي مع قياديي «التجمع» الخروج من مبنى الحزب، لكن رجال الأمن تلقوا أوامر صارمة بالتصدي لذلك. وتجمع عدد كبير من المناضلين أمام المبنى رافعين شعارات معادية للحكومة ومنددة بـ«الإغلاق السياسي والإعلامي». وقال سعدي لصحافيين داخل مبنى حزبه إن قوات الأمن اعتقلت برلمانيا ينتمي لـ«التجمع» وضربت آخر. ولم يتسن تأكيد هذه التصريحات لدى السلطات، فيما أفادت وكالة الأنباء الرسمية نقلا عن «مصدر أمني» بأن 7 من عناصر الأمن أصيبوا بجروح خلال مناوشات مع المتظاهرين، اثنان منهم في حالة خطيرة. كما ذكرت أن برلمانيا من «التجمع» أصيب بجروح أيضا.

وذكر سعدي أن مطالب الحزب «لا تتوقف عند رفع حالة الطوارئ السارية منذ 19 سنة وإنما نريد تغيير نظام الحكم». وتعهد بـ«الإبقاء على جذوة الاحتجاج مشتعلة لأيام طويلة». واتهم سعدي السلطات بـ«تحويل طريق حافلات كانت تحمل متظاهرين إلى مركز الشرطة». وتابع وهو يتحدث مع صحافيين: «لقد خنقت حالة الطوارئ التي يعيشها المجتمع الجزائري، وأوصلتنا إلى حالة من الانسداد غير مسبوقة». وطالب سعدي بالإفراج عن عشرات الأشخاص اعتقلتهم قوات الأمن خلال الاحتجاجات الاجتماعية التي جرت خلال الأسبوع الأول من الشهر الحالي.

وكانت السلطات قد حذرت مساء أول من أمس سكان العاصمة من الاستجابة لنداء المسيرة وذكرت بأن الحكومة منعت المظاهرات في شوارع العاصمة منذ 14 يونيو (حزيران) 2001، تاريخ مظاهرات كبيرة حولت العاصمة إلى خراب. واللافت أن حركة الاحتجاج التي شنها حزب التجمع غابت عنها شخصيات من المعارضة ترفع هي أيضا شعار «التغيير والديمقراطية»، كما غابت عنها نقابات وتنظيمات من المجتمع المدني دعت إلى مظاهرة يوم 9 فبراير (شباط) المقبل.