مصر تتهم تنظيم «جيش الإسلام الفلسطيني» بالضلوع في انفجار كنيسة القديسين

مبارك تعهد بشن حرب على «الإرهاب».. وحماس تعبر عن قلقها وتتهم إسرائيل بالتفجير

آثار الدمار الذي خلفه الانفجار الذي تعرضت له كنيسة القديسين في الاسكندرية مطلع الشهر الحالي (إ.ب.أ)
TT

اتهمت مصر أمس تنظيم «جيش الإسلام الفلسطيني»، الذي يعتقد أنه مرتبط بتنظيم القاعدة، بالضلوع في انفجار كنيسة القديسين التي وقعت أمام كنيسة بالإسكندرية ليلة رأس السنة، وأدت لمقتل وإصابة العشرات، وفيما شكرت الكنيسة المصرية الشرطة على جهودها، أثار إعلان وزير الداخلية المصري، حبيب العادلي، لهذا الاتهام جدلا بين خبراء الجماعات الإسلامية والقانون والأمن. وتعهد الرئيس المصري حسني مبارك بشن حرب بلا هوادة على الإرهاب.

إلى ذلك، عبرت حركة حماس عن قلقها، لما جاء على لسان وزير الداخلية المصري من توجيه الاتهام لعناصر من «جيش الإسلام في غزة» بالمسؤولية عن التفجير، مؤكدة أن الأمن القومي العربي والمصري هو على قائمة أولوياتها. وبحسب حماس فإنها على يقين من أن «الموساد الصهيوني هو من يقف وراء هذه الجرائم».

وأعلن العادلي في احتفال وزارة الداخلية بعيد الشرطة، أمس، أنه تأكد لدى الحكومة المصرية بأدلة قاطعة أن تنظيم جيش الإسلام الفلسطيني، المرتبط بـ«القاعدة»، ضالع في عملية التفجير الذي استهدف كنيسة القديسين مار مرقس والأنبا بطرس بالإسكندرية عشية رأس السنة الميلادية. وأشار وزير الداخلية المصري إلى أن التنظيم الفلسطيني كان يظن أنه لن يتم اكتشاف مسؤوليته في حادث الكنيسة لأنه كان يتخفى وراء عناصر تم تجنيدها. وأضاف موضحا: «إنْ ظنَّ عناصر تنظيم جيش الإسلام الفلسطيني المرتبط بتنظيم القاعدة أنهم قد تخفوا وراء عناصر تم تجنيدها، فقد تأكد بالدليل القاطع تورطهم الدنيء بالتخطيط والتنفيذ لهذا العمل الإرهابي الخسيس الذي راح ضحيته شهداء على أرض مصر».

وألقى الرئيس المصري كلمة في احتفال أمس هنأ فيها وزارة الداخلية على الكشف عن ملابسات الحادث والإعلان عن كشف هوية الجناة وضبطهم، وتعهد بشن حرب بلا هوادة على الإرهاب، مشيرا إلى أن مصر لا تقبل أي تدخل خارجي في شؤونها الداخلية. وقال مبارك: «أقول لمن يتدخل في شؤون مصر إن زمن الحماية الأجنبية والوصاية قد ذهب بغير رجعة، وأقول لهم إننا لن نقبل ضغوطا أو تدخلا في الشأن المصري».

وتابع مبارك قائلا: «نحن في مصر بدورنا سنمضي بحرب على الإرهاب بقوة القانون»، مؤكدا أن أمن مصر القومي ليس أقل شأنا من الأمن القومي للدول الأخرى. وقال «لم نتردد في اتخاذ ما نراه محققا لأمن مصر، وسنتصدى لدعاة الفتنة نلاحقهم في الداخل والخارج».

وأضاف مبارك أن الإرهاب يستهدف الوقيعة بين المسلمين والمسيحيين، ويسعى إلى شق صفهم والنيل من وحدتهم، وحذر قائلا: «لن نسمح للإرهاب بترويع شعبنا أو النيل من وحدتنا مسلمينا ومسيحيينا، وسنلاحقه وسنقطع يديه»، مضيفا أن «مسيحيينا مصريون قبل أي اعتبار آخر، وحماية المصريين، كل المصريين، مسؤوليتنا وواجبنا».

ورحب القمص سرجيوس وكيل البطريركية المرقسية بإعلان وزير الداخلية المصرية توصلها إلى مرتكبي حادث الانفجار الذي وقع أمام كنيسة القديسين. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نشكر الله لأنه أظهر الحقيقة، ونشكر رجال الشرطة على جهودهم لكشف الحقيقة، لتعرف مصر من معها ومن ضدها»، مضيفا «منذ وقوع الحادث وأنا توقعت أن يكون منفذوه من خارج مصر، لأن من يقوم بهذا العمل الإرهابي لا يمكن أن يكون مصريا أو يهمه مصلحة مصر».

ورفض القمص سرجيوس التعليق على تشكيك البعض في رواية وزير الداخلية المصري، قائلا «لا دخل لنا في السياسة، الأمن حقق في الحادث وقال كلمته في النهاية ولا نملك سوى أن نشكره على جهده».

وأرجأ ضياء رشوان، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، التعليق على تصريح وزير الداخلية، قائلا: «إنه كلام غامض وغير محدد، ولم يذكر أعداد المتهمين أو أسماءهم، مما لا يصلح التعليق عليه قبل أن يصدر بيان رسمي مفصل عن وزارة الداخلية المصرية، يوضح كل الحقائق». إلا أن منتصر الزيات، محامي الجماعات الإسلامية، شكك في إمكانية ضلوع التنظيم المشار إليه في ارتكاب الجريمة لكنه فضل الانتظار حتى تقدم وزارة الداخلية أدلتها التي وصفتها بالقاطعة حول المتهمين في تلك القضية.

وقال العميد محمود قطري، الخبير الأمني في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ما دامت الداخلية أعلنت ذلك وفي هذا التوقيت فإنه من المؤكد أن لديها الأدلة على ذلك والتي من المنتظر الإعلان عنها خلال الأيام المقبلة، مشيرا إلى أن تنظيم القاعدة ليس بريئا في أي من الأحوال وهو غير بعيد عن دائرة الاتهام في العمليات المشابهة. ونفى تنظيم جيش الإسلام الفلسطيني في بيان له أمس ما نسبته إليه الداخلية المصرية من اتهامات بالوقوف خلف تفجير الإسكندرية، وقال متحدث باسم التنظيم إنه ليست هناك صلة تربط بين جماعته والهجوم على الكنيسة في مصر، وإن أشاد بمن قام به.

ومن جهتها، أكدت حركة حماس في بيانٍ لها تلقت «الشرق الأوسط» نسخه منه «أنها تقود مقاومة ضد الاحتلال الصهيوني داخل فلسطين ولم ولن تسمح بنقل صراعنا مع أي طرف آخر خارج فلسطين». وشددت الحركة على أن «الأمن القومي العربي والمصري هو على قائمة أولوياتنا»، معتبرة أن «مصر والوطن العربي عمقنا الاستراتيجي الذي لا نقبل المساس به». وأضاف البيان: «إن علاقتنا بالمسيحيين على مر التاريخ علاقة طيبة ولا نقبل أبدا بالمساس بها ولذلك فقد أدنا تفجير الكنيسة من اللحظة الأولى وقدمنا العزاء لمصر ولعوائل الضحايا». وبحسب حماس فإنها على يقين من أن «الموساد الصهيوني هو من يقف وراء هذه الجرائم وذلك لخلط الأوراق وهو من ثبت أنه يستهدف مصر وشعبها من خلال شبكة التجسس وغيرها من الجرائم». ودعت الحركة الحكومة المصرية إلى التعاون مع الحكومة الفلسطينية المقالة لفحص هذه المعلومات والتأكد من مدى صحتها. ومن جانبها، نفت الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة وجود أي شكل من أشكال تنظيم القاعدة في القطاع، قائلة «إن كافة الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة هي فصائل مقاومة للاحتلال الصهيوني». وأكد المتحدث باسم الحكومة المقالة طاهر النونو في مؤتمر صحافي أمس، أن العلاقة متينة مع مصر الشقيقة وخصوصا المسيحيين، مشددا على رفض الحكومة لأي كان تعكير هذه العلاقة. وطالب النونو الحكومة المصرية بتقديم أدلة. وقال: «نحن مستعدون للتعاون مع الحكومة المصرية للوصول للجناة».