سلسلة انفجارات تجتاح بغداد.. والهاشمي يعتبرها «رسالة» مع اقتراب القمة العربية

المالكي يأمر بالتشديد في تفتيش السيارات.. قيادية في «العراقية» لـ «الشرق الأوسط»: نتوقع دورا سعوديا فاعلا

شرطي عراقي يقف بالقرب من سيارة دمرتها تفجيرات أمس في أحد أحياء بغداد (أ.ب)
TT

شهدت العاصمة العراقية وضواحيها أمس يوما داميا جديدا، إثر سلسلة من الهجمات المنسقة بانفجار 5 سيارات ملغومة ببغداد خلال مراسم إحياء ذكرى أربعينية الإمام الحسين، أدت إلى مقتل 8 على الأقل بينهم زائر إيراني، وإصابة 30، حسب مصادر أمنية في بغداد. وبينما دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى التدقيق في عمليات تفتيش السيارات، قال نائب الرئيس طارق الهاشمي، إن الانفجارات ما هي إلا «رسالة»، مع اقتراب موعد إقامة القمة العربية المقبلة في العراق، نهاية مارس (آذار) المقبل.

وانفجرت 4 سيارات في العاصمة بغداد، وخامسة خارجها، وقالت مصادر في الشرطة ووزارة الداخلية إن سيارة ملغومة انفجرت في حي الكاظمية الذي يغلب على سكانه الشيعة، شمال غربي بغداد، قرب حافلة تقل زوارا إيرانيين، مما أسفر عن مقتل شخص وإصابة سبعة. وقالت المصادر إن السيارات الملغومة الأخرى انفجرت قرب فندق في شارع أبو نواس بوسط بغداد ودوريتين للشرطة في حي الإعلام بجنوب بغداد ومنطقة المسبح بوسط بغداد، مما أسفر عن مقتل 3 بينهم شرطي وإصابة 18. وذكر مصدر في وزارة الداخلية أن سيارة ملغومة خامسة قتلت شخصين وأصابت 4 في التاجي على بعد 20 كيلومترا شمال بغداد. وقال مصدر بالشرطة إنه كان انفجار قنبلة مزروعة على الطريق. وقال المكتب الحكومي المسؤول عن تنسيق الشؤون الأمنية في العاصمة في بيان إن التفجيرات استهدفت بالأساس الزوار الشيعة المتوجهين إلى مدينة كربلاء لإحياء أربعينية الإمام الحسين.

وفي الأسبوع الماضي أسفرت موجة من التفجيرات التي استهدفت الزوار الشيعة والشرطة عن مقتل 110 أشخاص وإصابة مئات آخرين، مما يمثل تحديا للقوات العراقية بينما تستعد القوات الأميركية للانسحاب بحلول نهاية العام. ومن المرجح حدوث مزيد من الهجمات خاصة على الزوار الشيعة في الأيام القادمة. وتم حشد نحو 120 ألفا من جنود الشرطة والجيش لحماية الزوار الشيعة المتجهين إلى كربلاء.

من جهته، أكد نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي أمس أن الحد من ظاهرة الخروقات الأمنية يحتاج إلى تضافر جهود جميع السلطات الدستورية. وقال الهاشمي، في بيان صحافي: «علينا التحسب لاحتمال تصاعد الهجمات الإرهابية كلما اقترب موعد القمة العربية المقبلة في العراق»، مشددا على ضرورة «الحيطة والحذر لضمان توفير الظروف الأمنية اللازمة لانعقاد القمة العربية في بغداد، وفي موعدها المحدد». ودعا الهاشمي إلى «تعزيز الثقة بين المواطن والأجهزة الأمنية لأنه أمر ضروري لقطع الطريق على الإرهاب ومنعه من تنفيذ مخططاته الإجرامية».

ولا تزال الحقائب الأمنية الثلاث في الحكومة تنتظر الحسم، في وقت تتصاعد فيه الهجمات والتفجيرات. ولا تزال حقيبة الداخلية والدفاع والأمن الوطني شاغرة. وفي هذا الاتجاه قال رئيس كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي، الدكتور فؤاد معصوم، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، إن الأكراد يرون أنه ما دام تم توزيع حقيبتي الدفاع (للقائمة العراقية) والداخلية (للتحالف الوطني)، وهو ما يعني أن هذا التوزيع تم على أساس مذهبي، فإن حقيبة الأمن الوطني لا بد أن تكون من حصة التحالف الكردي طبقا للاستحقاق القومي. وردا على سؤال بخصوص مدى تمسك الكرد بحقيبة الأمن الوطني، فقد أشار معصوم إلى أن من الصعب القطع بذلك الآن. وبينما وضع معصوم اللوم على الكتل السياسية بسبب عدم قدرتها على حسم هذا الملف حتى الآن، فإنه أشار في الوقت نفسه إلى أن الموقف الكردي النهائي سوف يتبلور في غضون الأيام الثلاثة القادمة، وكأقصى حد الأربعاء أو الخميس، حيث سيذهب الأكراد إلى بغداد بموقف موحد بخصوص الوزارات والأجهزة الأمنية، مؤكدا أن الموقف الكردي يتراوح بين الحصول إما على حقيبة الأمن الوطني أو على جهاز المخابرات.

من جهتها، اعتبرت القيادية في القائمة العراقية ناهدة الدايني، أن قائمتها لم تتلق ردا مقنعا حتى الآن من رئيس الوزراء نوري المالكي بسبب عدم قبوله بمرشحها لوزارة الدفاع، فلح النقيب. وقالت الدايني في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، إن أحد أبرز أسباب التفجيرات التي وقعت في بغداد الأحد وقبلها في تكريت وبعقوبة وكربلاء هو تأخير حسم الوزارات الأمنية. وحملت الدايني الكتل السياسية ورئيس الوزراء نوري المالكي مسؤولية التأخير، مشيرة إلى أن قائمتها طلبت تبيان أسباب رفض مرشحها وكان الرد أن هناك أسبابا فنية وليست سياسية أو مهنية، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن الكتل السياسية لا تزال تعيش أجواء عدم الثقة، وأنه متى ما تم التخلص من أزمة الثقة هذه فإن الأمور يمكن أن تأخذ مسارا آخر. وقالت إنه كان من الأفضل ترشيح 10 أسماء لكل حقيبة لكي لا تكون حجة لرئيس الوزراء بالرفض، بينما اكتفت الكتل السياسية بترشيح واحد لكل حقيبة وظلت متمسكة به دون طائل. وردا على سؤال بخصوص الموقف الذي عبر عنه وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، من أن المملكة العربية السعودية سيكون لها دور فاعل خلال قمة بغداد، طبقا للبيان الصادر عن رئاسة الجمهورية خلال لقاء الفيصل بالرئيس العراقي جلال طالباني في مدينة شرم الشيخ المصرية، قالت الدايني إن علاقة قائمتها جيدة بكل الدول العربية والإقليمية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، مؤكدة في الوقت نفسه أن الكتلة العراقية تتطلع إلى دور سعودي كبير وفاعل في المستقبل بالعراق. وأضافت الدايني أننا في الوقت الذي نريد فيه أن يكون للجميع دور إيجابي في العراق، فإن تأخير الحضور العربي في العراق جعله فريسة للتدخلات الخارجية ذات الطابع السلبي.