إيران: البرلمان قد يرغم الحكومة على عدم المشاركة في محادثات جديدة

دبلوماسي أميركي: احتمال فرض عقوبات على طهران عقب فشل محادثات إسطنبول

TT

تضاربت القراءات حول المصير الذي آلت إليه المحادثات بين إيران ودول مجموعة «5+1» وماهية نتائج الفشل الذي آلت إليه المحادثات حول الملف النووي الإيراني بين الدول الكبرى وإيران في إسطنبول. فقد يؤدي ذلك إلى فترة انتظار لمراجعة المواقف بين المشاركين في جولة إسطنبول للمحادثات أو قد يدفع واشنطن إلى الترويج لعقوبات جديدة ضد طهران. وأعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون وسيطة الدول الكبرى حول هذا الملف أمام الصحافيين في ختام يومين من المحادثات في إسطنبول السبت، أنه لم تتقرر «أي محادثات جديدة» حول البرنامج النووي الإيراني. وعبرت عن «خيبة أملها» لعدم قبول الإيرانيين بعرض جديد لتبادل الوقود النووي وهي خطوة من شأنها طمأنة الغربيين، كما لم تخف آشتون خيبة أملها تجاه طرح الإيرانيين «شروطا مسبقة» تتمثل في رفع العقوبات الدولية المفروضة عليهم والاعتراف بحقهم في تخصيب اليورانيوم. وقالت آشتون: «أعتقد أنه علينا جميعا أن نأخذ فترة استراحة». لكن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد تحدث في خطاب بمدينة رشت (شمال غرب) الأحد عن إمكانية إجراء مفاوضات نووية جديدة مع القوى الكبرى يمكن أن تؤدي إلى «نتائج» في المستقبل. وقال إن «الشروط متوافرة للتوصل إلى اتفاقات جيدة أثناء اجتماعات مقبلة إذا تحلى الطرف الآخر (الدول الكبرى) بالعدل والاحترام» تجاه إيران. من جهته، اعتبر دبلوماسي أميركي رفيع المستوى أن السبيل الدبلوماسي ما زال حلا مطروحا إزاء إيران. وقال هذا الدبلوماسي طالبا عدم كشف هويته إن «الباب مفتوح. ما زلنا نعتقد أن هناك متسعا من الوقت والهامش أمام الدبلوماسية». إلا أن الدبلوماسي الأميركي قال إن «العقوبات الدولية المفروضة على إيران (كان لها تأثير واضح)». وأضاف: «بحسب الصحافة، هناك إشارات تباطؤ في البرنامج النووي الإيراني. لذلك، أعتقد أن هناك متسعا من الوقت والهامش أمام الدبلوماسية». وكان هذا الدبلوماسي يلمح على ما يبدو إلى نتائج الفيروس المعلوماتي «ستوكس نت» المعد لتخريب البرنامج النووي الإيراني والذي أدى بحسب إسرائيل إلى تأخير احتمال اقتناء إيران للقنبلة الذرية لسنوات عدة. وقد أعد هذا الفيروس الأميركيون وإسرائيل بحسب صحيفة «نيويورك تايمز».

وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون صرحت قبل انعقاد إجتماع إسطنبول أن العقوبات «صعبت جدا من تحقيق إيران طموحاتها النووية. إيران تواجه مشكلات تكنولوجية أبطأت جدولها الزمني». ولفت في هذا الخصوص الخبير الفرنسي والمتخصص في الشؤون الإيرانية برونو تيرتريه عشية المحادثات: «لسنا في مرحلة نفاد صبر أميركي». وأضاف: «منذ صيف 2010 تراجع التوتر وبدأت العقوبات تؤتي بنتيجة وكانت هناك عمليات تخريب»، مشيرا خصوصا إلى فيروس «ستوكس نت». وقد اعتبر المحلل المستقل محمد صالح صدقيان، ومقره في طهران، أنه من الصعب التنبؤ بمستقبل الملف الإيراني.

من جهته، قال البرلمان الإيراني إنه قد يتخذ تدابير لإرغام الحكومة على عدم المشاركة بعد الآن في محادثات جديدة. ومن جهة أخرى، قد تتقدم الولايات المتحدة نحو فرض عقوبات جديدة على طهران. وقد أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» أيضا إلى هذا الاحتمال، مضيفة: «نظرا لأنه لم يتقرر إجراء أي محادثات جديدة، فإن إدارة (الرئيس باراك) أوباما ستواجه الآن ضغوطا جديدة للدفع باتجاه فرض عقوبات جديدة على إيران». وأيد هذا الرأي كاتب الافتتاحيات التركي في صحيفة «ملييت سيميز ايديز» الذي قال: «لن أفاجأ إذا تبنى الغربيون عقوبات جديدة ضد إيران لإرغامها أكثر على (القبول) بتسوية». وقد أدان مجلس الأمن الدولي البرنامج النووي الإيراني في ستة قرارات أرفقت أربعة منها بعقوبات اقتصادية وسياسية. كما عمدت دول عدة في طليعتها الولايات المتحدة إلى فرض عقوباتها الذاتية على إيران بسبب ملفها النووي الذي تصر إيران على أنه للاستخدام السلمي، بينما تشك الدول الغربية في أن له أهدافا عسكرية.

وفي موضوع ذي علاقة، قال دبلوماسي صيني رفيع أمس الأحد إن القضية النووية الإيرانية لا يمكن حلها في اجتماع واحد أو اجتماعين. جاء ذلك بعد يوم واحد من انتهاء اجتماع رفيع المستوى يهدف لمناقشة الخطط النووية الإيرانية وسط حالة من خيبة الأمل. وقال وو هايلونغ مساعد وزير الخارجية الصيني في بيان مقتضب نشر على الموقع الرسمي لوزارة الخارجية: «القضية النووية الإيرانية معقدة وحساسة، ومن الواضح أنه لا يمكن تسويتها خلال جولة أو جولتين من المحادثات». وأضاف: «ولكن يظل أنه ينبغي على كل طرف تكريس جهوده لإجراء محادثات ومفاوضات تتسم بالمرونة والعملية وبناء ثقة متبادلة وبذل جهود لحل القضية بشكل شامل وملائم». وأيدت الصين قرارات مجلس الأمن الرامية للضغط على إيران للتخلي عن أنشطتها النووية المثيرة للجدل، ولكنها ترتبط بعلاقات وثيقة في مجال الطاقة والتجارة مع إيران، وعارضت فرض عقوبات منفردة من جانب أوروبا والولايات المتحدة.

إلى ذلك، عبر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أمس عن أمله في استئناف المحادثات مع القوى العالمية التي تشعر بقلق من البرنامج النووي لطهران بعد أن انتهت المفاوضات من دون إحراز تقدم أو التوصل لاتفاق واضح على الاجتماع مجددا. وقال أحمدي نجاد في كلمة بثها التلفزيون أمام حشود في مدينة رشت الإيرانية: «إذا كان الطرف الآخر مصمما وملتزما بالقانون والاحترام والعدل، فثمة أمل بشأن تحقيق نتائج طيبة في الجلسات المقبلة».

وأضاف الرئيس الإيراني أن إيران منفتحة على مفاوضات جديدة مع الدول الست الكبرى حول برنامجها النووي، وذلك غداة فشل محادثات إسطنبول في هذا الشأن. وقال نجاد في خطابه المتلفز في مدينة رشت (شمال غرب): «لقد تحدثوا في عدة جولات، لكننا لم نتوقع يوما أن تحل القضايا في هذه الجولات القليلة، بسبب سجل وعقلية الأطراف الأخرى».

واتهم الرئيس الإيراني «الصهاينة الجاهلين وبعض الأشخاص الطامعين في السلطة في أوروبا والولايات المتحدة» بأنهم «ليسوا مهتمين بحل جيد لهذه القضايا». وأضاف: «أقول لمجموعة (5+1) إذا كنتم تريدون أن تؤتي المفاوضات ثمارها فعليكم تحرير أنفسكم من ضغط قصيري النظر والجهلة لتمهيد الطريق لاتفاق». وأكد أحمدي نجاد: «يجب أن يعرف العالم أن هذا الشعب يتصدى لقوى الاستكبار، ولا يمكنكم إعادة إيران قيد أنملة واحدة في مسيرتها بما أنها اليوم دولة نووية». وقال نجاد: «في الاجتماعات المقبلة ستعقد اتفاقات جيدة على أن يظل الجانبان ملتزمين بروح المحادثات».

وحملت وسائل الإعلام الإيرانية أمس القوى الكبرى مسؤولية فشل المفاوضات في إسطنبول. وعنونت صحيفة إيران الحكومية: «الغربيون لم يردوا على المقترحات الإيرانية»، مؤكدة أن «أخطاء خطيرة في التقدير في عقلية الغربيين منعت أي اتفاق». أما الصحيفة الحكومية الناطقة باللغة الإنجليزية «إيران ديلي» فكتبت أن «طهران منفتحة على مفاوضات مقبلة في إطار مجموعة (5+1)». وركزت الصحيفة نفسها على تصريحات المفاوض الإيراني سعيد جليلي في هذا الاتجاه بعد فشل مفاوضات إسطنبول.