خطاب أوباما تحد لشعار «إسقاط الرئيس» وتدشين لحملة إعادة انتخابه

سيعلن عن الإنفاق «الذكي» على البحوث والتعليم والتنمية والبنية التحتية

الرئيس الأميركي باراك أوباما يتحدث في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
TT

كعادة الرؤساء الأميركيين الذين يلقون خطاب «حالة الاتحاد» مع بداية كل سنة في الكونغرس أمام جلسة مشتركة لأعضاء مجلسي النواب والشيوخ، يواجه الرئيس باراك أوباما الكونغرس والشعب الأميركي الليلة وسط تغطية إعلامية واهتمام سياسي مكثفين. وأيضا، لأن هذا خطاب منتصف فترة أوباما في البيت الأبيض، حيث مرت سنتان وتبقى سنتان. ولأن الحملة الانتخابية الرئاسية الأميركية تبدأ عادة قبل ما بين سنة وسنتين، فإنه من المتوقع أن يكون خطاب أوباما الليلة تدشينا لحملة إعادة انتخابه رئيسا للمرة الثانية. في الوقت نفسه، يستعد قادة الحزب الجمهوري لتنفيذ شعارهم الذي رفعوه السنة الماضية، بعد أن سيطروا على مجلس النواب (لكن، ليس على مجلس الشيوخ)، وبعد أن كاد الجناح اليميني في الحزب (حزب الشاي) أن يسيطر على الحزب نفسه، وهو شعار: «إسقاط أوباما». وأمس، قال زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل (جمهوري من ولاية كنتاكي) وهو الذي رفع شعار «إسقاط أوباما»، إن الجمهوريين سوف يفعلون «كل ما في وسعنا» لإسقاط الميزانية الجديدة التي سيرسلها أوباما إلى الكونغرس، كخطوة أولى نحو إسقاطه. وشن هجوما عنيفا على شريط فيديو كان وزعه البيت الأبيض أول من أمس، وفيه تحدث أوباما عن الميزانية الجديدة.

قال أوباما في الفيديو إنه سيسعى لخفض العجز في الميزانية «بطريقة مسؤولة». وسيسعى لجعل الحكومة «أصغر حجما، وأكثر ذكاء». ولكن، من دون المساس بالدور الحيوي للحكومة كما تراه فلسفة الحزب الديمقراطي. تقول هذه إن الحكومة يجب أن تقوم بدور رئيسي في المجتمع. ورغم أن النشاط الاقتصادي رأسمالي، فإنه يجب أن تقوم الحكومة بدفع الانتعاش الاقتصادي، وإغاثته إذا تعثر.

وقال أوباما إنه سيعلن في خطابه اليوم مزيدا من الإنفاق «الذكي» على البحوث والتعليم والتنمية، والبنية التحتية في البلاد. وتعمد أوباما استعمال كلمة «ذكية» ليشير إلى أنه يتفق مع الحزب الجمهوري على أهمية مراقبة الإنفاق الحكومي وعدم المبالغة فيه، لكنه، أيضا، يرى أن دور الحكومة في المجتمع يجب أن لا يصل مرحلة تخفيض الإنفاق، مما يقود إلى إهمال مسؤولياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

لكن، قال السيناتور ماكونيل في تلفزيون «فوكس» إن الميزانية الجديدة التي أعلن أوباما خطوطها العريضة «تتحدى الرسالة التي بعث بها الناخبون في نوفمبر (تشرين الثاني)». تشير هذه إلى سيطرة الجمهوريين على مجلس النواب، وحصولهم على ستة مقاعد في مجلس الشيوخ. وأضاف ماكونيل: «سوف نلقي نظرة على توصيات الرئيس. لكن، هذا ليس الوقت المناسب لتضخيم الإنفاق الحكومي». ومن المتوقع أن يكون خطاب «حالة الاتحاد» اليوم هو بداية الحملة الانتخابية.. حشد الحزب الديمقراطي قادته للرد، أولا بأول، على انتقادات قادة الحزب الجمهوري، مثل السيناتور ماكونيل. رد عليه السيناتور ريتشارد ديربن، وقال إن خفض الإنفاق الحكومي «قد يوقف الانتعاش، أو، على الأقل، يجعله بطيئا».

ورد على هذا، في تلفزيون «إن بي سي»، زعيم الأغلبية في مجلس النواب، إريك كانتور، وقال إنه لا بد من «تخفيضات عميقة وعدنا بها الشعب الأميركي في حملة الخريف الماضي». وأضاف أن خفض ميزانية البنتاغون يمكن أن يكون جزءا من خفض الإنفاق الحكومي. وقال: «كل دولار ينبغي أن يكون على الطاولة».

وقالت صحيفة «واشنطن بوست»: «هذه نبرة جديدة من الجمهوريين الذي ظلوا يقسمون أنهم لن يخفضوا الميزانية العسكرية».

وأشار مراقبون في واشنطن إلى إحصاءات تقول إن ميزانية البنتاغون السنوية وصلت إلى أكثر من ستمائة مليار دولار. وأن إجمالي الميزانية هو تريليون ونصف تريليون. ويعنى هذا أن الإنفاق العسكري يشكل نسبة ربع الميزانية تقريبا. وكان، قبل حروب العراق وأفغانستان والإرهاب، أربعمائة مليار تقريبا.

لكن، لا يتوقع المراقبون أن يشير أوباما في خطابه الليلة إلى أي تخفيض في ميزانية البنتاغون. بالعكس، سيركز على الإشادة بالقوات العسكرية، خاصة التي تحارب في أفغانستان.

لكن أوباما، في وقت ما، سيجد نفسه في مواجهة الجناح اليميني في الحزب الجمهوري، الذي يعارض أي تخفيض في ميزانيتي البنتاغون ووزارة أمن الوطن. ويرى كثير من الجمهوريين المحافظين أن أوباما لم يذهب بعيدا بما فيه الكفاية لتخفيض ميزانيات الوزارات الأخرى.

بعد عدة أسابيع من خطاب «حالة الاتحاد»، يجب على كل الأطراف أن تقرر إذا ما كانت تريد رفع الحد الأعلى لديون الحكومة. وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن هذه الديون وصلت إلى خمسة عشر تريليون دولار.

وحسب القانون الأميركي، يجب أن يوافق الكونغرس على رفع الحد الأعلى لهذه المديونية. لكن، أشار العديد من المحافظين إلى أنهم لا يرغبون في رفع سقف الاقتراض أكثر من حدوده الحالية. وقال كانتور الجمهوري إن الجمهوريين يريدون تخفيض النفقات الحكومية حتى لا تضطر الحكومة لمزيد من الاستدانة. وقال: «دعوني أكن واضحا، الجمهوريون لن يصوتوا لهذه الزيادة في سقف الديون من دون أن تكون هناك جدية لخفض الإنفاق الحكومي وإجراء إصلاحات إدارية».

وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» إنه «على الرغم من الاختلافات، فإنه يوجد احتمال حلول وسطى بين الطرفين». مثلا، يتفق كثير من الديمقراطيين والجمهوريين على إجراء تغييرات في قانون الضمان الاجتماعي، وقانون الرعاية الطبية. ومن بين هذه التغييرات رفع سن التقاعد، والحد من الفوائد الطبية لأولئك الذين في أشد الحاجة إليها.

ورغم معارضة الجناح اليميني في الحزب الجمهوري لتخفيض الميزانية العسكرية، فإن الجمهوري كانتور قال إنه على استعداد للنظر في خفض الإنفاق العسكري. وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن وزير الدفاع، روبرت غيتس، يؤيد التخفيض. وأيضا إلى أنه ينتمي إلى الحزب الجمهوري. وكان بادر في السنة الماضية، واقترح تخفيض مائة مليار دولار، وهي أقل من نسبة عشرة في المائة من الميزانية السنوية.

وأيضا، يتوقع أن يشير أوباما في خطاب «حالة الاتحاد» إلى أزمة قروض المنازل، وهي الأزمة التي كانت ابتدأت المشكلة الاقتصادية قبل ثلاث سنوات. ولا تزال المشكلة مستمرة، وذلك بسبب عدم توفر قروض بنكية سهلة، وبسبب قلة الإقبال على شراء المنازل بسبب زيادة نسبة البطالة وارتفاع تكاليف المعيشة.

وعلى الرغم من معارضتهم لزيادة الضرائب، فإن بعض الجمهوريين اعترفوا بأن قانون الضرائب يجب أن لا يخصم ضرائب الذين يشترون منازل جديدة. ويعنى هذا أنهم، في صفقة نهائية، ربما يتفقون مع الديمقراطيين على «زيادة» الضرائب بمثل هذه الطريقة غير المباشرة.

وقالت صحيفة «واشنطن بوست»: «السؤال الذي يواجه قادة الطرفين هو ما إذا كان يمكن مواجهة هذه القضايا بطريقة إيجابية، أو ما إذا كانت العملية ستصبح فوضوية، ومريرة، وغير فعالة». وأضافت: «هذا ما حدث في منتصف التسعينات». هذه إشارة إلى سنة 1994، في عهد الرئيس كلينتون عندما سيطر الجمهوريون على الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ. في ذلك الوقت، تطورت المواجهة بين الجانبين، مما أدى إلى إعاقة الحكومة مرتين لأن الكونغرس رفض إجازة الميزانية السنوية.