قائد الجيش التونسي يحذر المتظاهرين من الفراغ ويعتبر قواته حامية العباد والبلاد

أنباء عن تعديل وزاري وشيك وأخرى عن تشكيل لجنة حكماء

متظاهرون تونسيون خلال تجمعهم أمس امام مقر رئاسة الحكومة للمطالبة بتشكيل هيئة وزارية جديدة لا تضم رموز النظام السابق (إ ب أ)
TT

أعلن الجنرال رشيد عمار رئيس أركان الجيش البري التونسي، أمس، أن الجيش «حامي الثورة» التونسية، بيد أنه «لن يخرج عن الدستور»، داعيا المتظاهرين إلى إخلاء ساحة الحكومة في العاصمة.

وقال الجنرال عمار، مخاطبا المتظاهرين المتجمعين منذ السبت أمام مقر الحكومة بحي القصبة بالعاصمة مطالبين باستقالة الحكومة المؤقتة، إن الجيش هو «حامي العباد والبلاد والثورة» التونسية. وأضاف الجنرال عمار، الذي كان يخاطب المتظاهرين في محاولة لتهدئتهم «لا تضيعوا هذه الثورة المجيدة، أنا صادق وكل القوات المسلحة صادقة لكي تصل بالسفينة إلى شاطئ السلام».

وزاد قائلا إن «الجيش حمى ويحمي العباد والبلاد. الجيش حامي هذه الثورة»، وحين سأله أحد المتظاهرين عن الضمانات، أجاب «أنا هو.. أنا هو».

وحذر الجنرال عمار من «الركوب على ثورة الياسمين» ومن الفراغ. وأضاف «ثورتكم ثورة الشباب ستضيع ويركبها أناس آخرون»، مشيرا إلى أنه «ثمة قوى تدعو إلى الفراغ، والفراغ يولد الرعب والرعب يولد الديكتاتورية». وشدد الجنرال عمار على تأكيد احترام الجيش التونسي لدستور البلاد. وقال «نحن مع دستور البلاد، وحماة دستور البلاد، ولا نخرج عن دستور البلاد».

ودعا المتظاهرين إلى إخلاء ساحة الحكومة حتى تتمكن «هذه الحكومة أو حكومة أخرى» من العمل.

وأوضح «ساحة الحكومة هذه نريدها فارغة»، سواء كانت في قصر الحكومة بالقصبة «هذه الحكومة أو حكومة أخرى»، مشيرا إلى أن مقر الحكومة فيه «موظفون ساهرون على مصالح العباد، ومكاسب البلاد التي تعبت من أجل إنجازها أجيال وراء أجيال».

ويعرف الجنرال عمار (63 عاما) بين التونسيين بأنه الرجل الذي ساند المتظاهرين، ورفض تنفيذ أوامر الرئيس السابق بن علي بإطلاق الرصاص على المتظاهرين بمنطقتي القصرين وتالة، واكتفى بإنزال الجيش إلى الشوارع التونسية لحماية الممتلكات، وهو ما دعا بن علي إلى عزله ووضعه تحت الإقامة الجبرية، وتعيين الجنرال أحمد شبير مدير المخابرات العسكرية محله. بيد أن محمد الغنوشي رئيس الحكومة الحالي أعاده إلى موقعه عقب مغادرة الرئيس التونسي للبلاد.

وبموازاة مع ذلك، أعلن الطيب البكوش، وزير التربية والمتحدث باسم الحكومة التونسية، أمس، عن تعديل وزاري وشيك «ربما بين اليوم (أمس) والغد»، بيد أنه لم يشر إلى رحيل كافة رموز حكومة الرئيس السابق بن علي، كما يطلب الشارع التونسي. هذا في الوقت الذي ذكرت فيه وكالة «رويترز» مساء أمس نقلا عن مصادر، إجراء مفاوضات لتشكيل لجنة من الحكماء تحل محل الحكومة الانتقالية من أجل حماية «الثورة».

وأوضح البكوش قائلا «يجب أن لا ننسى أن هناك مناصب وزارية شاغرة»، مذكرا باستقالة خمسة وزراء الأسبوع الماضي ضمنهم ثلاثة يمثلون الاتحاد العمالي، وواحد من حزب معارض، وآخر عضو في الحزب الحاكم السابق.

وأضاف البكوش الذي يعتبر شخصية مستقلة ذات خلفية نقابية «ربما تكون هناك استقالات جديدة (من الحكومة)، وبالتالي سيكون لدينا على الأقل 6 حقائب وربما أكثر يتعين توزيعها، وهذا يستدعي بالضرورة تعديلا وزاريا ربما من الآن (اليوم) إلى الغد»، مشيرا إلى «اتصالات جارية» بهذا الشأن.

وتواصلت حركة الاحتجاج التي لم تشهد انحسارا بل تعززت في نهاية الأسبوع بتعبئة مختلف فئات الشعب التونسي، من يسار ونقابيين وإسلاميين ومواطنين عاديين، ضد وجود رموز من نظام الرئيس المخلوع في الحكومة.

وعرف يوم أمس مواجهات قرب مقر الحكومة بين متظاهرين رشقوا بالحجارة وبقوارير بلاستيكية عناصر مكافحة الشغب الذين ردوا بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع.

ووقعت المواجهات حين كانت شرطة مكافحة الشغب تحاول إخراج موظفين من مقر الحكومة.

وهرع عشرات من المتظاهرين الذين قضى مئات منهم الليل أمام مقر الحكومة رغم حظر التجول، نحو الموظفين الخارجين، مما دفع الشرطة إلى إطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين.

ورغم أن الحادث لم يستمر طويلا، فإن التوتر بقي سيد الموقف في حي القصبة حيث حرص العسكريون على الحوار مع المتظاهرين لتهدئة الوضع.

وكانت مجموعة من المتظاهرين خربت أمس سيارة للشرطة جراء مواجهة بينهم وبين الشرطة، حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

ووقعت المواجهة حين هاجم متظاهرون أشخاصا اعتقدوا أنهم من أعضاء الحكومة، كانوا متوجهين إلى مستشفى مجاور.

وتدخلت الشرطة فقام المتظاهرون برشقها بالحجارة. إلا أن عسكريين تمكنوا من أن يحولوا سريعا بين المتظاهرين والشرطة وأطلقوا طلقات تحذيرية في الهواء. وعندها دمر المتظاهرون سيارة للشرطة، وانهالوا على نوافذها بالعصي وصعدوا فوقها قبل أن يعود الهدوء.

ويتولى جنود حراسة أبواب مقر الحكومة الواقع في مدينة تونس العتيقة، حيث أغلقت المنافذ المؤدية إليه، ووضعت أسلاكا شائكة.

وتوافد أمس منذ الصباح الباكر المئات من الأشخاص القادمين من منطقة سيدي بوزيد التي انطلقت منها الثورة، وانضمت إليهم مجموعات من سكان العاصمة، بترديد الهتافات التي تدعو إلى إسقاط الحكومة.

ويتوقع أن تنضم إليهم قوافل أخرى من المتظاهرين القادمين من المناطق الداخلية، بحسب رسائل متداولة على موقع «فيس بوك».

وفي غضون ذلك، بدأ مدرسو قطاع التعليم الابتدائي أمس إضرابا لا محدود في بداية أسبوع حرج لحكومة الغنوشي التي يطالب المتظاهرون باستقالتها.

وكان من المقرر أن يستأنف تلاميذ التعليم الأساسي (الابتدائي والإعدادي)، وقسم من تلاميذ الثانويات أمس الدراسة في المدارس والمعاهد التي أغلقت أبوابها منذ 10 يناير (كانون الثاني) الحالي. بيد أن نقابة التعليم الابتدائي دعت إلى «إضراب عام مفتوح» اعتبارا من أمس للمطالبة بتشكيل حكومة جديدة لا تضم وزراء من نظام بن علي. وقال نبيل هواشي، عضو النقابة العامة للتعليم الابتدائي، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الإضراب نجح بشكل غير مسبوق في معظم المناطق التونسية، مشيرا إلى أن نجاح الإضراب «تؤكده النسب المرتفعة للإضراب في معظم المناطق حيث بلغت في محافظات مدنين (جنوب شرقي) والقيروان (وسط) وباجة وجندوبة (شمال غرب) وسيدي بوزيد والقصرين (وسط الغرب) نسبة مائة في المائة».

على صعيد آخر، أعلن العربي نصرة، مالك قناة «حنبعل» التونسية الخاصة، أمس، بنفسه على قناته الإفراج عنه، وعدم توجيه أي تهمة له، غداة الإعلان عن توقيفه بتهمة الخيانة العظمى، حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال نصرة «أغلق الملف وانتهى»، غداة إعلان وكالة الأنباء الحكومية نقلا عن «مصدر مأذون له»، توقيفه بتهمة «الخيانة العظمى». وأضاف نصرة، الذي كان يرتدي بذلة ويضع نظارات شمسية، «لقد تمت معاملتي بشكل جيد. التهمة خطيرة وعقوبتها الإعدام، ولكني أسامح الجميع».

وزاد قائلا «لا رئيس الوزراء، ولا وزير الداخلية كانا على علم بتوقيفي» دون أن يوضح من أمر بتوقيفه. وكانت وكالة الأنباء التونسية نقلت عن المصدر، أن نصرة «يعمل عن طريق القناة على إجهاض ثورة الشباب وبث البلبلة والتحريض على العصيان ونشر معلومات مغلوطة هدفها خلق فراغ دستوري وتقويض الاستقرار وإدخال البلاد في دوامة العنف».

وأضاف المصدر ذاته أن «هدفه (صاحب القناة) في ذلك إرجاع ديكتاتورية الرئيس السابق».

وتوقفت قناة «حنبعل» عن البث لساعات، الأحد. وهي أول قناة خاصة في تونس. على صعيد آخر، واصل أعوان المؤسسة الأمنية لليوم الثالث على التوالي المطالبة بمراجعة وضعيتهم المهنية، وتحسين مرتباتهم، وتجمعوا قرب الباب الخلفي لوزارة الداخلية، وأطلقوا شعارات مطالبة بحقهم في تكوين نقابة تحفظ حقوقهم المهنية.