السلطة الفلسطينية تتهم «الجزيرة» بتبادل الأدوار مع إسرائيل

أبو مازن عن تسريب الوثائق: هذا عيب * عبد ربه: «ضخ إعلامي مشوه» * حماس: دليل على تورط السلطة في تصفية القضية

الرئيس الفلسطيني، محمود عباس أبو مازن، خلال مؤتمر صحافي أمس في القاهرة (رويترز)
TT

توترت العلاقة بين السلطة الفلسطينية وقطر بشكل غير مسبوق، بعد نشر قناة «الجزيرة» القطرية، وثائق مسربة أظهرت أن المفاوضين الفلسطينيين كانوا مستعدين لتقديم تنازلات في قضايا مختلفة، أهمها القدس واللاجئون والمستوطنات. واتهمت السلطة الفلسطينية القناة القطرية، بتبادل الأدوار مع إسرائيل في حرب مفتوحة للنيل من مصداقية السلطة والمس بالرئيس الفلسطيني، محمود عباس، وطلبت من أمير قطر الحديث كذلك عن دور القاعدة الأميركية في بلاده وعلاقات بلاده مع إسرائيل وإيران. ولم تنف السلطة صحة الوثائق لكنها قالت إن «الجزيرة» زورتها من خلال اقتطاع الجمل من سياقها، وعرض مواقف إسرائيلية على أنها فلسطينية، كما دعت مراكز بحوث فلسطينية مستقلة للتحقق من صحة الوثائق. بينما رأت فيها حركة حماس دليلا على تورط السلطة في «تصفية القضية الفلسطينية».

وأكد الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في القاهرة أن وثائق «الجزيرة» تتضمن «خلطا مقصودا، وهذا عيب».

وفي رده على أسئلة الصحافيين قال عباس: «المقصود من ذلك هو الخلط، فقد رأيت بنفسي ما عرضته القناة، ويقال إنه فلسطيني، بينما هو إسرائيلي». وتابع: «أقول بمنتهى الصراحة ليس لدينا سر، وهذا ما تعرفه الدول العربية مجتمعة أو منفردة، فكل المفاوضات التي نجريها أو اللقاءات، وكل قضية نطرحها أو تطرح علينا، نقدمها بتفاصيلها إلى الدول العربية مشفوعة بكل الوثائق والأوراق، ولذلك فعندما يحدث خلط مثلما أذيع فهذا أمر مقصود، وهذا عيب».

وكانت قناة «الجزيرة» بدأت مساء أول من أمس ببث مئات «الوثائق السرية» المتعلقة بالمفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية تناولت الدفعة الأولى منها ما وصفته المحطة القطرية بـ«التنازلات» التي قدمها المفاوض الفلسطيني في ما يتعلق بالقدس واللاجئين.

وفي رام الله، شن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ياسر عبد ربه، هجوما غير مسبوق على أمير قطر وقناة «الجزيرة»، وقال في مؤتمر صحافي: «ما تفعله (الجزيرة) اليوم هو محاولة لتشويه موقف القيادة» متهما إياها بالتزوير، عبر قوله إنهم «غيروا النصوص وزوروا الوثائق واقتطعوا الكلام وركبوا صورا من أجل خدمة موقفهم».

ولمح عبد ربه إلى تساوق وتنسيق بين «الجزيرة» وإسرائيل بهدف إضعاف القيادة الفلسطينية، منذ شن حملات متزامنة ضد الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أبو عمار)، واليوم ضد الرئيس الحالي (أبو مازن)، وقال: «(الجزيرة) فعلت مع أبو عمار (بعد مفاوضات كامب ديفيد) ما تفعله مع أبو مازن، شككت فيه وطنيا وشككت في مواقفه واتهمته بأنه يبيع المقاومة ويعاديها، وساندت كل القوى التي راحت تنهش في لحم أبو عمار والسياسة الفلسطينية، واليوم أشبه بالبارحة.. كنا نتلقى السهام من المحتلين ونتلقى السهام من (الجزيرة) ومن يساندها، وكان الهدف من الطرفين إيصال أبو عمار إلى أقصى درجات الضعف لينهار تحت ضربات المحتلين الإسرائيليين».

ولم ينف عبد ربه صحة الوثائق، لكنه اتهم «الجزيرة» بالتحريف، وقال: «لن نناقش صحة أو عدم صحة هذه الوثائق، إنما أتوجه باسم القيادة الفلسطينية إلى مؤسسات الأبحاث والدراسات الفلسطينية المستقلة لكي تشكل فورا لجنة من بينها حتى تدرس هذه الوثائق وحتى تتيقن من مدى صحتها أو عدم صحتها، ومن ناحية أخرى حتى تدرس كذلك مدى ما أوغلت فيه (الجزيرة) من اقتطاع لجمل خارج سياقها ومواقف خارج زمنها وأقوال بعضها على سبيل السخرية أو التحدي واعتبرت كأنها مواقف فلسطينية، أو أقوال إسرائيلية، ومواقف نسبتها (الجزيرة) إلى الجانب الفلسطيني».

ويرى عبد ربه أن «الجزيرة» «لعبت دورا سياسيا لا علاقة له بالمهنية، بالاستناد إلى قرار مسبق بتشويه الموقف الفلسطيني في هذه المرحلة». وأضاف: «كان بمقدور (الجزيرة) بدل أن تؤلف لجان بحث وتستدعي من نعرف من (الرداحين) الممتهنين الذين تتم دعوتهم عندما تكون هناك حاجة لـ(الردح) ضد السلطة، بدلا من هذا أو إضافة إليه، كان بمقدور (الجزيرة) أن تتصل بنا كي نرى هذه الوثائق ونحضر ردودنا عليها».

وتساءل عبد ربه: «لماذا الحملة اليوم، هل هي الصدفة؟ التي دفعت إلى إطلاق الحملة من قبل (وزير خارجية إسرائيل، أفيغدور) ليبرمان و(مدير قناة [الجزيرة]، وضاح) خنفر، من قبل (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتياهو، ومن يمول (الجزيرة)؟ هل هي الصدفة وحدها هي التي جعلت الأمور تسير في هذا الاتجاه؟».

وقال عبد ربه إن «(الجزيرة) استخدمت كلمات ترقى إلى مستوى المزاح، واخترعت أمورا لم أسمع في حياتي إن مفاوضا فلسطينيا ممكن أن يقترب منها».

وتابع عبد ربه مفندا ما جاء في «الجزيرة»: «أما القدس الشرقية، لم نقدم شيئا في ما يتعلق بالقدس الشرقية، الذي قاله أبو مازن لأولمرت، القدس لنا بحدود 67. أما الحديث عن مستوطنات وغيرها فهو في إطار اللغو ولا أساس له». ووصف عبد ربه ما بثته «الجزيرة» بأنه «ضخ إعلامي مشوه»، وأضاف: «لو علق منه 5% في أذهان المواطن، هذا يكفي، أكذوبة هنا.. دس هناك، يكفيهم».

وقدم عبد ربه الشكر لأمير قطر، من باب السخرية والاتهام، قائلا: «نحن نشكر أمير قطر، على حرصه على الشفافية، وعلى رغبته في إيصال الحقيقة إلى أوسع جمهور، ونأمل أن يوسع نطاق هذا التوجه نحو الشفافية إلى آخر مدى بحيث تشمل كذلك دور القاعدة الأميركية في قطر في التجسس على البلدان المجاورة والشعوب العربية، وأن تشمل علاقات قطر مع إسرائيل ومع إيران، وأن تشمل أيضا مساعدات قطر لقوى بعضها طائفي وتلعب دورا في تقسيم بلدها وفي الإساءة إلى الروح الوطنية في هذا البلد»، وأضاف: «نحن واثقون أن سمو أمير قطر الذي يحرص على الشفافية، سوف يواصل السير على هذا الطريق لتغمر نعمة الشفافية المنطقة بأكملها».