ميدفيديف يتعهد بتصفية الإرهابيين ويطالب بطرد المسؤولين عن أمن المواصلات

إجراءات أمنية مشددة بالمطارات ومحطات القطارات

ضابط شرطة روسي يفتش حقائب مسافرة لدى مرورها من جهاز الكشف عن المتفجرات في مطار دوموديدوفو أحد أكبر المطارات الدولية في العاصمة موسكو أمس (رويترز)
TT

بدا الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف في مستهل اجتماعه الموسع مع قيادات أجهزة الأمن والمخابرات أمس وهو يكابد الكثير من آلام الفاجعة التي أدمت القلوب وحصدت أرواح 35 من الأبرياء ومنهم ثمانية من ضيوف العاصمة الأجانب الذين كانوا وفدوا إليها من ألمانيا وبريطانيا وعدد من بلدان الفضاء السوفياتي السابق. وعاد ليطلق الوعود بملاحقة المجرمين أينما كانوا ويصب جام غضبه على المقصرين في مطار دوموديدوفو أحد أكبر المطارات الدولية في موسكو ويتوعد المسؤولين عن ضمان أمن النقل والمواصلات بالثبور وعظائم الأمور.

وطالب ميدفيديف الحكومة ووزارة الداخلية وأجهزة الأمن باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لسرعة القبض على مدبري العملية الإرهابية الانتحارية الأخيرة وهو ما سبق وفعله أكثر من مرة لدى مواجهة العمليات الإرهابية التي طالما عصفت بأمن المواطن وقضت على الأبرياء ممن يواجهون عودة تصاعد الإرهاب في ظل تراخي الأجهزة الأمنية حسب تعبير الرئيس الروسي، مؤكدا على ضرورة أن تظل مكافحة الإرهاب على رأس أولويات أجهزة الأمن التي طالبها بتصفية المنظمات التي ينتمي إليها أولئك المقاتلون الذين نفذوا عملية موسكو دون الإشارة إلى هوية أي منها وإن تدارك حدة التعبير ليقول بضرورة تقديمهم إلى القضاء.

وحمل ميدفيديف على المسؤولين في مطار دوموديدوفو متهما إياهم بالتقصير ومتسائلا عن كيفية إغفال تهريب مثل هذا الكم من المتفجرات إلى داخل المطار، في الوقت الذي سارعت فيه قيادات المطار لدرء الاتهامات مؤكدة أن مسؤوليتها تقتصر على تأمين الطيران، فيما ألقت على كاهل شرطة النقل والمواصلات بكامل مسؤولية تأمين صالات السفر والوصول خارج الدائرة الجمركية. وعهد الرئيس الروسي إلى النيابة العامة مراجعة إجراءات الأمن في المطارات وتحديد أطر مسؤولية القائمين على الأمن والنظام في كل وسائل النقل والمواصلات في موعد أقصاه نهاية الشهر الجاري على ضوء التشريعات التي سبق وعمل على تغييرها لمواجهة الحالات الاستثنائية في هذه القطاعات. وقد خلصت اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب إلى قصور إجراءات الأمن في المطار الذي قالت إنه كان يفتقر إلى ابسط أشكال الحماية والتأمين وإن دخول كل قاعات الوصول والسفر كان متاحا أمام الكثيرين دون تفتيش أو مراجعة مما ساهم في تسهيل مهمة الانتحاريين. وقال ميدفيديف في حديثه إلى القناة الأولى لتلفزيون موسكو إن هدف العملية الإرهابية الأخيرة تمثل في حصد أكبر عدد من الأرواح في إطار عملية منظمة مؤكدا أن تشديد الأجهزة المعنية للرقابة مسألة اضطرارية قد تتسبب في خلق بعض المتاعب عزاها إلى الظروف الاستثنائية.

«الشرق الأوسط» زارت صباح أمس مطار دوموديدوفو وشاهدت أن ما يجري اتخاذه من إجراءات يظل في إطار المسكنات التي سبق وتعاطتها العاصمة الروسية عقب كل انفجار أو عملية إرهابية تصدم مواطنيها. ومراجعة هويات ذوي الملامح القوقازية وتفتيش الحقائب عند مداخل المطارات قبل الوصول إلى مواقع شركات الطيران المنتشرة في الصالة الرئيسية بالدور الأول للمطار. المواطنون يتدافعون ويتذمرون ويتصايحون مؤكدين سخطهم واحتجاجاتهم تجاه أن المجرمين ارتكبوا جريمتهم في وضح النهار تحت سمع وبصر ممثلي الأجهزة الأمنية وكاميراتها المنتشرة في مختلف أرجاء المطار، فيما يظهر أن من يتحدث عن تشديد القبضة الأمنية، إلا أنها لن تتجاوز تكثيف الدوريات ورفع درجة استعداد قوات الأمن والدفع بالمزيد من كلابها البوليسية إلى مداخل المطارات ومحطات السكك الحديدية. البعض من بسطاء القوم والمواطنين يعرب عن تفهمه لأهميتها ويتفق مع الرئيس ميدفيديف الذي قال إنها تنال من راحة المواطن مؤكدا استعداده لتقبل ما هو أقسى وطأة شريطة أن يرى نتيجة إيجابية يمكن أن تكون تعويضا مناسبا عما يلحق به من متاعب.

الكثيرون يجأرون بالشكوى من «مافيا المطار» ومافيا السكك الحديدية «وممثليها» الذين ينتشرون في كل المناطق المجاورة لهذه المؤسسات الحيوية ويسوقون مثالا على محاولات الاتجار بهموم وكوارث البشر مثلما حدث في أعقاب اللحظات الدموية التي عصفت بمطار دوموديدوفو. وكان سائقو التاكسيات والسيارات الخاصة الذين طالما استمرأوا احتلال قاعات الوصول والقاعات المجاورة للاتجار براحة الراكب وذويه من مستقبليه أو مودعيه تحت وسمع وبصر ممثلي أجهزة الأمن والشرطة المنتشرين في المكان. لقد سارع هؤلاء إلى الاتفاق حول فرض تعريفة الركوب التي لا يستطيع أي منهم عن أن يحيد عنها وبلغت في أعقاب الانفجار ما يقرب من عشرين ألف روبل أي قرابة سبعمائة دولار مقابل نقل الراكب حتى وسط العاصمة وهي الرحلة التي لا يزيد ثمنها في الظروف العادية عن ثلاثين دولارا، وذلك كله تحت سمع وبصر وغالبا بمباركة رجال الشرطة الذين انتشروا في المكان ومنهم من يتقاضى ثمن صمته وعزوفه عن التدخل أو مساعدة المتضررين. وما نقوله ليس سرا لأنه وببساطة ينسحب على قطاعات أخرى كثيرة وهو ما سبق واعترف به الرئيس الروسي ميدفيديف حين أشار إلى تفشي الفساد بين أجهزة الأمن فيما سبق وحملت مؤسسات قياس الرأي العام الشرطة إلى مصاف الفئات الأكثر فسادا.