أوباما يلقي خطاب الاتحاد: وعود بإنعاش الاقتصاد ودعوة لتحسين العمل السياسي

الرئيس الأميركي يعتمد شعار «أتفهمكم» بدلا من شعاري «التغيير» و«نحن نقدر»

TT

كان مقررا أن يلقي الرئيس الأميركي باراك أوباما الليلة الماضية خطابه حول حالة الاتحاد، لكن الخطاب قوبل، حسبما أعلن مسبقا، بتحفظ من الجمهوريين كما من حزب حركة الشاي اليميني. وألقى أوباما خطابه في التاسعة مساء بتوقيت واشنطن، بحضور أعضاء الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، على أمل رفع مستوى النقاش السياسي في البلاد. وحسب التقاليد الأميركية، يتقدم عضو من الحزب المعارض، مباشرة بعد الخطاب، بتلاوة بيان على التلفزيون يعلق فيه على الأمر. لكن يوم أمس، كان مفترضا أن يعلق عضوان على الخطاب، هما بول ريان، عضو الكونغرس الجمهوري من ولاية ويسكونسون، وميشيل باكمان، التي تنتمي إلى الجناح المتطرف في الحزب (حزب الشاي).

وحدث ذلك رغم أن الرئيس أوباما شدد منذ أسابيع على ضرورة تحسين وتمدين العمل السياسي في البلاد، خصوصا بعد التوتر الذي ساد الجو السياسي إثر حادثة إطلاق النار الأخيرة على النائبة غبريال غيفوردز في توسون بولاية أريزونا.

وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن الجو الحزبي كان مختلفا يوم أمس عما كان عليه في السنة الماضية عندما صرخ نائب من ولاية كارولينا الجنوبية، هو جو ويلسون، صرخته الشهيرة: «أنت تكذب»، اعتراضا على ما كان يتحدث عنه أوباما. ولهذا، شاهد الأميركيون، الليلة الماضية، نوعا آخر من رد الفعل في أعقاب إطلاق النار على غيفوردز.

غير أن الموضوع الرئيسي الذي تحدث عنه أوباما كان الوضع الاقتصادي، مع استمرار ارتفاع نسبة البطالة، ومع استمرار ندرة القروض المصرفية، واستمرار ركود بيع وشراء المنازل، والذي يعتبر نتيجة للعاملين السابقين. وقال أوباما إنه سيتخذ خطوات للقضاء على مخلفات الكارثة المالية التي بدأت في عهد الرئيس السابق بوش الابن في سنة 2007. وقال أوباما إنه يتعاطف مع الأميركيين العاديين، وإنه يعدهم بالعمل من أجل تحسين الوضع، ولينعكس ذلك على حياتهم الخاصة.

وأشار مراقبون إلى أن شعار أوباما الجديد الذي كرره في خطابه أمس، «أنا أفهم»، يبدو شعارا جديدا يمكن مقارنته بشعاري «التغيير» و«نعم نقدر» الذين خاض بهما انتخابات الرئاسة سنة 2008. لهذا، بدا أوباما وكأنه يقول: «أنا أفهم مشكلاتكم مثلكم». وهكذا، وجد أن أحسن فرصة لنشر هذا الشعار هو خطاب «حالة الاتحاد» حيث عرف أن الملايين من الناخبين يشاهدونه.

وأشار أوباما إلى أن حل المشكلة الاقتصادية لا يأتي فقط من تحسن الحال في السوق، ولكن أيضا بسبب القرارات السياسية التي اتخذها هو. والهدف من ذلك هو إقناع الناخبين بأن يعيدوا انتخابه في سنة 2012. وركز أوباما في خطابه على التفاؤل بالمستقبل. وعلى كيفية جعل الولايات المتحدة أكثر قدرة على المنافسة في السوق العالمية. وعلى تشجيع الابتكار.

ورغم أن أوباما أشار إلى أهمية العمل معا بالنسبة لقادة الحزبين الجمهوري والديمقراطي، كان واضحا أنه قال ذلك بسبب فشل حزبه في صناديق الاقتراع في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وداخل قاعة الكونغرس بينما كان يتحدث، كان واضحا أن هناك 63 نائبا جديدا من الحزب الجمهوري في مجلس النواب، و6 في مجلس الشيوخ. ورغم أن أوباما، في خطابه، لم ينحن إكبارا بأي شكل من الأشكال لغالبية الحزب الجمهوري في مجلس النواب الجديد، فإنه دعا إلى التعاون، ومد يديه نحو المقاعد التي يتمركز فيها أعضاء الحزب الجمهوري.

ولم ينس أن يدافع عن قانون الرعاية الصحية الجديد، رغم أنه يعرف أن الأغلبية صوتت لصالح الجمهوريين في مجلس النواب بإلغاء القانون. وأشار مراقبون إلى ميل أوباما في خطابه نحو الأسلوب الخطابي الذي يجيده، غير أنه استغل ذلك ودعا إلى توحيد كلمة الأميركيين، رغم الخلافات السياسية. وكأنه يريد أن يكون رئيسا ملهما لأميركا، وليس فقط رئيسا سياسيا.

وكان أوباما فعل ذلك ببراعة في خطابه أمام أقرباء ومعارف ضحايا إطلاق النار في توسون (ولاية أريزونا) في وقت سابق من هذا الشهر. استخدم المأساة كنقطة انطلاق ليقول: «لا بد من زيادة التركيز على ما يجمعنا وليس على ما يفرق بيننا».

في رد الحزب الجمهوري على الخطاب، والذي كشف النقاب عنه مسبقا، كان مفترضا أن يقول ريان إنه يمد يد التعاون مثلما فعل أوباما، لكنه لم يخف الخلافات الأساسية بين فلسفتي الحزبين. وكرر أهمية تخفيض الإنفاق الحكومي، وعدم رفع الضرائب. ولم تكن مصادفة اختيار ريان، لأنه يعتبر من شباب الحزب الصاعد. وفي السنة الماضية أيضا، رد على أوباما واحد من شباب الحزب الصاعد أيضا، هو حاكم ولاية لويزيانا، بوبي جيندال، الذي هاجر والداه من الهند. كذلك، يمكن اعتبار ميشيل باخمان من شابات الحزب. لكنها، في خطاب الرد على خطاب أوباما، أمس، عكست رأي «حزب الشاي» المتطرف، والذي لا يريد فقط تخفيض الإنفاق الحكومي، وإنما أيضا تخفيض دور الحكومة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية.