خطط أوباما للتنمية المحلية تواجه بتحديات سياسية

مشرعون: تقليل العجز مقدم على مشاريع تفتقد للتمويل

أوباما يسير في البيت الأبيض قبل توجهه إلى مبنى الكونغرس لإلقاء خطاب حالة الاتحاد مساء أمس (رويترز)
TT

بعد خطاب حالة الاتحاد الذي كان مقررا أن يلقيه الرئيس الأميركي باراك أوباما، الليلة قبل الماضية، وكان يفترض أن يستخدمه لحشد الأميركيين للتفوق في مجال الإنشاءات على دول أخرى، فإنه يواجه تحديا غير معتاد يتمثل في دفع الجمهوريين إلى تبني مشروعات أشغال عامة، وكأنها مثل أمور أخرى سعوا إلى تطبيقها في أرض الوطن.

وقد تغير المناخ بدرجة كبيرة منذ العام الماضي، عندما استخدم الرئيس الأميركي خطابه وقتها من أجل توضيح الخطوط العريضة لرؤيته بشأن شبكة خطوط سكك حديدية لقطارات عالية السرعة على المستوى الوطني، وبعد ذلك ذهب جوا إلى تامبا في اليوم التالي ليعلن عن أموال تحفيز اقتصادي من أجل قطار فائق السرعة إلى أولاندو.

ويبدو أن الحاكم الجديد الجمهوري لولاية فلوريدا ريك سكوت غير ممتن لذلك، وهو يحاول اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان سيقبل 2.4 مليار دولار تعهدت بها الحكومة الفيدرالية لبدء الإنشاءات. وقد رفض حكام جمهوريون جدد في أوهايو وويسكنسن بالفعل تمويلا فيدراليا لخطوط سكك حديدية جديدة، حيث لا يرون أهمية فيها. وقال الجمهوريون الذين يسيطرون حاليا على مجلس النواب إن السعي لتقليل العجز، وليس القيام بمشروعات تتطلب نفقات جديدة، سيكون على رأس أولوياتهم.

ولذا يقوم أوباما بإعادة تقييم رسالته ويحاول التأكيد على أن مشروعات الأشغال العامة ليست مرتبطة فقط بخلق وظائف على المدى القصير في مجال الإنشاءات، وإنما تتعلق بمنافسة اقتصادية على المدى الطويل. ويؤكد على أن تمويل عملية إعادة بناء الطرق وخطوط السكك الحديدية والمطارات وشبكات الكهرباء وحتى شبكات البرودباند داخل الولايات المتحدة ستكون أمورا ضرورية إذا كانت البلاد تسعى للمنافسة على الساحة الاقتصادية العالمية. وكان متوقعا أن يكرر دعوته لإنشاء «مصرف بنية تحتية وطني»، من شأنه أن يختار مشروعات الأعمال العامة التي تستحق.

وفي معرض تأكيده على أهمية اختيار المشروعات بحرص، يقول ديفيد بورويل، مدير برنامج المناخ والطاقة بمؤسسة «كارنيغي»: «القضية هي كيف تعرف أنك ستجني عائدا من الاستثمار. وترتبط القضية بالطريقة التي تجعلنا نثق نوعا ما في أنك تستثمر بهدف تنمية الاقتصاد».

وكان خطاب أمس بمثابة ثالث دعوة من جانب أوباما لإعادة بناء البنية التحتية القديمة داخل الولايات المتحدة. وفي محاولته الأولى، التي تمثلت في حزمة تحفيز اقتصادي قيمتها 787 مليار دولار، لم يخصص سوى جزء صغير منها للأشغال العامة. واختير الكثير من المشروعات لأنها قد توفر فرص عمل للمواطنين بسرعة أكبر نسبيا، وليس لأنها ستحدث تغييرا بشكل خاص. ولم تبرح محاولته الثانية، التي تضمنت دعوة إلى برنامج بنية تحتية بقيمة 50 مليار دولار في عيد العمال، مكانها في معرض الاستعدادات لانتخابات التجديد النصفي.

ويعد التحدي الذي تواجهه الإدارة الأميركية في الوقت الحالي مضاعفا، حيث يتعين عليها التفاوض بشأن مشروع قانون جديد للنقل مع الكونغرس وسط ضبابية كبيرة بشأن مصادر التمويل والجوانب التي يجب صرفها فيها. كما أن هناك تحديا حول كيفية ضمان أنه عندما تكون الموارد محدودة ستحصل المشروعات ذات القيمة الأعلى على التمويل.

وفي واشنطن، يحتمل أن تواجه أولويات إدارة أوباما لنقل جماعي موسع وخطوط سكك حديدية لنقل الركاب تحديا من جانب جمهوريين داخل الكونغرس جاءوا من مناطق ريفية لديها احتياجات مختلفة، وهو اتجاه اكتسب زخما عقب انتخابات التجديد النصفي. ويوجد في المناطق الممثلة في الكونغرس من قبل ديمقراطيين حاليا عدد سكان أكبر بمقدار 11 مرة مقارنة مع المناطق الممثلة في الكونغرس من قبل جمهوريين، وذلك حسبما أفاد تحليل نشرته دورية «ترانسبورتيشن ويكلي» المهتمة بالنفقات الفيدرالية على المواصلات. وهذا النوع من التفاوت قد تكون له تبعات كبرى عندما يتعلق الأمر بالبت في مقدار تمويل النقل الفيدرالي الذي يجب إنفاقه على النقل الجماعي بدلا من الطرق السريعة.

وقد بدأت ملامح المعركة تتبدى بالفعل. فخلال الأسبوع الماضي فقط، قدمت مجموعة من الجمهوريين المحافظين داخل مجلس النواب مقترحا لوقف دعم «أماتراك» ومنح من أجل خط سكك حديدية لنقل الركاب وخط سكك حديدية للقطارات السريعة وبرنامج نقل فيدرالي ضخم والدعم الفيدرالي لمترو واشنطن. وقد دفع ذلك ويليام ميلر، رئيس الرابطة الأميركية للمواصلات العامة، إلى القول إن المجموعة «ركزت فقط على تكاليف على المدى القصير من دون النظر في القيمة الاقتصادية التي تقدمها هذه الاستثمارات الضرورية في مجال النقل العام».

وتوجد مساحات محتملة لأرضية مشتركة، فقد كان الرئيس الجديد للجنة النقل والبنية التحتية بمجلس النواب جون ميكا، النائب الجمهوري عن ولاية فلوريدا، مؤيدا لخط سكك حديدية للقطارات عالية السرعة. ولكن على عكس إدارة أوباما، التي قررت وضع أكثر من نصف أموالها المخصصة لخط سكك حديدية لقطارات عالية السرعة في طرق نقل ركاب عادية تأمل تطويرها يوما ما، يريد ميكا أن يذهب التمويل الفيدرالي إلى قطارات فائقة السرعة يمكنها تحقيق أرباح وجذب استثمارات من القطاع الخاص.

وفي الوقت الحالي فإن الجزء الأكبر من التمويل في صندوق الطرق السريعة الفيدرالي يأتي من ضريبة البنزين الفيدرالية، وهي ضريبة قيمتها 18.4 سنت على كل غالون بنزين يباع ولم يتم جمعها منذ 1993. ومن بين المقترحات التي لم تسلط عليها الأضواء بدرجة كبيرة وقدمتها في وقت متأخر من العام الماضي لجنة الإصلاحات والمسؤوليات المالية التابعة للرئيس - يشار إليها في بعض الأحيان بلجنة الدين - زيادة ضريبة الغاز بصورة تدريجية بمقدار 15 سنتا للغالون الواحد في الفترة من 2013 حتى 2015. ولكن ربما تكون هناك صعوبة سياسية في القيام بذلك.

وفي عصر تسببت فيه المقترحات غير المحددة الاتجاه إلى تآكل الثقة بين المواطنين، يقسم معظم تمويل النقل الفيدرالي وفقا لصيغة محددة ويرسل إلى الولايات التي يكون لها دور كبير في تحديد طريقة إنفاق هذا التمويل. وخلال فصل الخريف من العام الحالي، وجد تقرير لوزارة الخزانة ومجلس المستشارين الاقتصاديين أنه «مع استثناءات قليلة بارزة، فإن التمويل الفيدرالي لاستثمارات بنية تحتية لا يوزع على أساس المنافسة بين مشروعات تستخدم تحليل اقتصادي قوي أو مقارنات التكاليف مع المكاسب».

* خدمة «نيويورك تايمز»