الغضب الشعبي يتفجر في طرابلس ويمتد إلى كل مناطق شمال لبنان

قطع طرقات وإحراق سيارتين لـ«الجزيرة» و«الجديد»

متظاهرون مؤيدون لسعد الحريري يشاهدون أمس سيارة تابعة لفضائية «الجزيرة» وهي تشتعل في مدينة طرابلس في شمال لبنان (أ.ف.ب)
TT

فجَّر أمس أبناء مدينة طرابلس وعموم مناطق الشمال غضبهم بشكل واسع، احتجاجا على تكليف ابن مدينتهم نجيب ميقاتي بترؤس الحكومة الجديدة، بدلا من رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، وتطور الأمر إلى اقتحام المتظاهرين مكتب الوزير محمد الصفدي وتحطيمه على خلفية تسمية الأخير لميقاتي في الاستشارات النيابية، كما عملوا على نزع صور الرئيس المكلف من شوارع طرابلس، فضلا عن إحراقهم سيارتين، الأولى لفضائية «الجزيرة» القطرية، والثانية لمحطة تلفزيون «الجديد»، المخصصتين للنقل المباشر ومحاصرة عدد من الصحافيين، قبل أن يتدخل الجيش اللبناني ويخرج الصحافيين المحاصرين من مبنى قريب من مكان التجمع الشعبي.

كان الآلاف من مناصري تيار المستقبل قد بدأوا بالتجمع منذ ساعات الصباح الأولى في ساحة «النور» القريبة من سرايا طرابلس، في «يوم الغضب» الذي دعا إليه نواب المدينة، استنكارا لـ«تجاهل خيار الأكثرية السنية في لبنان»، وترافقت التجمعات مع إقفال تام للمدارس والمؤسسات التجارية والمصارف والمحال التجارية، وشمل الإقفال مدارس مناطق الكورة وعكار والمنية وغيرها، وقد ردد المحتشدون هتافات مؤيدة للرئيس سعد الحريري، ومناهضة لميقاتي، ورفعت صورا ولافتات تعلن التضامن الكامل مع الحريري وتياره السياسي، وتعلن الولاء له ولمسيرة والده الرئيس الراحل رفيق الحريري.

وتطورت التجمعات الاحتجاجية إلى اعتداء على سيارة تابعة لمحطة تلفزيون «الجديد» للنقل المباشر وإحراقها، بعد أن فر الفريق الفني من داخلها ولجأ إلى أحد المباني، كما اقتحم الغاضبون سيارة نقل مباشر تابعة لفضائية «الجزيرة» وإضرام النار فيها، بعد أن حطموها، كما لجأ فنيوها إلى المبنى نفسه والتحقوا بزملائهم في تلفزيون «الجديد» ومعهم مصور تلفزيون «المستقبل»؛ حيث حاصرهم الشبان الغاضبون قبل أن يتدخل الجيش ويخرجهم من المبنى إلى جهة آمنة، وقد اضطر الجيش إلى إطلاق النار في الهواء ليتمكن من شق طريقه ليتمكن من إخراج الصحافيين المحاصرين. وقد أصيب أحد المحتجين بجروح بطلق ناري لم يُعرف مصدره، وتم نقله إلى أحد مستشفيات المدينة. وبعد الظهر انتقلت الاحتجاجات إلى منطقتي التبانة والقبة، وعمد المحتجون إلى إشعال الإطارات وقطع الطرقات. وتحدثت معلومات عن استنفار في صفوف الحزب «السوري القومي الاجتماعي» في طرابلس، وتوترات بين منطقة جبل محسن التي تقطنها غالبية علوية والمناطق المجاورة لها.

وأعلن عضو كتلة المستقبل، النائب محمد كبارة، الذي شارك في التجمع الاحتجاجي في ساحة النور، أن «هذا اليوم (أمس) هو يوم الغضب الوطني ضد التدخل السوري - الإيراني الفاضح في شؤوننا الداخلية». وقال: «لن نسمح بتعيين شخص علينا، ولن نسمح باغتصاب قرارنا ولن نسمح باحتلالنا مجددا».

أما عضو كتلة المستقبل النيابية، رياض رحال، فقال: «إننا لا نخاف من أي عملية شغب؛ لأن ما نشهده مظاهرة سلمية للتعبير عن الرأي، ويجب أن يكون الاعتصام ليلا ونهارا حتى يعود الرئيس ميقاتي عن قراره».

واستنكر وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال طارق متري «أعمال العنف التي تعرض لها عدد من الإعلاميين»، ودعا الأجهزة الأمنية إلى حماية كل الإعلاميين أثناء قيامهم بمهامهم، مناشدا الجميع «الالتزام بالطابع السلمي لتحركهم الشعبي واحترام حق الإعلاميين، كل الإعلاميين، في ممارسة واجباتهم المهنية، بعيدا عن كل أنواع الإكراه والضغط والتهديد».

في السياق نفسه، أكد منسق الإعلام في تيار المستقبل، أيمن جزيني، أن «تيار المستقبل لا يتبنى ولا يتحمل أيا من أعمال الشغب»، لافتا إلى أن «هناك لحظة غضب غير مسؤول عنها تيار المستقبل». واستنكر جزيني «أي اعتراض أو أي محاولة للإخلال بالأمن أو العبث بالأمن»، مشيرا إلى أن «ما يحدث من أعمال همجية نحن غير مسؤولين عنه».

وعقد رئيس «دعوة الإيمان والعدل والإحسان»، الدكتور حسن الشهال، مؤتمرا صحافيا في مكتبه في طرابلس، توجه فيه إلى ميقاتي بالقول: «بعد رد الفعل الشعبي، نتوجه إلى الرئيس ميقاتي لافتين إلى أن دستور الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان يؤكد نصا وروحا حق الطائفة السنية في اختيار رئيس الحكومة اللبنانية من خلال الأكثرية النيابية السنية التي لها الحق الميثاقي الأول في تسمية رئيس مجلس الوزراء». وأضاف: «إننا ندعو الرئيس ميقاتي، ناصحين صادقين، إلى خطوة تاريخية شجاعة تحفظ له ولأسرته، ألا وهي الاعتذار عن تشكيل الحكومة جمعا للصف السني خصوصا واللبناني عموما».

أما خارج طرابلس فأقدم المحتجون من مناصري تيار المستقبل على قطع طريق العبدة - العبودية الدولي (الحدود اللبنانية - السورية) عند مفترق بلدة بلانة الحيصة، كما قطع طريق العبدة - حلبا (عكار) عند مفترق بلدة وادي الجاموس، وفي بلدة برج العرب وعند مفترق بلدة دير دلوم حيث أقدم المتظاهرون على إشعال إطارات السيارات. وقرابة الساعة التاسعة صباحا وبعد تدخل القوى الأمنية أعيد فتح الطرقات في الوقت الذي بدأت فيه مواكب السيارات بالتوجه نحو مدينة طرابلس للمشاركة في الاعتصام في ساحة النور.

كما قطع المحتجون في عكار عددا من الطرقات الرئيسية والفرعية ومنها طريق حلبا - الكويخات عند مفترق بلدة الشيخ محمد جرَّاء إشعال إطارات السيارات. وطريق بلدة الشيخ عياش، وعطلوا حركة العبور بين لبنان وسورية عبر نقطة العبودية الحدودية.