يهود الولايات المتحدة يطالبون أوباما بالتحرك الفوري لإنقاذ عمليةالسلام

نتنياهو يستغل «الوثائق» لإسقاط المطلب الفلسطيني بتجميد الاستيطان

TT

توجهت المنظمة الليبرالية ليهود الولايات المتحدة وكندا «جي ستريت» إلى الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بنداء عاجل أمس تدعوه إلى التحرك الفوري لإنقاذ عملية السلام في الشرق الأوسط.

وقالت المنظمة في رسالتها إلى أوباما إن الوثائق التي تنشرها صحيفة «غارديان» البريطانية وقناة «الجزيرة» القطرية، لا تترك مجالا للشك في نوايا السلطة الفلسطينية المخلصة والجادة للتوصل إلى تسوية سلمية دائمة ومعقولة. والأمر يتطلب تدخلا أميركيا لطرح مبادرة سلام جدية تنقذ الشرق الأوسط من خطر التدهور وتنتهز الفرصة السانحة لإقامة السلام.

وجاءت هذه الدعوة في الوقت الذي كان فيه قادة إسرائيل يستغلون هذه الوثائق للتحريض على السلطة الفلسطينية. فأطلق مقربون من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، تصريحات باسمه قالوا فيها إن الوثائق تثبت أن الشرط الذي تطرحه السلطة الفلسطينية بتجميد البناء الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس، ما هو إلا مجرد حجة كاذبة يتذرعون بها لتبرير عدم استعدادهم للسلام.

وأضاف رجال نتنياهو أن «السلطة الفلسطينية، كما تشير الوثائق، كانت قد تنازلت عن غالبية المستوطنات في الضفة الغربية وفي القدس. فلماذا تصر على تجميد الاستيطان في مناطق تنازلت عنها؟ ألا يدل ذلك على أن لديهم نوايا أخرى؟». وفسر نتنياهو هذه النوايا بالقول: «الفلسطينيون ينتظرون أن يمارس المجتمع الدولي والولايات المتحدة ضغوطا على إسرائيل تصل إلى حد إسقاط الحكومة الحالية واستبدال حكومة أخرى يروق لهم التفاوض معها بها». وقد أثار هذا التصريح انتقادات لاذعة في إسرائيل، وتساءل المعلق السياسي في «يديعوت أحرونوت»، ناحوم بارنياع: «هل يريد نتنياهو أن يعاقب الرئيس أبو مازن على أنه وافق على اتخاذ موقف معتدل بهدف التوصل إلى حل وسط على طريق التسوية؟ هل يريد نتنياهو أن يقول لنا إن الفلسطينيين أخطأوا عندما وافقوا على مطلبنا بأن تبقى غالبية الأحياء اليهودية في القدس تحت السيادة الإسرائيلية؟!!».

من جهة ثانية، كشف نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي، موشيه يعلون، أن حكومته لا تؤمن بإمكانية التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين في المستقبل المنظور. ففي محاضرة ألقاها أمام «مجلس أمن إسرائيل» (وهو إطار يميني يقوده الجنرال عوزي ديان، رئيس مجلس الأمن القومي السابق، الذي انتسب إلى الليكود وأصبح مقربا من نتنياهو)، قال يعلون إن القيادة الفلسطينية الحالية ليست قيادة سلمية. بل إنها رفضية. وهي تستغل بساطة المجتمع الدولي الذي يساندها، وتدير سياسة متصلبة. وحتى عندما عرض عليها رئيس الوزراء السابق، أيهود أولمرت، الانسحاب الكامل من الضفة الغربية وعرض عليها غالبية القدس الشرقية، رفضت العرض. وطالبت وما زالت تطالب بالمزيد.

وقال يعلون إنه لا يوجد وزير كبير من اللجنة السباعية (التي تدير الحكومة الإسرائيلية في الشؤون المصيرية)، يؤمن بأن السلام ممكن مع هذه القيادة في المستقبل المنظور، لأنها - أي القيادة الفلسطينية - ممزقة فيما بينها وفي الوقت نفسه لا تعترف بإسرائيل كدولة يهودية. وأضاف: القيادة الفلسطينية لا تسيطر على الشارع الفلسطيني. ونشر الوثائق أضعفها أكثر وعزز من قوة منافسيها في غزة. فمع من تتفق إسرائيل؟ ومن هو الشريك في عملية السلام.

وكان مصدر أميركي قد صرح لصحيفة «هآرتس»، أمس، أن إدارة الرئيس أوباما لا تكترث لوثائق «الجزيرة» ولا تستطيع إعطاءها بوليصة تأمين. وهي تواصل مساعيها لتقليص الفجوات في مواقف الطرفين، حتى تعيدهما إلى طاولة المفاوضات المباشرة. فيما قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إن إدارة أوباما يائسة تماما من نتنياهو. ولا تتحمس لمواصلة وساطتها لدفع مفاوضات السلام.

وفي السياق نفسه، خرجت الشرطة الإسرائيلية، أمس، بتقديرات تشير إلى احتمال أن يؤدي نشر هذه الوثائق إلى تدهور دام في المنطقة. وحسب تقرير استخباري، فإن حركة «فتح»، الغاضبة على «الجزيرة» وعلى إسرائيل بنفس المقدار لأنهما تعتبرهما شريكين في نشر الوثائق والتحريض على الرئيس محمود عباس، تخطط للانتقام بإشعال صدامات مع الشرطة في نهاية هذا الأسبوع.

وقال مصدر رفيع في الشرطة الإسرائيلية إن هناك حجة متوفرة يمكن للحركة (فتح) أن تتذرع بها لكي تفجر الأوضاع الأمنية، هي الحفريات قرب أسوار القدس. وأشار الناطق إلى احتمال أن تتحول صلاة الجمعة في الحرم القدسي الشريف إلى انتفاضة موضعية، قد تتطور إلى ما هو أوسع وأخطر. وعليه أكد أن قواته ستوجد بشكل مكثف في الحرم القدسي، يوم الجمعة القادم، وستضع قيودا على دخوله، حتى تمنع الصدام.