بعد «يوم الغضب اللبناني»: حالة من الترقب والهدوء الحذر.. ووعود باستكمال التحركات سلميا

«المستقبليون» يعتبرون أن موقع رئاسة الحكومة أخذ منهم بالتهديد

TT

بعد «يوم الغضب» اللبناني الطويل بدخانه الأسود الذي غطى سماء بيروت والشمال وإقليم الخروب والبقاع، استفاق اللبنانيون أمس على الطقس الماطر الذي كان كفيلا بمحو آثار مستوعبات النفايات والإطارات المشتعلة.. لكنه بالتأكيد لن يمحو من الذاكرة هذا التاريخ الذي كان كفيلا بتغيير الصورة السياسية والشعبية لفريق 14 آذار بشكل عام ولتيار المستقبل بشكل خاص.

وفي جولة على بعض هذه المناطق التي شهدت مظاهرات وأعمال شغب، رافضة تكليف نجيب ميقاتي برئاسة مجلس الوزراء، يظهر الوضع المتوتر الذي لا يزال يسيطر على الأحياء لا سيما بين مناصري تيار المستقبل الذين يعتبرون أن المشكلة لا تكمن في اختيار ميقاتي، وإنما في استيلاء حزب الله على قرار الطائفة السنية. أما على صعيد الأجواء العامة، والحياة اليومية للبنانيين في هذه المناطق، فهي لا تزال تعيش حالة من الهدوء الحذر على وقع مخلفات «يوم الغضب». الحركة في الشوارع بقيت طوال ساعات النهار خجولة في ظل بقاء اللبنانيين في منازلهم مترقبين ما ستؤول إليه الأمور. المحلات التجارية فتحت أبوابها بشكل عادي، بينما أقفلت معظم المدارس، ولليوم الثاني على التوالي، في بيروت وصيدا وطرابلس والبقاع، أبوابها تحسبا لأي أحداث مفاجئة. فعلى الأوتوستراد الساحلي بين بيروت والجنوب الذي أقفله المتظاهرون أول من أمس، وفي مناطق إقليم الخروب، سجلت حركة سيارات خفيفة وانتشار لحواجز الجيش اللبناني وآلياته، بينما لا يزال المواطنون يعبرون عن غضبهم، رافضين تقبل عدم تولي سعد الحريري رئاسة الحكومة، واعدين باستكمال تحركاتهم الاحتجاجية وبإعادة إقفال الطرقات، «ناقمين» على رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، الذي منحوه أصواتهم في الانتخابات النيابية الأخيرة، وخرج اليوم عن الخط والتوجه السياسي الذي انتخبوه بناء عليه بعد تعرضه لضغوط أدت إلى تغيير مواقفه.

وفي بيروت، وتحديدا في منطقة الطريق الجديد وأحيائها، لا تزال الشعارات الموقعة باسم شباب المنطقة مرفوعة على مداخل أحيائها، منها ما يقول «إذا ناديتنا، لبينا نداءك، الحكومة لك وليست لغيرك»، وأخرى تؤكد أنه «كرمالك البلد فداك، فداك الروح والولد يا شيخ سعد».. أما أهلها ففي حين يؤكدون أن تحركهم في «يوم الغضب» كان لا بد منه، يلفتون وعند سؤالهم عن طريقة التعبير التي اعتمدت في هذا اليوم، إلى أن من قام بأعمال الشغب ليسوا من أبناء المنطقة وإنّما طابور خامس دخل على الخط ليعكس صورة مغايرة عن تلك التي يعرف بها شباب تيار المستقبل، مؤكدين أن تحركهم السلمي سيبقى مستمرا كما طلب منهم سعد الحريري. وفي هذا الإطار يقول أحد الشباب الذي رفض الإفصاح عن اسمه لـ«الشرق الأوسط»: «نحن تيار العلم والقلم، لسنا ميليشيا ولا نملك السلاح». ويلفت إلى «أن ما حدث الثلاثاء كان تعبيرا عن الاستياء الذي يشعر به شباب تيار المستقبل، لكن لم تستخدم الأسلحة ولم يطلق الرصاص كما صورت محطات التلفزة التابعة لفريق الثامن من آذار» من دون أن ينفي التعرض إلى بعض وسائل الإعلام قائلا: «هم بدأوا باستفزازنا وبالتعرض للرئيس سعد الحريري، فكيف يتوقعون أن تكون ردة فعلنا؟». من جهته، يعتبر أبو فادي عيتاني أن «الشارع يجب أن يقابله شارع. عبرنا عن رفضنا لما حصل وهذا من حقنا، وعلى الرغم من أن بعض الشباب المتحمسين من المنطقة بالغوا في هذا التعبير من خلال إقفال الطرقات وإشعال الإطارات لكن لم نصل إلى استخدام السلاح كما فعل عناصر حزب الله في أحداث 7 مايو (أيار) 2008 وقتلوا أهلنا الأبرياء». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة ليست في بقاء سعد الحريري في السلطة لكن في كرامة الطائفة السنية، ما حصل هو خيانة للحريري ولقرار دار الفتوى. سرقوا منا الموقع بالتهديد بالسلاح». من ناحيته يقول محمد عقيل: «في البداية كان التحرك سلميا، لكن هناك أشخاصا غرباء دخلوا على الخط وأطلقوا الرصاص على الجيش وقاموا بأعمال الشغب».