«14 آذار» تدعو للتجمع السلمي اليومي ونزع السلاح من طول البلاد وعرضها

مصادر «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط»: قرار نهائي بعدم المشاركة في الحكومة

مواطن لبناني يزيل آثار الدمار الذي ألحقته مظاهرات الاحتجاج بمحله في مدينة طرابلس أول من أمس (رويترز)
TT

أكدت مصادر مطلعة في تيار المستقبل لـ«الشرق الأوسط» أنها اتخذت قرارا نهائيا بعدم المشاركة في الحكومة الجديدة باعتبارها حكومة حزب الله وستنفذ برنامج عمل وضعه الحزب مسبقا حتى ولو لم يتمثل فيها. وأوضحت المصادر أن تيار المستقبل سيقوم بدوره كاملا في صفوف المعارضة، كاشفة عن أن «التحركات والتجمعات السلمية ستبقى مستمرة حتى 14 فبراير (شباط) المقبل، ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، للتعبير عن رفض الواقع المفروض علينا».

إلى ذلك، دعت الأمانة العامة لقوى 14 آذار، اللبنانيين إلى «استعادة مشهد حركة الرابع عشر من آذار، وذلك بالتجمع السلمي يوميا وبالأعلام اللبنانية حول ضريح رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، في ساحة الحرية، ساحة 14 آذار». وأعلنت عن انطلاق مرحلة بعنوانين رئيسيين: «دعم المحكمة الدولية إحقاقا للحق وللعدالة، ونزع السلاح من طول البلاد وعرضها، ليس فقط من أجل أن يكون اللبنانيون أحرارا لا يرهبهم أحد، بل لأن ذلك هو الشرط لإنهاء التحكم في الدولة وفي عملية بنائها وتطويرها».

واعتبرت الأمانة العامة أن حزب الله، مستقويا بسلاحه، نفذ في الأيام الماضية انقلابا موصولا، بدأه بإسقاط حكومة سعد الحريري وواصله بتحديد رئيس الحكومة الجديد، وباستخدام الوسائل غير المشروعة كافة لتغيير المعادلة النيابية وإيصال مرشحه نجيب ميقاتي الذي خضع لشروط حزب الله، لافتة إلى أن «ما جرى لا يمت بصلة إلى الممارسة الديمقراطية والدستورية ولا إلى مبدأ التداول السلمي الديمقراطي للسلطة».

وشددت على أن ما جرى «انقلاب وبالتالي الرد عليه لا يمكن أن يكون بمجرد معارضة تقليدية».

في هذا الوقت، كشفت مصادر مسيحية في قوى 14 آذار لـ«الشرق الأوسط» عن أن «التوجه العام لديها هو لعدم المشاركة في الحكومة المقبلة»، لافتة إلى أنها «تتريث في الإعلان الرسمي عن الموضوع بانتظار ما سيعلنه الرئيس ميقاتي لجهة موقفه من المحكمة الدولية». وأضافت: «نحن نسعى ليكون موقفنا واحدا بما يخص المشاركة أو عدمها لأننا سنبقى صفا واحدا لمواجهة انقلاب الفريق الآخر».

ولفت ما أعلنه عضو المكتب السياسي لتيار المستقبل مصطفى علوش إلى أن «بداية تحركات ما بعد يوم الغضب ستكون من خلال نصب خيمة في ساحة التل في طرابلس ترافقها مسيرة سلمية»، لافتا إلى أن «الرئيس نجيب ميقاتي سيعود إلى بيته، ولكن السؤال يبقى: كيف يقبل على نفسه أن يكون في مدينة أخذ مواقف ضد رغبات أبنائها؟».

واعتبر عضو تكتل لبنان أولا عاصم عراجي أن «الخطأ الذي ارتكبته قوى الرابع عشر من آذار هو موافقتها على الثلث المعطل الذي جاء نتيجة اتفاق الدوحة»، واصفا الثلث المعطل بأنه «بدعة أدخلت إلى الحياة السياسية في لبنان». وإذ أكد عراجي أن «ما حصل من قبل الفريق الآخر انقلاب سياسي، بدءا بالتهديدات التي تعرض لها بعض رؤساء الكتل النيابية، وصولا إلى تأجيل الاستشارات التي لو حصلت في موعدها لما كان مرشح حزب الله نجح في التكليف»، معتبرا أن «نزول أصحاب القمصان السود إلى الشارع كان أول عمليات الضغط على هؤلاء».

من جهته، رأى عضو كتلة الكتائب النائب سامي الجميل أن «هذه الأزمة ستبقى مفتوحة لأن الخيارات المطروحة اليوم خيارات متباعدة بين الفرقاء اللبنانيين»، معتبرا أن «التنازلات المتكررة التي حصلت من قبل فريق 14 آذار تحت عنوان الحفاظ على السلم الأهلي، أدت إلى أننا وصلنا إلى خلط في المؤسسات الدستورية ولم تؤد إلى وقف الانقلاب الذي كان يقام منذ فترة»، داعيا «14 آذار» إلى أن «توقف التنازلات لتعيد الثقة إلى الناس».

إلى ذلك, نفى مسيحو «14 آذار» مشاركتهم بيوم الغضب أول من أمس, وهم ساندوه بمواقفهم السياسية ولكنهم أدانوا ما تحولت إليه المظاهرات السلمية. ففضلوا المشاركة فقط في تجمعات وسط بيروت لإعلان رفض إلغاء المحكمة الدولية.

وبينما اعتبر رئيس حزب الوطنيين الأحرار دوري شمعون، أن «ما حصل في الشوارع اللبنانية ينم عن رد فعل منتظر»، أدان «تحول المظاهر السلمية للاحتجاج لحالات من العنف والتدهور الأمني» وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الشارع السني لا يرى أن الرئيس ميقاتي هو الممثل الفعلي لطائفته، وبالتالي الاحتجاج حقه الديمقراطي». وأوضح شمعون أن «مسيحيي (14 آذار) لم يشاركوا بالاحتجاجات في الشارع، لأن النفوس لا تزال محقونة، وبالتالي التحركات العفوية في الشارع من هذا النوع ستؤدي لما أدت إليه من عنف»، وأضاف: «نحن اعتدنا أن ننزل إلى الشارع بانضباط وديمقراطية والكل يعلم أن مليونا ونصف المليون نزلوا إلى الشارع بكل حضارة في الفترة الماضية، ونجحوا في تحقيق مطالبهم، لذلك أي مشاركة لنا في أي احتجاج ستكون على شاكلة ما حصل في 14 آذار 2005».

وعن إمكانية المشاركة في حكومة يرأسها الرئيس ميقاتي، توقع شمعون أن «يقاطع كل من سموا الرئيس الحريري، المشاركة في الحكومة المقبلة»، ولكنه أردف قائلا: «لكن الكل يعلم اليوم أن قلة تمتلك أخلاقا سياسية، فمن يدري، ولكننا نأمل أن يكون موقفنا كقوى 14 آذار واحدا لجهة المقاطعة».

بدوره، شجب نائب رئيس حزب الكتائب سجعن قزي، «تحول التظاهر السلمي لأعمال عنف وتخريب ليست من شيم قوى 14 آذار»، داعيا «القوى المؤثرة على العناصر الموجودة في الشارع لسحبها وإبقاء الاستنكار في طابعه السلمي إن كان ذلك لا يزال ممكنا». وفي اتصال مع «الشرق الأوسط»، قال قزي: «الساحة اللبنانية، وكما تعلمون مفتوحة أمام أكثر من طابور خامس ينتظر مثل هذه التطورات لافتعال الحوادث، لذلك على الجيش اللبناني والقوى الأمنية الضرب بيد من حديد كي لا تتحول المظاهرات السلمية لحالات عنف». وأوضح قزي أن «الكتائبيين يشاركون وسيشاركون في أي تجمعات سلمية لا تتخطى الوسائل الديمقراطية والشرعية»، وأضاف: «رغم أن التكليف استحقاق وطني فإن الظروف التي أحاطت به أعطته طابع الخلاف السني – الشيعي والسني – السني، لذلك على المكونات الأخرى في قوى 8 و14 آذار أن تبذل جهدا لمنع تطور هذا الخلاف ونقل الاستحقاق من الملعب المذهبي الطائفي إلى الحلبة الوطنية، خاصة أن الكل يعلم أن الاستشارات النيابية تحضرت في مطابخ غير لبنانية تحت وطأة الضغط والترهيب».

إلى ذلك، قال منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد، إن «اللبنانيين اكتشفوا في لحظة أن هناك فريقا هو الذي يقرر إسقاط الحكومة وتشكيل حكومة جديدة ومن سيكون رئيسها، وأن هذا الفريق لديه القدرة على أن يتحكم بالدولة». وأعرب عن تصوره أن «الانتفاضة الحاصلة اليوم تجاوزت الأزمة الحكومية وستذهب في اتجاه طرح كل الأمور الأساسية والمفصلية»، متمنيا أن «تبقى هذه الانتفاضة بعيدة عن السلاح والعنف».

من جهته، قال عضو الأمانة العامة لـ«14 آذار» سمير فرنجية: «هذه المعركة ستكون الأخيرة التي سيشهدها لبنان، إنها محاولة أخيرة لتغيير طبيعة لبنان ونظامه، ولبنان سيكون هو المنتصر في هذه المعركة، والمطلوب من اللبنانيين اليوم الوعي الكافي لخوض هذه المعركة»، معتبرا أن الحكومة المقبلة هي «حكومة حزب الله وإيران وسورية في لبنان.. وليتحمل حزب الله مسؤولية وضع يده على البلد».

وردا على سؤال عن رأيه في الرئيس نجيب ميقاتي ووصوله مرة جديدة إلى سدة رئاسة الحكومة، أجاب فرنجية: «وصوله بظروف مختلفة أمر طبيعي، فهو يتمتع بشعبية وبقاعدة في طرابلس تسمح له بأن يكون رئيسا لحكومة»، مؤكدا في الوقت عينه أنه «مرفوض وغير مقبول أن يتم تعيين الرئيس نجيب ميقاتي من السيد حسن نصر الله، فنحن نعترض على تعيينه وعلى ممارسة الضغوط على النواب، وعلى الاستعراضات العسكرية في شوارع بيروت والجبل، تمهيدا لإخافة اللبنانيين والإتيان برئيس حكومة»، مطالبا ميقاتي بأن «يعي خطورة المرحلة، وأنه بالأسلوب المعتمد لا يمكن أن يكون رئيسا للحكومة».