أوباما يشيد بالتقدم في العراق وأفغانستان ويحذر إيران.. ويغفل سلام الشرق الأوسط

ربط بين حالتي تونس وجنوب السودان.. ودعا مواطنيه لابتكار حلول اقتصادية لعالم يتغير

أوباما أثناء إلقائه خطاب حالة الاتحاد الليلة قبل الماضية (رويترز)
TT

شدد الرئيس باراك أوباما في خطابه حول حالة الاتحاد الليلة قبل الماضية على التقدم الذي حققته السياسة الأميركية في أفغانستان والعراق، بينما أعلن أن إدارته ستبقى على موقفها الصارم إزاء كوريا الشمالية وإيران بشأن طموحاتهما النووية. واستخدم أوباما خطابه أمام الكونغرس لإبراز النجاحات في مجال السياسة الخارجية، ومن ذلك إصلاح العلاقات مع روسيا والشراكة المتنامية مع الهند وتنشيط الجهود لمكافحة انتشار الأسلحة النووية في العالم، غير أن الخطاب خلا من ذكر الجهود المتعثرة للسلام في منطقة الشرق الأوسط. إلا أن مسؤولين بالبيت الأبيض قالوا إن هذا الإغفال لا يعبر عن أي ضعف في التزام الولايات المتحدة بمساندة مساعي السلام.

وقال أوباما إن الولايات المتحدة تقف إلى جانب شعب تونس، «حيث أثبتت إرادة الشعب أنها أقوى من إرادة الحاكم المستبد»، في إشارة إلى الرئيس زين العابدين بن علي، الذي أرغم على الفرار خارج البلاد في 14 من الشهر الحالي، إثر احتجاجات شعبية. غير أن أوباما لم يشر إلى مصر، حيث شهدت البلاد احتجاجات مماثلة لم يسبق لها مثيل في أنحاء البلاد للمطالبة بإنهاء حكم الرئيس حسني مبارك، الذي مضى عليه 30 عاما. وربط أوباما بين الحرية في تونس وجنوب السودان، وقال إن الحالتين تجسدان «الرغبة في أن يكون الإنسان حرا، وهي رغبة أقوى من أي حاكم ديكتاتوري». وأشار إلى «أن قوتنا ليست أهم شيء وإنما مبادئنا»، وقال إن ما حدث في جنوب السودان دليل على ذلك، مضيفا أنه «بمساعدتنا، صار شعب جنوب السودان قادرا، في النهاية على أن يصوت للاستقلال، بعد سنوات الحرب». واستدل بمواطن جنوبي، كان قد فقد أربعة من إخوانه في الحرب قال: «كانت هذه حرب استمرت طيلة حياتي. الآن يجب أن نكون أحرارا». وكان لافتا أن أعضاء الكونغرس صفقوا مرة عندما أشار أوباما إلى تونس، ومرتين عندما أشار إلى جنوب السودان.

وبخصوص العراق وأفغانستان، ذكر أوباما أن القوات الأميركية ماضية، حسب الخطة المقررة، نحو إنجاز مهمتها في العراق هذا العام «مرفوعة الهامة»، كما أكد أن خطته للبدء تدريجيا في سحب القوات الأميركية في أفغانستان في يوليو (تموز) ماضية، على الرغم من استمرار الخطر الذي يشكله تنظيم القاعدة. وقال أوباما: «سيكون هناك قتال شديد، وسيكون على الحكومة الأفغانية تحسين نظام الإدارة العامة، لكننا نقوم بتدعيم قدرات الشعب الأفغاني وبناء علاقة شراكة دائمة معه». وعن تنظيم القاعدة قال أوباما إن الرسالة إليه واضحة ومضمونها «لن نلين ولن نتراجع وسنهزمكم».

كذلك، قال أوباما إن الولايات المتحدة ملتزمة بنزع فتيل المخاطر النووية في العالم، في إشارة إلى تصميم بلاده بالإبقاء على الضغوط تجاه طهران وبيونغ يانغ، على الرغم من الجهود للحوار مع البلدين بشأن برامجهما النووية. وقال الرئيس الأميركي: «بسبب الجهود الدبلوماسية التي تصر على أن تفي إيران بالتزاماتها، فإن الحكومة الإيرانية تواجه الآن عقوبات أشد وأكثر صرامة من أي وقت مضى». وشن أوباما هجوما عنيفا على الحكومة الإيرانية، قائلا: إنها «تواجه الآن عقوبات أكثر صرامة، وأكثر شدة من أي وقت مضى». وأشاد بالتعاون مع الأوروبيين، ليس فقط في موضوع إيران، ولكن في مواضيع أخرى، بينها الحرب ضد الإرهاب. وحول الوضع في شبه الجزيرة الكورية، قال أوباما: إننا نقف إلى جانب حليفتنا كوريا الجنوبية، ونصر على أن تفي كوريا الشمالية بالتزامها بالتخلي عن الأسلحة النووية».

وتطرق أوباما إلى ما صار يسمى «الإرهاب الداخلي»، حيث يعتقل مواطنون أميركيون بتهم التخطيط لأعمال إرهابية داخل وخارج الولايات المتحدة. وكانت منظمات إسلامية ومنظمات حقوق إنسان أميركية قد انتقدت بعض هذه الاعتقالات، وقالت إنها جزء من الإسلاموفوبيا التي اجتاحت المجتمع الأميركي بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول).

وأعلن أوباما الذي زار الصين والهند وإندونيسيا وغانا عن خطط لزيارة البرازيل وشيلي والسلفادور في مارس (آذار) المقبل، وذلك في إطار حملة دبلوماسية أميركية لتعزيز العلاقات مع المناطق سريعة النمو. وحث الكونغرس على إقرار اتفاق للتجارة الحرة مع كوريا الجنوبية «في أقرب وقت ممكن» لكنه لم يقدم جدولا زمنيا بشأن التحرك لإقرار اتفاقين مماثلين مع بنما وكولومبيا.

وكان ملف الاقتصاد قد حظي بجزء مهم من الخطاب، إذ استهل به الرئيس حديثه عبر عرض تحليلي للواقع الاقتصادي، أشار خلاله إلى أن الكثير من الأميركيين يتذكرون كيف كان الوضع قبل العولمة وكيف كان يكفي الواحد منهم أن يعمل بكد حتى يحصل على راتب ومنافع اجتماعية كافية. وأكد الرئيس الأميركي أن النظام الاقتصادي العالمي تغير في غضون جيل واحد، داعيا الأميركيين إلى الاستثمار والابتكار كي يكونوا على مستوى التحدي الذي تطرحه الدول الناشئة مثل الصين والهند. وقال أوباما: «القواعد تغيرت. وفي غضون جيل واحد غيرت ثورات تكنولوجية طريقة عيشنا وعملنا وتجارتنا».

وإزاء صعود قوى صناعية جديدة مثل الصين والهند دعا أوباما مواطنيه إلى ألا تثبط عزيمتهم، مشددا على أن الولايات المتحدة لا تزال تمتلك الاقتصاد الأكثر ازدهارا في العالم. وقال «نعم، العالم تغير. النضال من أجل فرص العمل حقيقي. ولكن هذا لا يجب أن يثبط عزيمتنا بل إنه يشجعنا»، داعيا خصومه الجمهوريين إلى دعم الاستثمارات كي «نبتكر ونعلم ونبني أفضل من باقي العالم».

وأعرب الرئيس عن أمله في أن يعمد خصومه الجمهوريون، الذين باتوا أكثرية في مجلس النواب وأقلية معطلة في مجلس الشيوخ، إلى «تقاسم مسؤولية» الحكم مع الديمقراطيين. وقال «لا يمكن إقرار قوانين جديدة من دون دعم الديمقراطيين والجمهوريين. إما أن نتقدم سويا أو لا نتقدم أبدا».

وفي الوقت الذي أكد فيه الجمهوريون أنهم مصممون على خفض نفقات الحكومة الفيدرالية بنسب كبيرة جدا، سعى أوباما إلى طمأنتهم من خلال وعده إياهم بتجميد جزء من النفقات العامة لمدة خمس سنوات، أي أكثر بسنتين من فترة التجميد التي اقترحها سابقا.

لكن المعارضة قررت، على ما يبدو، ألا تتزحزح عن موقفها، إذ إن رئيس لجنة الموازنة في مجلس النواب الجمهوري بول رايان، اتهم أوباما بإقحام الولايات المتحدة، التي ترزح تحت دين عام قياسي بلغ 14 ألف مليار دولار، في دوامة مدمرة. وقال رايان في التعليق الرسمي للحزب الجمهوري على خطاب الرئيس إن «بلدنا يقترب من شفير الهاوية. لقد بلغنا مرحلة إذا لم نسيطر فيها على نمو الحكومة، فإن أفضل قرن للولايات المتحدة سيكون الأخير».

وفي خطابه أيضا، أتى أوباما على ذكر حادثة إطلاق النار التي وقعت في 8 من الشهر الحالي في أريزونا (جنوب غربي) التي دعي الكثير ممن شهدوها، ومن بينهم والدا الفتاة ابنة التسعة أعوام التي قضت في المجزرة، إلى الكابيتول للاستماع إلى كلمة الرئيس.

أبرز النقاط في خطاب الرئيس الأميركي حول حالة الاتحاد تضمن خطاب الرئيس أوباما حول حالة الاتحاد عدة نقاط، فيما يلي أبرزها:

* إيران - «من خلال جهد دبلوماسي للتأكد من أن إيران تحترم التزاماتها، سوف تواجه الحكومة الإيرانية حاليا عقوبات أكثر قسوة وأكثر إكراها من أي وقت مضى».

* السودان - «في جنوب السودان، من خلال مساعدتنا، تمكن الناس أخيرا من الاستقلال، وبعد سنوات من الحرب».

- «وقفوا بالألوف في الصفوف قبل الفجر. نزل الناس إلى الشوارع. رجل فقد أربعة من إخوته في الحرب وصف الوضع بقوله: كان الأمر ميدان معركة للقسم الأكبر من حياتي. الآن، نريد أن نكون أحرارا».

* تونس - «إرادة الشعب ظهرت أكثر قوة من قبضة ديكتاتور».

- «وهذا المساء، فليكن واضحا: الولايات المتحدة الأميركية هي متضامنة مع التونسيين وتدعم التطلعات الديمقراطية لكل الشعب».

* أفغانستان - «بفضل جنودنا والمدنيين، الذين أثبتوا جميعا أنهم أبطال، يتضاءل عدد الأفغان الذين يقعون تحت سلطة المتمردين. ستقع معارك شرسة في المستقبل وسوف تطبق الحكومة الأفغانية حوكمة أفضل».

- «هذا العام، سوف نتعاون مع 50 دولة من أجل الإعداد للمرحلة الانتقالية نحو القوات الأفغانية».

* «القاعدة» في باكستان - «قادتهم ومقاتلوهم يخرجون من ميدان المعركة. ملاذاتهم تتضاءل. وجهنا من الحدود الأفغانية رسالة إلى شبه الجزيرة العربية وإلى جميع الزوايا في الخليج: لن نستسلم، لن نتردد وسوف ندحركم».

* دعوة إلى الاتحاد الداخلي - «الأميركيون قرروا أن تكون مسؤولية الحكم مشتركة بين الأحزاب».

- «لن تقر أي قوانين جديدة إلا بدعم الديمقراطيين والجهوريين. سوف نتقدم معا أو لا نتقدم أبدا».

- «التحدي الحالي هو أن نعرف ما إذا كانت وظائف جديدة وصناعات جديدة تترسخ في بلدنا أو في الخارج».

* الاقتصاد - «العالم تغير، وبالنسبة للكثيرين، التغيير كان مؤلما».

- «القواعد تغيرت. في جيل واحد، حولت ثورات تكنولوجية طريقتنا في الحياة، فلنعمل ونتاجر».

* الضرائب - «هذا المساء، أطلب من الديمقراطيين ومن الجمهوريين تبسيط النظام. الغوا الحيل الضرائبية. وحدوا القواعد واستعملوا الاقتصادات من أجل تخفيف نسبة الضرائب عن الشركات الكبيرة للمرة الأولى منذ 25 عاما، ومن دون أن نزيد عجزنا».

* الشركات البترولية - «أطلب من الكونغرس إلغاء مليارات الدولارات التي تقدم كهدايا إلى الشركات النفطية».

- «لا أعلم ما إذا كنتم قد لاحظتم، ولكنهم سيتصرفون بشكل تام وحدهم. إذن، بدل أن ندعم طاقة الماضي فلنستثمر في طاقة الغد».

* الرحلات الرسمية - «في مارس (آذار) المقبل، سوف أتوجه إلى البرازيل وتشيلي والسلفادور لترسيخ تحالفات جديدة من أجل التقدم في القارة الأميركية».

* الهجرة - «أعتقد فعلا أنه يتوجب علينا أن نواجه، ولمرة أخيرة، موضوع الهجرة غير الشرعية».

- «أنا مستعد للعمل مع الجمهوريين والديمقراطيين لحماية حدودنا وفرض احترام القوانين والاهتمام بملايين العمال من دون أوراق ثبوتية الذين يعيشون حاليا في الظل».