إعلان الحكومة التونسية الجديدة برئاسة الغنوشي وبدون وزراء «العهد السابق»

المحتجون في حي القصبة يواصلون اعتصامهم.. و«عقدة» الاتحاد العام للشغل تؤخر إعلان الحكومة الانتقالية

TT

أعلن في تونس أمس، رسميا، عن تشكيل الحكومة الجديدة، والتي ترأسها رئيس الحكومة الحالي محمد الغنوشي، فيما خرج جميع وزارء الرئيس السابق زين العابدين بن علي، حيث تم تعيين 12 وزيرا جديدا، فيما بقي 9 وزارء من الحكومة القائمة. وقد استبق أمس وزير الخارجية التونسي كمال مرجان إعلان التشكيلة الحكومية الانتقالية الجديدة، وأعلن استقالته مساء «لمصلحة تونس ودعما لعمل حكومة الوحدة الوطنية في قيادة البلاد نحو بر الأمان»، بحسب ما قال في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء (وات) الحكومية. وأضاف مرجان أن استقالته جاءت أيضا «في سبيل أن تؤتي الانتفاضة الشعبية التي تعيشها بلادنا اليوم ثمارها وتحقق تطلعات شعبنا إلى الحرية والعزة والكرامة».

وتأخر الإعلان عن التشكيلة الحكومية الانتقالية الجديدة التي كان من المتوقع أن يعلن عنها ليل أمس، بعدما انتظر التونسيون ذلك منذ أول من أمس، جراء ضغط شديد للاتحاد العام التونسي للشغل (اتحاد عمالي)، الذي حشد آلاف المتظاهرين المطالبين برحيل رموز حكومة الرئيس السابق زين العابدين بن علي لمنع السطو على إنجازات الانتفاضة. وقالت مصادر متطابقة في أحزاب المعارضة المشاركة في الحكومة لـ«الشرق الأوسط» إن أجواء «الملل بدأت تلقي بظلالها على هذه الأحزاب» التي ترفض أن يظل الإعلان عن الحكومة الجديدة رهينة الاتحاد العام للشغل الذي يطالب المعنيين بتشكيلها بالتريث في ذلك، إلى حين إنهاء مشاوراته الداخلية. ويأتي ذلك في وقت يواصل فيه الاتحاد العمالي تأجيج الشارع، وهو الموقف الذي وصفته المصادر ذاتها بـ«الغامض». وألحت المصادر على ضرورة حل «عقدة» الاتحاد العام للشغل.

وفي غضون ذلك، عقدت الهيئة القيادية للاتحاد العام التونسي للشغل أمس اجتماعا قرب العاصمة «لاتخاذ القرار النهائي» بشأن التعديل الوزاري المصيري لبقاء حكومة الغنوشي، في الوقت الذي يضع فيه رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي اللمسات الأخيرة على التعديل الوزاري المرتقب، وهو التعديل الذي سيطال بعض رموز النظام السابق. ويسود اعتقاد راسخ لدى قيادات الاحتجاج في حي القصبة أن بعض وزراء السيادة خارجون لا محالة من الحكومة، من ضمنهم بالإضافة إلى مرجان الذي قدم استقالته، وزير الخارجية وأحمد فريعة وزير الداخلية، ومحمد قريرة وزير الدفاع. ويبدو أن رئيس الوزراء محمد الغنوشي أصبح مستعدا للتضحية بالوزراء الثلاثة. بيد أن الاتحاد العمالي يطمح إلى أن يضحي الغنوشي بخمسة وزراء. وكان الطيب البكوش وزير التربية قد أعلن أول من أمس أن الحكومة الجديدة سيتم الإعلان عنها أمس.

إلى ذلك، واصل آلاف المتظاهرين أمس تجمعهم الاحتجاجي بحي القصبة حيث مقر رئاسة الحكومة، وأقام الجيش حواجز كثيرة عند عدد من المنافذ المؤدية إليها للحيلولة دون وصول مجموعة من أساتذة التعليم الثانوي إلى الساحة للانضمام إلى المتظاهرين الذين نصبوا خيامهم، ووضعوا أفرشتهم على الأرصفة، متناوبين على النوم، وعلى رفع الشعارات. ولم تحل الأمطار التي هطلت أمس على تونس من عزيمة المتظاهرين والمحتجين، إذ واصلوا احتجاجهم وتنظيم أمور نومهم وأكلهم وشرابهم، وافتتحوا مطعما سموه «مطعم الاعتصام» يحظى بتزويد متواصل بالمؤونة من خبز وحليب وشراب، يشرف على تغذية المعتصمين في الساحة مجانا. ويقدم مؤونة المطعم مواطنون متعاطفون مع المعتصمين الذين اختار بعضهم الإضراب عن الطعام احتجاجا على عدم خروج رموز النظام السابق من الحكومة.

على صعيد آخر، أضرب أساتذة التعليم الثانوي في تونس أمس بدعوة من نقابتهم للمطالبة بإخراج رموز النظام السابق من الحكومة الانتقالية، في وقت خرج فيه آلاف الأشخاص في شوارع سيدي بوزيد للمطالبة باستقالة الحكومة الانتقالية التونسية. وتعتبر مدينة سيدي بوزيد مهد الانتفاضة الشعبية التي أسقطت نظام بن علي، إثر إقدام الشاب محمد البوعزيزي، على الانتحار حرقا احتجاجا على مضايقات وإهانات تعرض لها من شرطية تعمل في البلدية.

وتوقف المتظاهرون أمام البلدية حيث علقت صور البوعزيزي أمام مقر الولاية حيث أقدم على الانتحار حرقا، وكتب على ملصقات في شوارع المدينة «أهداف الانتفاضة: تعليق العمل بالدستور، تكوين مجلس تأسيسي (لصياغة دستور جديد)، حل مجلس النواب، حل التجمع الدستوري الديمقراطي (الذي وصفوه باللا ديمقراطي)وتشكيل حكومة إنقاذ وطني». وتوقفت المتظاهرون أيضا، حسب شهود عيان، أمام قصر العدالة الذي كتب على جداره «الانتفاضة ملك الشعب العظيم وليست لأحزاب المعارضة الذين يقدمون الولاء للتجمع «الحاكم سابقا».

إلى ذلك، اجتمعت أمس اللجنة الوطنية للاستقصاء في مسائل الرشوة والفساد، بإشراف عبد الفتاح عمر رئيس اللجنة، وبحضور كافة أعضائها. وأفاد عمر في تصريح لوكالة الأنباء التونسية الرسمية، أن هذا الاجتماع التحضيري خصص للنظر في طرق عمل اللجنة ووسائله، قبل أن تنطلق أعمالها في الأصل.

وذكر عمر أنه بإمكان كل من يهمه الأمر ويرغب في الإدلاء بشهادة أو تقديم وثائق أو ملفات، أن يتصل باللجنة عن طريق رقم أخضر خصص لذلك، وذلك ابتداء من يوم الاثنين المقبل.