السنيورة لميقاتي: هل تلتزم بروتوكول المحكمة ومقررات طاولة الحوار

مصادر الحريري لـ «الشرق الأوسط»: الرئيس المكلف ليس صاحب القرار.. وخطة عمله وضعت مسبقا له

حديث هامس بين رئيس البرلمان نبيه بري، والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، في سياق الاستشارات النيابية التي جرت أمس في بيروت (أ.ف.ب)
TT

على خلفية إصرار تيار «المستقبل»، برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، على وصف تسمية الرئيس نجيب ميقاتي رئيسا مكلفا بعملية «انقلاب» سياسي من قبل فريق «8 آذار»، شارك نوابه أمس في الاستشارات التي أجراها ميقاتي في مجلس النواب، انطلاقا من التأكيد على «التزامنا بالآلية الدستورية، مع قناعتنا التامة بأننا لم نر أيا من خطوات التكليف ملتزمة بروحية الميثاق»، على حد تعبير رئيس الكتلة فؤاد السنيورة.

وبينما حمل السنيورة ونواب كتلته جملة «أسئلة» إلى الرئيس المكلف يدور معظمها حول موقف الحكومة التي سيشكلها من المحكمة الدولية، بعد وضع الفريق الآخر فك ارتباط لبنان بالمحكمة في مقدم أولويات الحكومة المقبلة، سارع فريق «8 آذار» إلى وصف سلة الأسئلة «المستقبلية» بـ«دفتر شروط تعجيزي». وأعربت مصادره النيابية في مجلس النواب عن «استغرابها لدفتر الشروط هذا، بعد أن كان الرئيس الحريري ذهب في المبادرة السعودية - السورية إلى أبعد من ذلك بكثير».

وكان الرئيس السنيورة بعد لقاء الرئيس ميقاتي في مجلس النواب أشار إلى أنه «تمنينا على الرئيس المكلف توضيح وتحديد موقفه والتزامه العلني للمواقف التالية وإدراجها في البيان الوزاري، وهي: هل تلتزم بالبروتوكول الموقع مع المحكمة؟ وهل تلتزم بعدم طلب سحب القضاة اللبنانيين؟ وهل تلتزم بطلب تجميد عمل المحكمة، وهل تلتزم بعدم إدراج أي من هذه المواضيع في جدول الأعمال؟».

وأضاف السنيورة: «هل تلتزم بوضع خطة زمنية لجمع السلاح الموجه إلى صدور الناس ما عدا السلاح الموجه تجاه إسرائيل، ولا سيما بعدما خرق حزب الله وحلفائه اتفاق الدوحة؟ وهل تلتزم بمقررات طاولة الحوار، ولا سيما بنزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وبمعالجة السلاح داخل المخيمات؟».

ولاقت أسئلة «المستقبل» إجابات علنية سريعة من جانب قوى «8 آذار»، وفي حين اعتبر رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، أن «إلغاء المحكمة ليس واردا لكن ما نطالب به هو عدم مساهمة لبنان فيها»، وصف المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب، النائب علي حسن خليل، الأسئلة التي وجهت إلى الرئيس المكلف بأنها «أسئلة تعجيزية لا يمكن توجيهها له». وسأل: «هل المطالبة بنزع السلاح وفق ما طالب السنيورة به تشمل السلاح الذي أسقط جرحى أول من أمس (الثلاثاء) وما زالوا في المستشفيات؟ أو السلاح الذي يصنع على طريقة (المولوتوف) ويرمى على البيوت لإحداث فتنة بين أبناء الدين الواحد والوطن الواحد؟». ودعا إلى عدم الهروب «من الإجابة عن الأسئلة المالية مثل السؤال عن الهبات التي قدمت، والهجوم غير المبرر عن كيفية صرف 11 مليار دولار».

مصادر مقربة من الرئيس الحريري، انتقدت في اتصال مع «الشرق الأوسط»، وصف هذه الشروط بالـ«تعجيزية»، معربة عن اعتقادها بأنه «لم يكن من داع أصلا لطرح هذه الأسئلة المعروفة الأجوبة، خصوصا أنها تطرح في غير موقعها، ذلك أن الرئيس المكلف ليس صاحب القرار وتم تعيينه من قبل فريق سياسي وضع له مسبقا خطة عمله». وإذ أكدت احترامها الكامل لشخص الرئيس ميقاتي، فإنها رأت أنه «أحرج نفسه وأحرج الجمهورية والميثاق اللبناني»، معربة عن إصرارها على مواجهة الانقلاب بكل الوسائل الديمقراطية وفق استراتيجية واضحة وإدراك مسبق لخطورة الوضع إذا ما استمر الانقلاب. وشددت هذه المصادر على أن «المشهد الراهن هو مشهد مؤقت لا يمكن أن يستمر أو يستقيم في لبنان، ولا بد من إعادة تصويب البوصلة، ليس لناحية إلغاء الطرف الآخر بل للتأكيد على أنه لا يمكن لأي طرف إلغاء طرف آخر بهذا الشكل». وأكدت اعتزازها بـ«العلاقات التي نفتخر بها بالدول العربية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية التي لم تبخل بشيء على لبنان ولم تتردد في أن تقدم له ما يعزز سياسته واستقراره، وترفض سياسة الإلغاء والتهميش لأي طرف لبناني».

وفي معرض التعليق على مواقف «8 آذار»، أكد النائب في تيار «المستقبل» غازي يوسف، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن «هذه الأسئلة ليست تعجيزية، وهي من مقررات طاولة الحوار التي وافقوا عليها ومن ثم انقلبوا الآن وبات لديهم رأي مناقض لما وافقوا عليه في البيان الوزاري». وأوضح أن «لا شيء لدينا ضد شخص الرئيس ميقاتي، ولكننا أبلغناه بأن طريقة الاستشارات مشكوك فيها وأن هناك مؤامرة دبرت ضدنا». وأضاف: «قلنا له إنك تطرح برنامجا ونحن لدينا ثوابت، وقبل أن نتخذ موقفنا من المشاركة أو عدم المشاركة، ومن إعطاء الثقة أو عدم إعطائها نريد معرفة موقفك منها». وأشار إلى أن الرئيس ميقاتي أكد أنه «لم توضع عليه أي شروط بل هو من وضع الشروط، وأعلن في موضوع السلاح تأييده لما تم الاتفاق عليه على طاولة الحوار»، لافتا إلى أنه اعتبر فيما يتعلق بالمحكمة أنها «تشكل موضوعا خلافيا ولا يمكن أن يأخذ قرارا بشأنها إلا بعد الإجماع عليه داخل المؤسسات».

ورأى النائب في كتلة «المستقبل» عاطف مجدلاني أن «حزب الله ذكي، إذ يلعب دور المرشد ولكنه في الواقع هو المخرج المنفذ لهذا الانقلاب». وقال: «إذا أصبح هناك اليوم أكثرية معينة، فلتشكل الحكومة ونحن أصبحنا في المعارضة»، واصفا «ما قام به الرئيس ميقاتي من دون التشاور مع الرئيس الحريري بعملية غدر، وكذلك الموقف الذي اتخذه الوزير محمد الصفدي هو موقف غادر أيضا». وشدد النائب في تيار «المستقبل» عمار حوري على أن «الخلاف ليس مع شخص الرئيس ميقاتي بل في الطريقة التي حصل بها هذا الموضوع»، جازما بأنه «لا يمكن أن ندعم حكومة تريد إلغاء المحكمة الدولية». ونفى «وجود خلاف ضمن تيار (المستقبل)، وهناك دائما الكثير من الأفكار، وجميعنا نلتزم بالقرار الذي نتفق عليه»، موضحا أن «المحكمة الدولية في مسارها الصحيح ولا يمكن لأحد مهما كبر حجمه أو صغر أن يؤثر على عملها وعلى معرفة الحقيقة».