فرنسا تسعى لاجتماع عربي دولي في باريس للتشاور حول الوضع اللبناني

مصادر لـ «الشرق الأوسط»: القراءة الفرنسية تتوافق مع القراءة الأميركية

TT

استمرت الاتصالات في باريس أمس من أجل عقد اجتماع على مستوى كبار الموظفين لمجموعة من الدول المهتمة بالوضع اللبناني، يكون بمثابة تمهيد لاجتماع لاحق على مستوى وزراء الخارجية.

وضاعفت الدبلوماسية الفرنسية جهودها بعد ظهر أمس، لتذليل العقبات التنظيمية المرتبطة أساسا برفض سورية المشاركة في الاجتماع. وبرزت عقبة إضافية تمثلت في تحفظ قطر على حضور مصر، ربما «مسايرة» لموقف دمشق، ثم في إبلاغ الجانب التركي باريس أنه «سيصعب عليه المشاركة» في حال تغيبت الدوحة التي انتهت وساطتها الأخيرة في لبنان إلى الفشل بعد أن رفضت المعارضة قطعيا عودة رئيس الوزراء سعد الحريري إلى السراي الكبير.

وامتنع الناطق باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو عن الخوض في التفاصيل، مكتفيا بالقول إن المشاورات «مستمرة مع شركائنا».

وبحسب المعلومات التي توافرت في العاصمة الفرنسية، فإن الاجتماع الذي كان مقررا منذ عدة أيام سيضم في حال عقده، إلى جانب فرنسا، كلا من الولايات المتحدة الأميركية والسعودية وروسيا وتركيا وقطر ومصر، وبالتالي يكون الغائب «الوحيد» عن الصيغة التي اقترحتها فرنسا منذ البداية هو سورية. وفهم الموقف السوري فرنسيا بأن دمشق لا تريد الانضمام إلى مؤتمر «دولي» ينازعها القرار في لبنان، وربما يضعها في موضع الاتهام مع حضور أميركا. لكن المصادر الفرنسية تعي أن غياب دمشق «يحرم» المؤتمرين من رافعة أساسية للتأثير على مسار الأحداث في لبنان وتحديدا على أطراف المعارضة.

وكان مساعد وزيرة الخارجية الأميركية، جيفري فيلتمان، قد أجرى أول من أمس مشاورات مع كبار الموظفين الفرنسيين في الخارجية ورئاسة الجمهورية. ومن بين المواضيع التي طرحت إلى جانب التطورات في تونس وفي عدد من البلدان العربية، الملف اللبناني. وعلم أن فيلتمان غادر باريس، وأن موظفا أميركيا رفيع المستوى سيمثل بلاده في اجتماع باريس.

وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» أمس إن لباريس وواشنطن «النظرة نفسها إزاء الوضع اللبناني»، وهي تقوم على اعتبار أن ثمة «فصلا جديدا» هو فصل «الأمر الواقع» الذي فتح مع تسمية نجيب ميقاتي رئيسا للحكومة. ورغم أن الطرفين «يتحفظان» على الطريقة التي أدت إلى سقوط حكومة سعد الحريري وتكليف ميقاتي، فإنهما لم يغلقا الباب وهما «ينتظران تشكيل الحكومة» والطريقة التي ستتبع في ذلك ومدى كونها نتاجا لبنانيا ومن غير ضغوط ومداخلات خارجية، وهو ما طالبت به باريس في بيانها التعقيبي على تكليف ميقاتي.

وترقب باريس وواشنطن كذلك البيان الوزاري للحكومة العتيدة لترى مدى التزامها بقرارات مجلس الأمن الدولي، خصوصا القرار المتعلق بالمحكمة الدولية الموكلة بالنظر في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري ورفاقه، ومدى التزامها وتعاونها مع المحكمة المذكورة.

وتحرص المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» على الفصل بين نظرة باريس إلى ميقاتي، الذي كان مدعوا هذا الأسبوع لزيارة العاصمة الفرنسية ولقاء الرئيس الفرنسي، وكيفية تكليفه والمسار الذي أدى إليه. وبحسب هذه المصادر، فإن باريس كانت تنظر إليه على أنه الشخصية «التوافقية» المؤهلة للحصول على رضا الفريقين في لبنان فضلا عن الدعم الإقليمي والدولي.

وتتخوف باريس وواشنطن من تداعيات قرارات وسياسات قد تقوم بها الحكومة الجديدة على استقرار الجنوب واستمرار الهدوء فيه وأمن قوة اليونيفيل، ومنها الوحدة الفرنسية العاملة فيها والتي يبلغ عديدها أكثر من 1500 جندي.

وأكدت المصادر الفرنسية مجددا معنى إلغاء زيارة رئيس مجلس النواب برنار أكواييه، التي كانت مقررة الأربعاء الماضي إلى سورية، على أنها «رسالة» مباشرة للتعبير عن الانزعاج الفرنسي من الأداء السوري في لبنان، فضلا عن استهجانها لمحاولة دمشق إجهاض مبادرة ساركوزي في إطلاق «مجموعة الاتصال» بشأن لبنان. وشددت هذه المصادر على أهمية «رسالة» الرئيس الفرنسي في حرصه على التذكير بأنه طلب من دمشق عدم التدخل واحترام استقلال لبنان، وما قالته الخارجية الفرنسية عن أهمية أن تتشكل الحكومة اللبنانية بعيدا عن الضغوط.

وفي حال انعقاد اللقاء اليوم في باريس، فإنه يمكن لمصر أن تمثل بسفيرها لدى فرنسا ناصر كامل. وفي الأيام الأخيرة، ضغطت مصر باتجاه حضور الاجتماع لاعتبارات تتعلق بموقع مصر في المنطقة ووزن الدبلوماسية المصرية. ومنذ البداية، عارضت دمشق بقوة حضور الطرف المصري.

هذا والتقى امس الرئيس ساركوزي رئيس الحكومة القطرية, الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني. وعلم أنهما بحثا الوضع اللبناني.