د. ماجد الحربي: لا يوجد بين معلمينا متشدد.. وإرسالهم لليمن وباكستان ليس مغامرة تعليمية

مسؤول «إيفاد» المعلمين بالسعودية قال إن مناهج المدارس السعودية بالخارج نجحت في استقطاب 85 جنسية

د. ماجد عبيد الحربي («الشرق الأوسط»)
TT

استبعد الدكتور ماجد عبيد الحربي، المسؤول الأول عن «ملف الإيفاد» في السعودية، أن يكون إرسال وزارة التربية والتعليم لمعلميها في الخارج خاصة في المناطق التي تشهد نزاعات سياسية وآيديلوجية في دول كاليمن وباكستان وبعض الدول الأفريقية، مغامرة تعليمية تربوية،، مبينا أن المعلمين الذي ينصب عليهم الاختيار، هم الأكفأ والأجدر على مستوى السعودية.

وذهب مدير عام المدارس السعودية في الخارج، إلى المدارس السعودية بالخارج أضحت منارات تعليمية تفاخر السعودية بأنها استطاعت أن تستقطب في تلك المدارس أكثر من 58 جنسية لردهاتها والتي يرى بأنها السقف الآمن للسعوديين وغيرهم ممن يقطنوها، مدللا على ذلك الاستقطاب بأنه إثباتٌ دامغ على حصانة المناهج فكريا بل وتميز محتواها، رافضا في ذات السياق التقليل من برنامج اللغة العربية للناطقين بغيرها، وهو ما أحدث توائمية سعودية روسية كبيرة. وإلى تفاصيل الحوار.

* ماهي طرقكم في متابعة ورعاية الطلاب السعوديين بالخارج؟ وكم عدد السعوديين المنتمين للمراكز التابعة لكم؟

السعودية لديها نظام متميز في الرعاية التعليمية لأبنائها في الخارج، وتأتى ذلك من خلال ثلاث خيارات، الأول حينما تتوافر أعداد مناسبة من السعوديين في الخارج في بلد المقر، فإنها تقوم بفتح مدرسة سعودية، ولدينا على هذا النموذج عشرين مدرسة سعودية في الخارج، يدرس فيها نحو 7000 طالب، وينتمون إلى 85 جنسية عالمية، وهذا دليل على أن المناهج والمدارس السعودية تلاقي قبول وترحيب من أبناء الجاليات العربية والإسلامية المتواجدة في كل مكان بالعالم، والخيار الثاني هو ما يعرف بنظام المنازل، وهو ما تمتلك فيه السعودية أكثر من ستين مركزا حول العالم، يلتحق فيها نحو 3000 طالب من أبناء السعوديين والمبتعثين والمرافقين لذويهم والعاملين في الخارج، والخيار الثالث هي مدارس أجنبية يلحق بها أبناء السعوديين، وتتحمل فيها الدولة السعودية الرسوم المالية المترتبة على ذلك، ويأتي دور اللجان الإدارية على ذلك من التأكد من جودة المدرسة وسلامة الجو التربوي، وبعد هذه المدارس عن الآيدلوجيات، والمذهبية، وبعدها عن المؤثرات الخارجية التي لا نرتضيها لأبنائنا السعوديين في الخارج.

* تصفون أنفسكم دائما بأنكم الملاذ الآمن للسعوديين وغيرهم من أبناء الجاليات العربية والإسلامية، ترى ما هي معايير الانتقاءات التربوية وكيف تضبطون مساراتها؟

هذه الخيارات المتميزة، أوجدت تجربة ثرية للسعودية على مدى أكثر من 25 عاما، وهو العام الذي افتتحت فيه الأكاديمية السعودية العالمية في واشنطن، ونحن الآن نتواجد في كثير من العواصم العالمية المهمة، وأصبحت المدارس السعودية في الخارج هي الملاذ الآمن لأبناء الجاليات العربية والإسلامية، لكي يتلقوا تعليمهم في جو من الحشمة والوقار، وبرامج تربوية بعيدة كل البعد عن الأطر الآيديلوجية، والسياسية ولذلك يقبل الأبناء على ممارسة العمل التربوي والتعليمي في ضوء من الرقابة والمتابعة لما نملكه في هذه المدارس السعودية في الخارج، من قيادات تربوية فاعلة تؤثر في العاملين، وتؤثر في الطلاب، وتحاول ان تضبط المسار التربوي والتعليمي، ولذلك نحن في الوزارة ننظر على ان تكون هذه المدارس هي بيوت خبرة متنقلة، تعرف بالتجربة التعليمية السعودية في بلد المقر، وفي نفس الوقت تستفيد من التجربة التعليمية في بلد المقر، وتنقلها إلى السعودية، ولذلك نحن نحث زملاءنا على إضافة بعض المواد المهمة التي نرى أنها ضرورية في الخطة الدراسية كمواد إضافية، مثل لغة وتاريخ وثقافة بلد المقر، الذي تتواجد فيه تلك المدرسة السعودية في الخارج.

* ما هي برامج التوأمة التعليمية التي قمتم بعقدها عالميا؟ وماذا قدم برنامج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها؟

بلاشك أن المتتبع للنشاط المدارس السعودية في الخارج، يلحظ تقدير القيادة العليا، ولذلك حضيت المدارس السعودية في الخارج في فترات مختلفة، بأبرز المسؤولين وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي زار المدرسة السعودية في موسكو، وقدم لها تبرعا سخيا لبرنامج الملك عبد الله لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين، كذلك زيارات الأمراء، والوزراء، ووزراء التربية والتعليم، في الفترات السابقة، والفترة الحالية ولذلك أصبحت هذه المدارس تشارك في برامج توأمة، مع المدارس المحلية وتستفيد من هذه البرامج المختلفة، هذه المدارس يقوم على التعليم فيها نحو 900 معلم، منهم 200 معلم من السعودية، يتم إيفادهم كل عام إلى هذه المدارس.

* هل شهد بنرامج تعلم العربية إقبالا روسيا عليه؟

من البرامج التي أرى أنها ساهمت في تقوية وعلاقات هذه المدارس، بالمجتمعات المحلية التي تتواجد بها، هي برنامج لغة العربية لغير الناطقين، وهذا البرنامج قدم من خلال المدارس السعودية في موسكو، لفترة طويلة من الزمن، ولذلك اوجد هذا البرنامج قاعدة أو نافذة للحوار مع الشعب الروسي الصديق، ولذلك هذا البرنامج التحق فيه نحو 7 آلاف دارس في مدى عمره الزمني، ولذلك أتمنى أن يعود هذا البرنامج كما كان سابقا، منارة وثقافة وحوار وعلم بين الشعبين السعودي والروسي، لما قدمه هذا البرنامج للشعب الروسي الصديق، من قدرة على التفاعل بين الشعبين، وخصوصا أن أكثر الملتحقين هم من أبناء الشعب الروسي، الملتحقين بالجامعات الروسية، ولذلك كانت هناك الكثير من المساءات التي تقام فيها البرامج المختلفة، والحوارات المتعددة حول الكثير من القضايا، وأصبح هؤلاء يستطيعون التعرف على ثقافة وتاريخ وحضارة السعودية.

* ملف الإيفاد، يعتبر حقيبة تعليمية لسفراء تعليم سعوديين للخارج، ما هي الدول التي تستهدفونها؟ وهل ثمة أجندة تحاولون تجسيرها مع دول العالم الثالث تعليميا؟

فيما يخص الإيفاد السعودي منذ مدى طويل، تقدم إيفاد المعلمين في مختلف التخصصات والإيفاد ثلاثة أنواع، النوع الأول هو نوع من المساعدة التعليمية لبعض الدول، ولذلك تقدم هذه المساعدات مثلا لليمن، أو البحرين، أو بعض الدول العربية، التي تطلب بعض المعلمين السعوديين ليساهموا في الحراك التعليمي بهذه الدول، أما النموذج الآخر، هو بعض الدول التي تطلب معلمي اللغة العربية، والتربية الإسلامية، كأسلوب لنشر حركة التعريب في العالم العربي والإسلامي، ولذلك لدينا معلمون في العديد من الجامعات والمعاهد العليا التي بها أقسام لتدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها، ولذلك نحن لدينا تعاون كبير، مع جامعة «جانجي« في «تايبيه»، أو بعض الكليات والمعاهد في القارة الأفريقية، خصوصا ونحن نتواجد في غرب أفريقيا سواء في النيجر، أو مالي، أو في السنغال، أو غانا، أو في بوركينافاسو، أما النموذج الثالث هو إيفاد المعلمين إلى المدارس السعودية في الخارج، ويبلغ إجمالي المعلمين الموفدين لهذا العام لوزارة التربية والتعليم نحو 640 معلم، في مختلف التخصصات. الكثير من عبارات المديح والثناء تلاحق هؤلاء المعلمين السعوديين المتواجدين في هذه الدول، ولذلك تحرج الوزارة كل عام بطلبات التمديد، التي تطالب بتمديد لهؤلاء المعلمين لما يقدموه من جهد مميز في أربع سنوات، واستطاعوا بناء علاقات مميزة مع المجتمع المحلي الذي يعملون فيه، ولكن أنظمة الإيفاد حددت بأربعة سنوات، ولابد من إتاحة الفرصة لمعلمين المتواجدون هنا في السعودية.

* ما هي معايير اختيار معلم الإيفاد؟ وما صحة ما يتردد عن جنوح بعض معلمي التربية الإسلامية للتشدد خاصة في مناطق بؤر الصراع؟

قد يتحدث البعض أن هناك نوع من التشدد من قبل بعض المعلمين للتربية السلامية، أو بعض المعلمين الموفدين، وأنا أقول إن هذا الكلام غير صحيح البتة، لان آلية الإيفاد هي تحاول أن تنتقي المعلم الأفضل والقادر على تمثيل السعودية، من خلال شروط عامة، وهي توفر الحد الأدنى من الخبرة، وهذه تقدر بستة سنوات، وأيضا الاشتراط العمري وهي أن لا يقل عمر المعلم عن 30 عاما، وهنا نضمن نضجا عقلانيا، وأيضا أن يكون متزوجا وفي هذه الحالة، نضمن له الاستقرار النفسي، والروحي والأسري، لهذا المعلم الموفد للخارج، ولذلك المقابلة الشخصية يشارك فيها معنا أخوة من وزارة الخارجية، وتقيس هذه المقابلات التي تدور في الوزارة قدرة هذا الموفد على التعايش مع الدولة الجديدة التي سيعمل بها، وعلى قدرته على الحوار، والتعرف على الثقافات الأخرى، والتعايش معها.

ولذلك لم نلحظ تلك الظواهر التي تشذ على الخط العام عن الخط العام، أو التي تخالف توجه السياسة العامة للسعودية، ومن يثبت لدى الوزارة عدم قدرته على التعايش أو خروجه على هذا النص، فهناك إجراءات تعيد المعلم الموفد إلى السعودية.

* لماذا أغلقت الأندية السعودية في بريطانيا؟ أثير قبل فترة موضوع مدارس الأندية في بريطانيا، وهذه الأندية الطلابية هي مراكز لممارسة العديد من الأنشطة الثقافية، والتعليمية، والاجتماعية، وهي إداريا تقع تحت إشراف وزارة التعليم العالي، والملحقات الثقافية، وزارة التربية تدخلت فيما يعنيها في ضبط من أجل ضمان وجودة العمل التربوي والتعليمي، المقدم في هذه المراكز، وهو الإشراف على الاختبارات النهائية، لأبنائنا في الخارج، ولذلك عملنا على إعداد آلية، تراعي فيها وضع الطلاب في بريطانيا، ونحاول أن تساهم هذه الآلية على تخفيف عناء الغربة، وفي نفس الوقت أن تربط أبنائنا وبناتنا في الخارج بمناهج السعودية، وتقبل الكثير من هؤلاء المبتعثين، والموفدين التوجه الذي تنتهجه وزارة التربية والتعليم، في أن يحصل هؤلاء الطلاب على شهادات معترف بها من السعودية. نحن لم نقم بإغلاق هذه المدارس، لأننا في الأساس لم نفتحها، أي مدرسة سعودية في الخارج، لا بد أن تكون هناك موافقات سامية على افتتاحها، من جهات أعلى من وزارة التربية والتعليم، وبالتالي هذه المدارس لم تفتح بموافقات سامية، حتى تغلق، إنما أجتهد الإخوان في فتح فصول للتدريس لمدة يوم أو يومين، وهذا يتنافى مع العرف والنظام التعليمي، الذي لا يمكن لطالب يلتحق يدرس 30 أو 40 في المائة من الخطة الدراسية، أن يمنح في نهاية الأمر بشهادة انتظام، ولكن بشكل عام هذه الأندية الطلابية، ستظل لها جهود جيدة في ربط، وتقوية الأبناء السعوديين في الخارج مع بعضهم، أما فيما يخص الجانب التعليمي فعمل على آلية بين وزارتي التربية والتعليم، والتعليم العالي، والملحقية الثقافية في بريطانيا، وسفارة خادم الحرمين الشريفين، وعمل معالجة شاملة، وسنبدأ بإذن الله قريبا في الأسبوعين القادمين، في الاختبارات النهائية لهم للفصل الدراسي الأول، ونحن على استعداد تام، لمعالجة ما قد يطرأ من أي إشكاليات أبناءنا في الخارج.

* المعلمون يثيرون جدلا واسعا حول الاستحقاقات المالية، هل تمتلكون آلية عادلة في ذلك؟ ولماذا يزداد الطلب على البحرين واليمن دون غيرهما؟

بالنسبة للمزايا المالية، المعلمون في كل دول العالم، يحظون بمزايا جيدة، ولله الحمد، وهذه تقر من خلال لجنة تسمى بلجنة البدالات، والتي تقر بدل التمثيل، وبدل السكن، وأيضا الموفدين يحظون بالتأمين الصحي لهم، ولكافة أسرهم، اما قضية اليمن والبحرين، فهاتين الدولتين، هما اللتان يطلبان من السعودية إرسال معلمين سعوديين لهما.نحرص على تهيئة الموفدين للخارج، من خلال إقامة دورة دبلوماسية، تقام بالتعاون مع الزملاء في وزارة الخارجية، تقام في المعهد الدبلوماسي، لوزارة الخارجية، وزفي هذه الدورة يأخذون جرعة قد لا تكون كافية من وجهة نظرنا، ولكن توفر الحد الأدنى في معرفة التعاملات الدبلوماسية، وقضايا الحصانة، والقضايا الأمنية المتعلقة للعاملين في الخارج، كما أنه كانت لدينا تجربة في العام الماضي، وهي إقامة دورة أخرى لكل الموفدين في الخارج، وهي بمسمى « مهارات التعايش مع الثقافات الأخرى« بحيث يقدم في هذه الدورة خبرات سابقة لمجموعة من الموفدين، في العديد من الدول، يختصرون المدة الزمنية للموفدين، لكي يتأقلمون مع هذه المجتمعات الجديدة ويتعايشون مع الثقافة الجديدة، والمجتمع الجديد، وأحب أن أقول أنه نحن في الإدارة العامة للمدارس السعودية في الخارج، لدينا الرغبة في ان نسمع من كل زميل موفد سابق، أو من يريد الإيفاد أن يقدم لنا الخبرات، سواء حول آليات الترشيح، أو آليات الاختبار، أو طريقة المقابلة التي تقام للزملاء في كل ما يساهم في أن نختار الأفضل، والأمثل، والقادر على تمثيل السعودية، في الخارج.

* كم عدد المعلمين الذين يتم اختيارهم في كل عام؟ وما هي سمات شخصيتهم؟

طبعا قد يتبادر إلى الذهن أن بعض الجامعات الأجنبية، التي تدرس فيها أقسام اللغة العربية، وهذه فخر لنا في وزارة التربية، أنها تطلب معلمين من السعوديين في تخصصات اللغة العربية، لقدرة المعلم في تخصص اللغة العربية على العطاء، وهذا نهج نحاول أن نوصله، ومعلمينا ولله الحمد لديهم كفاءات جيدة، ولذلك الأعداد الكبيرة، التي تتقدم الإيفاد، وفي نهاية الأمر يتم اختيار 160 معلما كل عام، هم المعلمون الجدد، الذين يتم إيفادهم كل عام، وهذا دليل على اننا نحرص من خلال قنوات متعددة، وكثيرة، لان الإيفاد يبدأ على مستوى المنطقة التعليمية، ثم ترسل هذه الأسماء مجتمعة إلى الوزارة، ولدينا لجنة مركزية، تظم خبرات عديدة ومتنوعة، تقيس مدى الجانب المهني، والعلمي لدى المتقدم للايفاد، ويتم قياس ثقافته، وسعة إطلاعه، وأفقه الواسع، وقدرته على الحوار، وقضايا أخرى، كلها من أجل أن ندقق في اختيار أفضل العاملين الذين يمثلون السعودية في الخارج.وأطالب جميع المعلمين في الخارج أن يراعوا أنهم هم سفراء للسعودية، وأن يستشعروا أنهم يمثلون بلدهم، ولذلك أطلبهم بالمزيد من الالتزام والحرص، على التمثيل الأمثل لبلادنا، خصوصا وأن بلادنا هي قبلة العالم الإسلامي، وهي التي تهفو اليها قلوب المسلمين خمسة مرات في اليوم.

* ألا تعتبرون زج المعلمين في مناطق متوترة سياسيا كاليمن وباكستان، مغامرة تعليمية غير محسوبة؟

المدرسة السعودية في باكستان قد تكون من أقدم المدارس السعودية في الخارج، ولله الحمد حتى هذه اللحظة لم نرصد ولم نلحظ أي توتر أو قلق يؤثر على هذه المدرسة، أو على العاملين بها، وإذا ما كان هناك أي شي من هذا الامر فسفاراتنا في الخارج حريصة كل الحرص على أبناء البعثة السعودية، ويتم التعامل في كل قضية في حينها، وهي تسير وفق برامج ناجحة بل إنها تعتبر من أنجح المدارس التي تقدم برامج تعليمية وتثقيفية على مستويات عالية.