متظاهرون مصريون يقومون بتنظيف الشوارع والميادين وتنظيم حركة المرور

اعتبروها إحساسا منهم بمسؤوليتهم تجاه بلدهم

TT

لم تجد كلمات الرئيس مبارك بعد منتصف ليلة «جمعة الغضب» صداها مع الآلاف من المتظاهرين المصريين فقرروا عدم الانصراف إلى منازلهم والمكوث حتى صباح أمس في الميادين وعلى رأسها ميدان التحرير، لكن الميدان تحول بين عشية وضحاها إلى مكان لحطام السيارات المحترقة والحجارة التي استعملها المتظاهرون للدفاع عن أنفسهم ضد عنف رجال الأمن، وهو ما شوه من مشهد الميدان والشوارع المتفرعة منه إلى جانب إعاقة حركة مرور السيارات والمواطنين.

لكن ما لبث عشرات من الشباب مع الساعات الأولى من صباح أمس السبت إلا أن تطوعوا لنظافة المكان الذين اتخذوه مكانا لمظاهراتهم منذ يوم الثلاثاء الماضي، حيث تجمعوا في مجموعات وتوزعوا على جنبات الميدان والشوارع المؤدية إليه والقيام بعملية تنظيفه ومحاولة إعادته إلى حالته الطبيعية.

يقول الشاب أحمد، الذي كان ينظف أحد الشوارع بمكنسة يدوية: «عملية التنظيف هذه إحساسا منا بمسؤوليتنا تجاه بلدنا، الذي يحتاج إلى جهود كل شبابه الآن، يجب أن نتعاون جميعا حتى تنتهي الأزمة». أحمد لم يكن الوحيد الذي يمسك بمكنسة يدوية، فهناك العشرات غيره كانوا يقومون بنفس الأمر، بعد أن حصلوا على المكانس من سكان البنايات المطلة على الميدان. كما أخذ بعض كبار السن الإشراف على عملية نقل إطارات السيارات المحترقة وبعض المخلفات التي امتلأت بها الشوارع ووضعها في أماكن محددة لتسهيل عملية السير في الشوارع وعدم إعاقة الحركة بها.

وفي جانب آخر من الميدان، كانت الفتاة هند، وهي طالبة جامعية، بالتشارك مع مجموعة من زميلاتها في جمع القمامة من حدائق الميدان، والقيام بوضعها في أكياس بلاستيكية بعد أن غطت مساحات كبيرة منها. تقول هند: «ليس معنى تظاهرنا ووضع مطالب لنا نريد تحقيقها ألا نهتم بالمكان الذي نقف فيه، فهذه المظاهرات قام بها شباب متعلم وواع يعرف جيدا ما له وما عليه من حقوق وواجبات، لذا ليس غريبا أن نرى منهم غيرتهم على نظافة المكان الذي يعد أرضا مصرية».

وبخلاف عمليات التنظيف، شهد المتحف المصري الذي يطل على ميدان التحرير تشكيل دروع بشرية من الشباب المتظاهر لحمايته من بعض عمليات السطو على مقتنياته من الآثار الفرعونية من جانب بعض المواطنين وأفراد الأمن، حيث عملت هذه الدروع البشرية من الإمساك ببعض العناصر الأمنية والمدنية التي كانت تحاول التسلل إلى داخل المتحف.

ومع اختفاء رجال المرور من الشوارع مع غروب شمس جمعة الغضب بعد نزول الجيش بناء على قرارات الرئيس حسني مبارك، باعتباره الحاكم العسكري، تطوعت مجموعات أخرى من الشباب والفتيات لتنظيم حركة المرور في شوارع محافظتي القاهرة والجيزة وفي الميادين وأعلى الكباري.

وشهد كوبري قصر النيل القريب من ميدان التحرير وجود أعداد من الشباب لتنظيم حركة المرور عليه، بعد أن سبقهم شباب آخرون بالقيام بعمليات تنظيف الكوبري من آثار احتراق سيارات الأمن، كما شهد شارعا جامعة الدول العربية والبطل أحمد عبد العزيز بالجيزة اللذان تعرضت المحال التجارية فيهما لبعض أعمال السلب، لوجود شباب ينظمون المرور بامتداد الشارعين، وهو ما وجد مردودا ايجابيا لدى أصحاب السيارات وسائقيها مما دفعهم للتعاون مع هؤلاء الشباب وتسهيل مهمتهم.