مصر تشغل الإعلام العالمي: صحف بريطانية تحذر من ولادة نظام متطرف.. وأميركية تدعو أوباما للتشدد

مواقع صحف عالمية تابعت الأحداث دقيقة بدقيقة والخبر تصدر الصحفات الأولى في لندن وواشنطن

بعض صور من الصحف البريطانية أمس
TT

شغلت مصر الصحافة العالمية في اليومين الماضيين؛ فقد صدرت أهم الصحف الغربية امس، وعلى صدر صفحاتها الاولى عناوين مثل «ثورة على النيل»... «مصر على الحافة»... «المحتجون يتحدون القمع في مصر»... مصحوبة بصور للقاهرة تحترق، ولمتظاهرين يحتمون من الشرطة. وامتلأت الصحف البريطانية والأميركية بتغطية ميدانية واسعة للتطورات على الارض، وتحليلات حول مستقبل مصر، في وقت كانت المواقع الالكترونية للصحف البريطانية والأميركية، تتابع التطورات مباشرة طوال يوم أمس حتى ساعات متأخرة من الليل. وصدرت صحيفة «التليغراف» البريطانية أمس بقصة خاصة حول تمويل واشنطن لجماعات معارضة للحكم في مصر، بشكل سري. واتهمت الصحيفة الدعم الأميركي، بأنه خلف الثورة التي تشهدها مصر سعيا لتغيير النظام. وقالت «التليغراف» انها اطلعت على وثيقة سرية، تتحدث عن دعم السفارة الأميركية في القاهرة لمنشق شاب، أبقت اسمه مخفيا كي لا تعرضه للخطر، كان يرسم خططا طوال السنوات الثلاث الماضية لـ«تغيير النظام». وفي مقال للرأي، وصفت الصحيفة اليمينية، اعتقالات المتظاهرين واغلاق شبكات التواصل، بأنها «سياسة قصيرة النظر». وقالت بأن نظام حسني مبارك قد يلاقي مصير الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، اذا استمر باعتماد «موقف التحدي». ولكنها حذرت من ان دعم الغرب للاصلاحات في العالم العربي، رغم أنه «صحيح، يجب ان يتم بحذر». وكتبت: «في مصر، مثل بلدان عربية اخرى تقودها حكومات استبدادية، فان المتشددين الاسلاميين بالانتظار لاستغلال اي فرصة قد تأتي أمامهم». وذكّرت الصحيفة بالثورة الايرانية التي بدأت كحركة علمانية وانتهت بتأسيس ما وصفته بانه «أكثر دولة متشددة اسلاميا في العالم». واستنتجت الصحيفة ان على الغرب ان يكون حذرا من «اطلاق العنان عن غير قصد لقوى التطرف الاسلامي، عبر دعمه قضية الديمقراطية في العالم العربي». وحتى الصحف اليسارية مثل، «الاندبندنت»، كتبت تحليلات شبيهة بما تحدثت عنه «التليغراف». وقال روبرت كورنويل في تحليل تحت عنوان «الولايات المتحدة قد تندم قريبا على اجندة الحريات في الشرق الأوسط»: «تشكل الاضطرابات العميقة في مصر وفي أماكن أخرى في الشرق الأوسط مثلا ثاقبا لمعضلة قديمة تواجهها الولايات المتحدة: كيف نعزز التغييرات الاجتماعية والسياسية التي تحتاجها المنطقة بشكل يائس، من دون فتح أبواب السلطة من دون قصد لانظمة عدائية في منطقة حيوية من الناحية الاستراتيجية». ومثل «التليغراف»، ذكرت «الاندبندنت» بالثورة الايرانية، وقالت ان ايران «تطارد واشنطن في وقت تحاول فيه الاخيرة التعاطي من ازمة مصر». وأضافت: «المثالي بالنسبة إلى واشنطن، هو ان يحل مكان مبارك رئيس علماني ديمقراطي اصلاحي، ولكن ليس هناك ضمانات إلى ان هذا سيحصل. الاكثر احتمالا، هو ان واشنطن ستجد نفسها عليها ان تتعاطى مع الاخوان المسلمين... ليس هناك اشارات إلى ان لدى الخارجية الأميركية خطط طوارئ للتعاطي مع هكذا نتيجة». وكتب روبرت فيسك، مراسل الصحيفة في الشرق الأوسط منذ عشرات السنين، في تغطية ميدانية من القاهرة: «ربما هذه هي النهاية. ولكنها حتما بداية النهاية». وقال فيسك ان عشرات آلاف المصريين كانوا يتظاهرون بشكل سلمي بمعظمهم، ووضع اللوم على رجال الشرطة الذين يرتدون لباسا مدنيا، باثارة القلاقل. وكتب: «كانوا شجعانا، معظمهم مسالمون، هؤلاء العشرات الالاف، ولكن التصرف الذي يصدم لرجال مبارك باللباس المدني... الذين ضربوا وحطموا واعتدوا على المتظاهرين في وقت كانت الشرطة تشاهد من دون ان تقوم باي شيء، كان عارا».

اما في صحيفة «الغارديان» التي لم تتوقف منذ ثلاثة أيام عن تغطية احداث مصر دقيقة بدقيقة عبر موقعها على الانترنت، حتى بعد منتصف الليل، فقد كتب ايان بلاك، محرر شؤون الشرق الأوسط، بعد كلمة مبارك: «ركز مبارك على التنازلات الاقتصادية والتي من المرجح ان تبقي على الدعم الحكومي لابقاء الاسعار منخفضة، ورفع الحد الادنى للاجور، أو خطوات للحد من البطالة. ولكن هذه الخطوات، من غير المرجح ان تخفف من الشهية الشعبية على التغيير. الاصلاحات السياسية ستكون ضرورية اذا اراد النظام ان يبقى على قيد الحياة». وأضاف: «خطابه أظهر انه يحاول شراء الوقت، ولكنه قد يكون نجح باظهار ضعفه». ووصفت صحيفة «نيويورك تايمز» أيضا خطاب مبارك بأنه دليل ضعف، وكتبت: «لقد واجه المظاهرات المتصاعدة بكبت متصاعد. وفي دليل ضعف أغلقت الحكومة الانترنت وخدمات الهواتف الجوالة. ولكن ذلك لم يثنِ المتظاهرين». وأضافت: «أمر مبارك وزراءه بالاستقالة وقال ان حكومته الجديدة ستعجل في ادخال الاصلاحات. ولكنه ليكون اكثر اقناعا لو رفع الحظر على الاتصالات، وسحب قواته الامنية، وسمح لمرشحين موثوق فيهم بالترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وتأكد من ان الانتخابات عادلة وحرة». وأشارت الصحيفة إلى ان وثائق ويكيليكس كانت أظهرت ان ادارة اوباما تضغط على مبارك سرا لاطلاق سجناء الرأي وادخال الاصلاحات، ولكن «هذه النصائح لم تذهب إلى حد بعيد». ووصلت الصحيفة إلى حد اقتراح وقف المساعدات الأميركية نهائيا لمصر، وقالت: «على اوباما ان يكون مستعدا لقطع المساعدات اذا حول مبارك المظاهرات إلى حمام دم وفشل بفتح النظام السياسي في مصر». وفي قصة منفصلة، تناولت «نيويورك تايمز» دور الجيش المصري في الازمة، وقالت ان هذا الجيش «وهو العاشر من حيث الحجم في العالم، هو جيش قوي وله شعبية، ولكنه يتمتع بالغموض». ووصفت قرار مبارك بنشر دبابات للجيش على الطرقات، بانه دليل على «اليأس»، وكتبت: «يدفع هذا القرار إلى السؤال ما اذا كان الجيش قد يبدأ بالشك في قدرة مبارك على الاستمرار». وأضافت الصحيفة ان الامور قد تتدهور في حال بدأ الجيش يطلق النار على المتظاهرين، مشيرة إلى ان هذا الامر سيؤثر بشكل حتمي على العلاقة مع الولايات المتحدة. وذكرت الصحيفة بان الولايات المتحدة قدمت 35 مليار دولار مساعدات للجيش منذ ان وقعت مصر اتفاقية السلام مع اسرائيل عام 1978. أما صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية فقد ركزت في أكثر من قصة على قطع الاتصالات في مصر. وكتبت: «الاحداث الاخيرة في مصر جعلتنا نطرح السؤال: هل وصلت المجتمعات إلى حد باتت فيه الانترنت احد حقوق الانسان الاساسية؟»، وقرأت الصحيفة في رفض السلطات المصرية اعادة فتح الاتصالات «تحديا مباشرا لمحاولات ادارة اوباما الترويج لحرية الانترنت». وانتقدت الصحيفة في افتتاحيتها، الموقف الأميركي من الاحداث في مصر، ونصحت الادارة الأميركية بالتواصل مع محمد البرادعي، احد ابرز وجوه المعارضة المصرية، عوضا عن تشجيع مبارك على ادخال اصلاحات. وكتبت: «انه امر بعيد المنال، ان نفترض ان رجلا كبيرا في السن - ينظر اليه معظم المصريين على انه ديكتاتور – سيوافق على ان يبدأ حوارا جديا مع معارضيه، أو تبني اصلاحات رفضها لسنوات. ومن الخطير ان نفترض ان الشعب المصري المليء بالحيوية والغاضب، سيتم اغراؤه بالتوقف اثر اي وعود يتقدم بها مبارك». وأضافت: «عوضا عن دعوة حاكم متصلب لادخال اصلاحات، على الادارة الأميركية ان تحاول التحضير لتطبيق سياسة المعارضة (التي يقودها البرادعي) بشكل سلمي. عليها ان تتواصل مع البرادعي وقادة اخرين في المعارضة. ويجب ان تقول للجيش المصري، ان كبت الثورة بعنف سيقطع علاقاتها بالولايات المتحدة».