مصر: 150 قتيلا وألفا جريح في اليوم الخامس للمظاهرات

مبارك عين عسكريين في موقعي نائب الرئيس ورئيس الوزراء.. واستقالة مهندس انتخابات الحزب الحاكم

عمر سليمان يؤدي اليمين الدستورية أمام مبارك (رويترز)
TT

تواصلت المظاهرات العارمة في كافة أنحاء المحافظات المصرية لليوم الخامس على التوالي، وقرر الرئيس المصري حسني مبارك أمس تعيين رئيس المخابرات المصرية، اللواء عمر سليمان (37 عاما)، نائبا للرئيس، واللواء احمد شفيق (69 عاما)، رئيسا للوزراء (الحكومة)، إضافة لاستقالة رجل الأعمال القوي القيادي في الحزب الحاكم احمد عز، والذي يعد مهندس انتخابات الحزب، وهي إجراء ظهرت أمس لتهدئة الغضب المتنامي في الشارع المصر]، إلا أن محتجين قالوا إن هذه الإجراءات لا تحقق مطالب المتظاهرين الذين ينادون بـ «إسقاط النظام»، وقالت إحصاءات طبية وإفادت شهود عيان أمس إن عدد القتلى وصل مبدئيا إلى أكثر من 150 وإصابة ألفين على الأقل، بينهم نحو 100 قتيل في القاهرة، و30 في الإسكندرية، وعشرات في عدة محافظات أخرى.

وقال الجيش في بيان مساء أمس إنه سوف ينزل إلى كل نواحي البلاد لبسط الأمن وملاحقة الخارجين عن القانون، مناشدا المواطنين الإنصياع لقرار حظر التجول، وقال إنه سوف يتم التعامل بكل قسوة وشدة للإلتزام بحظر التجول، وملاحقة الخارجين عن القانون، داعيا الشعب للتعاون في بسط القانون والإبلاغ عن الخارجين عن القانون.

وانقسمت ردود فعل عشرات ألوف المحتجين في ميادين القاهرة حول نبأ تعيين اللواء سليمان نائبا للرئيس بين الفرح وبين الغضب، ففي حين رقصت فرق من المحتجين الذين خرجوا للتظاهر منذ يوم الثلاثاء الماضي، فوق دبابات الجيش بميدان التحرير فرحا بتعيين اللواء سليمان المعروف بصمته ونزاهته، ردد ألوف المحتجين شعارات رافضة لقرار تعيين سليمان، قائلين إن «الشعب يريد إسقاط الرئيس»، وربطوا إخلائهم ميدان التحرير بتخلي الرئيس مبارك عن السلطة، قائلين «هو يمشي إحنا نمشي».

كما استقبل المتظاهرون نبأ تكليف مبارك للواء شفيق بتشكيل الحكومة بتباين أيضا بين الرضا والغضب. فالبعض يرى أنه يتميز بخلفية عسكرية وتفكيره المنظم الذي ظهر من خلال شغله موقع وزير الطيران المدني في الحكومة المقالة، يرى آخرون أنه جزء مما يسميه المعارضون «حكومة رجال الأعمال» التي كان يتولى الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس وزرائها.

واللواء شفيق رجل عسكري كان يتولى قيادة القوات الجوية المصرية من عام 1336 إلى سنة 2002، وهو حاصل على درجة الدكتوراه في العلوم العسكرية. وبدأ أنه وقر في يقين قوات الجيش المنتشرة في وسط العاصمة ان قرارات مبارك قادرة على امتصاص غضب المتظاهرين الذين لم يكونوا قد امتثلوا لأوامر حظر التجول حتى الليلة الماضية، وشوهدت عشرات الآليات العسكرية وهي تنسحب من ميدان التحرير الذي شهد محيطه معارك طاحنة بين المتظاهرين ورجال الشرطة لاقتحام عدة مبان حكومية مهمة على رأسها مبنى وزارة الداخلية الذي يضم مكتب مباحث أمن الدولة الشهير المعروف باسم «لاظوغلي»، وكذا في نطاق مبنى التليفزيون الرئيسي على كورنيش النيل.

واتجهت عدة منجزرات وآليات عسكرية مساء أمس من ميدان التحرير لتأمين السفارتين الأميركية والبريطانية، ولقطع عدة طرق يبدو أنها كانت رافدا لتقدم ألوف المحتجين للمبيت في ميدان التحرير، إلا إن شهود عيان أفادوا أن فرقا من ميليشيات في ملابس مدنية يركبون دراجات نارية ومسلحين بالسكاكين آخذ عددهم يتزايد في نطاق ميدان التحرير وفي بعض الميادين الاخرى في محاولة على ما يبدو لإجبار المحتجين على إخلا الميادين والشوارع بالقوة.

وقدم رجل الاعمال القوي في الحزب الحاكم، أحمد عز، استقالته من الحزب، وكان عز، المقرب من جمال مبارك نجل الرئيس المصري، مسؤولا عن حملة الرئيس مبارك الانتخابية في عام 2005، وكان يخطط لتولي حملة الرئيس المصري أو نجله جمال، في خريف هذا العام. ويشغل أحمد عز أمين التنظيم في الحزب الحاكم، وأثار غضب قطاعات من المعارضة المصرية منذ ظهوره مع مبارك الابن على مسرح الحياة السياسية مطلع الألفية الحالية، حيث وجهت ضده العديد من الانتقادات في مجلس الشعب في دورته 2005 – 2010، منها احتكار صناعة الحديد، ما نفاه تقرير جهاز المحاسبات حينذاك. وصرح محمد رجب زعيم الأغلبية في مجلس الشورى إنه من الطبيعي أن يقدم أحمد عز استقالته، لأنه مسؤول عن كثير مما حدث في الحزب، مشيرا إلى أنه من الطبيعي أن يكون هناك محاسبة، وأن يتحمل كل من اخطأ في حق الشعب المسؤولية، وقالت مصادر الحزب لـ «الشرق الأوسط» إن استقالة عز جاءت بعد اجتماع للحزب الحاكم صباح أمس رأسه صفوت الشريف الأمين العام للحزب الذي يشغل أيضا رئاسة مجلس الشورى. وقالت مصادر أن أحمد عز تم القبض عليه في مطار القاهرة أثناء محاولته الخروج من البلاد، لكن مقربين من أحمد عز لم يؤكدوا ذلك، رغم قولهم إنهم لا يعرفون مكانه حتى الآن.

وعن مكان انعقاد اجتماع الحزب الحاكم أمس بعد حرق المتظاهرين المقر الرئيسي للحزب الحاكم في القاهرة، قال المصدر إنه غير مسموح بالإعلان عن مكان الاجتماع. لكن مصادر اخرى قالت إن الاجتماع ربما يكون قد عقد خارج العاصمة المصرية في مبنى القرية الذكية أحد مقرات مجلس الوزراء المصري.

وتشكلت لجان شعبية لحماية الممتلكات العامة والخاصة في العديد من المواقع في القاهرة والمحافظات، بعد أن انتشرت أعمال السلب والنهب، حيث تدور الاتهامات حول عناصر محسوبة على قوات أمنية ومناصرون للسلطة، بعد أن تجمع في قلب القاهرة أكثر من نصف مليون مصري.

وحتى مساء أمس كان المتظاهرون يأتون بين وقت وآخر بمصاب أو قتيل من المعركة الدائرة بين المتظاهرين والشرطة حول مبنى وزارة الداخلية. وسقط خمسة مصابين و5 قتلى على الأقل في أقل من ساعة بالعاصمة وأفاد شهود عيان أن السبب يرجع لقيام الشرطة بضرب متظاهرين من على أسطح المنازل وأضافت المصادر أن ثلاثة من هؤلاء سقطوا قتلى أثناء محاولة الشرطة منع اقتحام المتظاهرين لمبنى وزارة الداخلية، فيما قتل الاثنان الآخران في كل من ميدان التحرير ومبنى التليفزيون.

واعتقل شباب من المحتجين مثيرين للشغب واللصوص الذين كانوا يحاولون اقتحام المتاجر ويسلمونهم لرجال الجيش، وظهر آخرون يرتدون بلاطي بيضاء لتضميد جراح المصابين وفريق آخر في ملابس موحدة لتنظيف ميدان التحرير. وفي أثناء ذلك ظهر الدكتور محمد البرادعي في ميدان التحرير مع مجموعة من النشطاء مساء أمس ناحية شارع طلعت حرب، داعيا لرحيل نظام الرئيس مبارك على حد قوله.