الاتحاد الأفريقي يباشر قمته ويسعى لإيجاد حل لأزمة ساحل العاج

تعيين غينيا الاستوائية رئيسا للاتحاد رغم انتقادات حقوقية بشأن «الفساد والقمع»

قادة أفارقة يستمعون لنشيد الاتحاد الأفريقي أثناء افتتاح القمة الأفريقية في اديس ابابا أمس. ويشارك في القمة أيضاً الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والرئيس الفرنسي ساركوزي (رويترز)
TT

حاول القادة الأفارقة أمس وضع حد لتفاقم الأزمة في ساحل العاج في اول يوم من قمة الاتحاد الافريقي المنعقدة في أديس ابابا. وبعد افتتاح القمة، تم تعيين رئيس غينيا الاستوائية تيودورو اوبيانغ نغيما، رئيسا للاتحاد لمدة سنة، رغم انتقادات منظمات حقوقية حول القمع والفساد السائدين في ذلك البلد الصغير الذي يزخر بثروات نفطية.

ويفترض ان تصادق القمة التي ستستمر حتى اليوم، على القرارات المتخذة يومي الجمعة والسبت الماضيين حول ساحل العاج خلال اجتماعات تمهيدية والسماح لقادة الدول الاعضاء في الاتحاد الافريقي بالتحدث بصوت واحد لتسوية الوضع الملتبس الذي نجم عن انتخابات 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي الرئاسية.

وسيشكل الاتحاد الافريقي لجنة تضم خمسة رؤساء دول يمثلون كافة مناطق القارة يكلفون اقتراح قرارات «ملزمة» خلال شهر. وقال رئيس المفوضية الافريقية جان بينغ أول من أمس إن الهدف هو «السماح للحسن وتارا بممارسة السلطة فعلا» في البلاد «عبر التفاوض»، مؤكدا ان المنظمة ما زالت تعتبر وتارا الفائز بالانتخابات على الرئيس المنتهية ولايته لوران غباغبو. واقترح الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الموجود في اديس ابابا سلسلة من المبادئ الضرورية لتأطير اللجنة قبل تأييدها.

وبعد الرفض الحاسم لفكرة غباغبو اعادة فرز الاصوات الذي قال انه سيكون «ظلما خطيرا»، دعا بان «الرئيس وتارا لتشكيل حكومة وحدة وطنية». من جانبه أعرب وتارا أمس عن ارتياحه لهذه المواقف داعيا اللجنة إلى انهاء اعمالها سريعا. ويبدو ان بعض الدول الافريقية مثل جنوب افريقيا واوغندا، تراجعت خلال الايام الاخيرة عن الصرامة التي كان يبديها الاتحاد الافريقي تجاه غباغبو، باسم ضرورة ايجاد حل سلمي للازمة.

وفي خطوة تنم عن تفاؤل أعربت المنظمة عن ارتياحها لسير استفتاء تقرير مصير جنوب السودان وانتخاب الفا كوندي اول رئيس بطريقة ديمقراطية في غينيا منذ استقلالها سنة 1958. ونوه بينغ «بشكل خاص بغينيا التي نجحت في تنظيم انتخابات ديمقراطية» قبل ان يتمنى لها «التوفيق». وقال كوندي ان «حضوري في هذه المنصة يكرس عودة غينيا إلى زمرة الامم الافريقية». وكان مفترضا أن يشيد الاتحاد ايضا بحسن سير الاستفتاء حول تقرير مصير جنوب السودان الذي عبر فيه 98.83 في المائة من الناخبين عن رغبتهم في الاستقلال كما افادت النتائج التمهيدية الكاملة المعلنة أمس، ذلك الاستقلال الذي سيعلن رسميا في يوليو (تموز) المقبل. وحضر كل من الرئيس السوداني عمر البشير واول نوابه سلفا كير زعيم جنوب السودان إلى اديس ابابا.

من ناحية أخرى، أعلن رئيس ملاوي بينغو وا موثاريكا بعد افتتاح الجلسة أمس تعيين رئيس غينيا الاستوائية تيودورو اوبيانغ نغيما، 68 سنة، رئيسا للاتحاد لمدة سنة وذلك رغم انتقادات منظمات الدفاع عن حقوق الانسان حول القمع والفساد السائدين في ذلك البلد الصغير الذي يزخر بثروات نفطية. ويقود اوبيانغ، غينيا الاستوائية بقبضة من حديد منذ اكثر من ثلاثين سنة والذي منحه اكتشاف النفط في بلاده مؤخرا شهرة عالمية بعد ان كان محروما منها. وفي دلالة عن سعيه إلى تلك الشهرة حاول اوبيانغ عبثا في 2009 استحداث جائزة علمية لليونيسكو تحمل اسمه. ووضع الرئيس المستفيد من عائدات النفط (ثالث منتج جنوب الصحراء الكبرى. 400 الف برميل يوميا) تحت تصرف الوكالة الدولية ثلاثة ملايين دولار على خمس سنوات لمكافأة «البحث في مجال علوم الحياة». واعربت منظمات غير حكومية وكذلك الحائز جائزة نوبل للسلام ديزموند توتو، عن الاستياء من ان تحمل احدى جوائز اليونيسكو اسم رئيس غينيا الاستوائية، حتى ادى ذلك الجدل إلى الغاء المبادرة.

واوبيانغ نيغيما، 68 سنة، من الرؤساء الافارقة الثلاثة الذين رفعت بحقهم منظمات غير حكومية في فرنسا دعوى بتهمة اختلاس أموال عامة. ويتهمه معارضوه الذين دفعوا ثمنا باهظا بالمنفى أو السجن، بانه يهيمن على هذا البلد الواقع في خليج غينيا ويعد 650 الف نسمة.

ولا يتردد الرجل الذي فرض عبادة الشخصية في بلاده، في ان يشهر في وجه معارضيه خطر «اعداء الداخل والخارج». وتخللت تاريخ غينيا الاستوائية الحديث عدة مؤامرات وهجمات ومحاولات انقلاب حقيقية أو خيالية. وبعد سنوات من الفقر المدقع، يفتخر اوبيانغ بتطوير البلاد بفضل الموارد النفطية ونمو يتجاوز 10 في المائة وحسابات عامة مليئة بالاموال.

ومنح اوبيانغ هبات بعد زلزالي الصين وهايتي ووضع طائراته تحت تصرف رؤساء دول افريقية ومول عدة مشاريع، وسمحت له موارده باكتساب شهرة دبلوماسية ووضع بعض مواطنيه في هيئات دولية لا سيما في رئاسة بنك دول افريقيا الوسطى.

ولد تيودورو اوبيانغ نغيما عام 1942 في اكواكام-ايزانغي شرق القسم الداخلي من البلاد وكان طفلا خجولا وسكوتا ومنزويا بعض الشيء. وبعد ان درس في معهد مبشرين مسيحيين في مدينة باتا كبرى مدن داخل البلاد، انخرط في الجيش الذي منحه سنة 1963 منحة لمواصلة دراسته في الاكاديمية العسكرية العامة في سرقسطة (اسبانيا، القوة الاستعمارية سابقا)، وعاد إلى بلاده سنة 1965 وبعد سنة من الاستقلال في 1968 عين قائدا للقوات المسلحة في العاصمة مالابو. وسريعا ما ارتقى اللفتنانت الشاب المراتب ووصفه احد زملائه السابقين بانه «داهية كثير التحفظ قد يوهمك احيانا بانه يؤيدك بينما هو العكس تماما». وفي عهد اول رئيس في البلاد فرانثيسكو ماثياس نغيما، وهو عمه، اطلق على تيودورو اوبيانغ نيغما لقب «زي بيري ايكوم« (اي الفهد المتربص) في لغة فانغ التي تتكلم بها اغلبية سكان البلاد. وفي 1977 عين نائبا لوزير الدفاع وهو منصب اساسي في النظام وفي الثالث من اغسطس (آب)، أطاح بماثياس وامر باعدامه بالرصاص.