خطة لمحاربة استغلال الأطفال في أفغانستان

الأمم المتحدة تتحرك لوقف تقليد مسيء للفتيان ينتشر في أفغانستان ودول آسيا الوسطى

راديكا كوماراسوامي
TT

كان من المفترض أن توقع أفغانستان مع منظمة الأمم المتحدة، أمس، على اتفاقية رسمية تقضي بوقف تجنيد الأطفال للعمل في صفوف الشرطة ومنع الاستغلال الجنسي للأطفال من قبل العسكريين، حسبما افاد مسبقا مسؤولون أفغان وآخرون في الامم المتحدة.

واعترف المسؤولون أن الجهود التي بذلتها الجهات الداعمة لأفغانستان لبناء قوات شرطة وجيش بشكل سريع، تسببت بطريقة غير مقصودة، في دفع أعداد كبيرة من الأطفال إلى الانضمام للخدمة العسكرية. وكان متوقعا أن يوقع مسؤولون في الحكومة اندهشوا لإدراج أفغانستان ضمن قائمة سوداء تابعة للأمم المتحدة وتخص الدول التي تستغل الأطفال كجنود، تعهدا أمام راديكا كوماراسوامي، الممثلة الخاصة للامين العام للامم المتحدة المعنية بالأطفال والنزاعات المسلحة خلال زيارتها لكابل يوم أمس.

وبالموافقة على خطة عمل لمحاربة هذه المشكلة، تعترف الحكومة رسميا ولأول مرة باستغلال الأطفال لأغراض جنسية. ويجري استغلال الأطفال ضمن تقاليد أفغانية تسمى «باتشا بازي» أي الولد اللعبة. ويعتقد مسؤولون في الأمم المتحدة أن المئات من الأطفال الذكور يعملون في الشرطة «معظمهم بسبب تزوير أوارقهم الثبوتية والرشاوي، وإن هناك ضغوطا لزيادة هذه الأعداد». وتأمل أفغانستان في أن تسهم مشاركتها في خطة العمل إلى إلغاء اسم الشرطة الافغانية من قائمة المنظمات التي تدينها الأمم المتحدة باستخدام الأطفال في النزاعات المسلحة. وتشمل القائمة أيضا حركة طالبان وشبكة حقاني والحزب الاسلامي، إضافة إلى جماعات متمردة أخرى توظف الاطفال لإخفاء القنابل وتستخدمهم في بعض الحالات كانتحاريين. وتضم القائمة «التي تركز على الانتهاكات الفظيعة ضد الاطفال في النزاعات المسلحة» 13 دولة. ومعظم المنظمات التي تشملها القائمة في هذه الدول، هي مجموعات متمردة وليس الجيش أو الشرطة الوطنية. وكان مسؤولون في حلف شمال الأطلسي على علم بهذه القضية لبعض الوقت. وأصدر القائد السابق لقوات التحالف، الجنرال ستانلي ماكريستال، أمرا عام 2010 لقوات الأطلسي بمراقبة تجنيد الأطفال في صفوف الجيش. ويأمل مدربو الحلف بتجنيد ما يقارب 23.000 ضابط أمن بحلول اكتوبر (تشرين الأول) القادم، وذلك في إطار خطة تهدف لرفع أعداد قوات الأمن بنسبة 42 في المائة بحلول عام 2012. ولدى سؤاله عن السياسة التي ستتبع إزاء القادة الذين يستغلون الأطفال، قال المتحدث باسم قوات التحالف اللفتنانت كولونيل جون دوريان إنه في حال ضبط مثل هذا الاستغلال من قبل أي عنصر في الجيش، فإنه يتعين عليه الابلاغ عن ذلك. وأضاف أنه لم يطلع على أي تقارير تتعلق بهذا الأمر في السنوات السابقة. وينتشر هذا التقليد، الذي يصل عمره إلى 300 عام في آسيا الوسطى، بشكل واضح في مناطق بأفغانستان. وقد شوهد الحاكم السابق لولاية قندهار غول آغا شيرزاي، وهو من أمراء الحرب السابقين وحليف مقرب للولايات المتحدة ويعمل حاليا حاكما لولاية نانغرهار، في مناسبات عامة عديدة، ظهر فيها فتيان مراهقون يضعون مساحيق تجميل بالرغم من نفي المتحدث باسم مكتبه بأن هؤلاء القتيان كانوا يشاركون في تقليد «باتشا بازي».

وتقول كوماراسوامي في تقرير رفعته إلى مجلس الأمن الدولي في إبريل (نيسان) الماضي إن «مسألة ممارسة تقليد الباتشا بازي والاعتداء الجنسي، تثيران القلق». وتضيف: «لقد أثر المناخ العام للحصانة وغياب حكم القانون بشكل سلبي على الإبلاغ عن العنف الجنسي واستغلال الأطفال».

وقد وجدت كوماراسوامي حليفا قويا في أفغانستان، وتحديدا في مجلس العلماء (أعلى سلطة دينية في البلاد)، يدين تجنيد الاطفال واستغلالهم الجنسي ويعتبر ذلك عملا مخالفا للإسلام. ونجح رئيس بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان ستافان دو مستورا، في حشد دعم العديد من المسؤولين في مواجهة هذه القضية بعد تسلمه عريضة تضم أربعة آلاف توقيع تدين نقص الجهود لوضع حد للاستغلال الجنسي للأطفال في قوات الامن، بحسب مسؤولين.

وينتشر هذا التقليد في عموم أفغانستان لكنه يشتهر في قندهار. وقد سيطرت طالبان على قندهار عندما تدخلت في قتال بين اثنين من قادة الحرب يستغلان الأطفال جنسيا. وقد عارضت طالبان هذا التقليد وحظرته عندما تسلمت زمام الأمور. وذكر تقرير أعده مستشار بوزارة الدفاع الأميركية حول النشاط الجنسي للبشتون، قدمه للفوات الأميركية والبريطانية عام 2009: «بينما تتم معاملة الفتيان بهذه الطريقة بسرية في مناطق متعددة في جنوب أفغانستان، يحتفل به كتقليد ثقافي في قندهار».

وقالت اسيلا واردك، مسؤولة شؤون حقوق الانسان في وزارة الخارجية والتي كانت شاركت في إعداد الخطة التي تم وضعها بالاتفاق مع الأمم المتحدة ان الرئيس الأفغاني حميد كرزاي أمر حكومته بمعالجة هذه المسألة لانزعاجه من «إدراج افغانستان في القائمة السوداء للامم المتحدة». وأضافت: «إن هناك إجراءات عديدة لمحاربة الاستغلال الجنسي للأطفال»، تتضمن مقاضاة القادة الذين يثبت تواطؤهم. وقالت واردك إن مشكلة الباتشا بازي «موجودة منذ وقت طويل أتذكره لكن هذه هي المرة الأولى التي تتخذ فيها الحكومة إجراءات عملية ضدها».

* خدمة «نيويورك تايمز»