البيت الأبيض يتشاور مع حلفاء دوليين وخبراء محليين حول «انتقال السلطة» في مصر

الإعلام الأميركي يربط بين القاهرة اليوم وطهران عام 1979

فتاتان مصريتان تتطلعان إلى آثار التخريب والدمار الذي لحق بأحد المراكز التجارية في القاهرة أمس (أ.ب)
TT

يجري مسؤولون رفيعو المستوى في البيت الابيض مشاورات مع مسؤولين في دول حليفة لبحث التطورات في مصر، في وقت دعي عدد من الخبراء في الشأن المصري في واشنطن إلى البيت الابيض صباح امس ضمن جهود الادارة الأميركية لبحث «انتقال السلطة» في مصر. واشارت مصادر اميركية لـ«الشرق الأوسط» الى ان هناك ترقبا لما سيحدث اليوم في مصر، بعد ان تم الاعلان عن دعوة لاضراب عام من المتوقع ان يظهر مدى المعارضة الداخلية للنظام الحالي في مصر. وفي بيان البيت الابيض حول اتصالات الرئيس الأميركي باراك اوباما بعدد من القادة على رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، بالاضافة إلى رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، ظهرت عبارة «تأييد الانتقال المنتظم» في مصر. وزادت التوقعات في واشنطن يوم امس بالاستعداد لتغيير في الحكم في مصر خلال الفترة المقبلة، حيث جاء في بيان البيت الابيض ان تركيز اوباما هو معارضة العنف والمطالبة بضبط النفس، بالاضافة إلى «دعم انتقال منتظم إلى حكومة تستجيب إلى طموحات الشعب المصري». وطلب اوباما من القادة «تقييمهم للوضع» والبقاء على اتصال متواصل في الفترة المقبلة، بينما تحاول واشنطن التوصل إلى خطة واضحة حول الخطوات المقبلة. وتعتمد الادارة الأميركية على تقييم الخبراء المطلعين على الاوضاع في المنطقة لمساعدتها في بلورة الموقف المقبل. ومن بين الخبراء المدعوين إلى البيت الابيض لجلسة مغلقة حول مصر الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط في معهد كارنغي للسلام ميشيل دان التي اعتبرت امس ان الرئيس المصري حسني «مبارك يفعل اقل قدر ممكن لمعالجة الوضع»، مضيفة في ندوة حول مصر في واشنطن امس ان في الان نفسه «المعارضة في مصر مازالت مقسمة». وفي ما يخص تداعيات التطورات في مصر، قالت دان ان «المظاهرات في مصر تظهر فشل الجهود الأميركية لدفع الاصلاح في العالم العربي من القيادة»، مضيفة: «ارجو ان يتعلم الجميع درس اهمية التواصل بجدية في قضايا الاصلاح». ومن اللافت من بين الخبراء الذين دعوا إلى البيت الابيض لبحث مصر لم تشمل المجموعة خبراء مصريين أو عربا.

وقدم وزير الخارجية الاردني السابق مروان المعشر تقييمه حول مصر في نفس الندوة في معهد «كارنغي» امس، حيث قال ان القضية الجوهرية التي تدفع المتظاهرين في مصر وتونس وغيرها من الدول العربية هي مسألة «الحكم» وطريقة الحكم، بدلا من الاقتصاد فقط. واعتبر ان «الانفتاح الاقتصادي من دون الضوابط شجع الفساد» في المنطقة، مما زاد من غضب الكثير من المواطنين. ولفت المعشر الى ان الولايات المتحدة لم تقم بدور فعال في مساعدة الاصلاحات الجدية ومنع ذلك الفساد، مضيفا ان «على الولايات المتحدة ان تدعم الانتقال في السلطة في مصر». واعتبر المعشر ان «ما تفعله الولايات المتحدة الان لن يؤثر بشكل كبير على ما يحدث في مصر، بل عليهم الانتباه لما يمكنهم فعله من اجل دول اخرى في المنطقة». وتابع: «الوقت مناسب لحركة اصلاح حقيقية وعلى الولايات المتحدة ان تدعمها». وبينما يعبر مسؤولون اميركيون عن قلقهم من التطورات في مصر لموقع مصر الاستراتيجي وخاصة سلامها مع اسرائيل، دعا المعشر الأميركيين بعدم حصر الاوضاع في مصر باطار امن اسرائيل. وقال: «الامر غير متعلق باسرائيل، الشعوب العربية تغضب من واقع ان كلما حدث امر ما، الولايات المتحدة تنظر اليه من منظور اسرائيلي وهذا امر خاطئ». وتابع: «الامر متعلق بالحكم والاحتياجات الداخلية». ومن اللافت ان الكثير من المحللين في واشنطن ينظرون إلى ثورة 1979 في ايران وعلاقة الولايات المتحدة بالشاه ويقارنونها بالعلاقة مع الرئيس المصري. وترددت اسئلة كثيرة في ندوات في واشنطن والاعلام الأميركي عن المقارنة التاريخية بين الوضعين. وقالت كاي بيرد في مقال راي على مجلة «سليت» الالكترونية ان «اوباما لديه مشكلة الشاه في مصر»، مضيفة ان الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر لم يعلم اي اتجاه يتخذ عندما بدأت المظاهرات ضد الشاه الايراني رضا بهلاوي، فحاول دعم الشاه بينما طالب بالانفتاح السياسي وعدم استخدام العنف ضد المتظاهرين. واوضحت انه «يبدو ان اوباما يتخذ نفس الخطوة ونتيجة ذلك قد تكون غير مرغوبة». ورددت صيفحة «واشنطن تايمز» هذا الرأي حيث قالت في افتتاحيتها امس ان «مصر قد تكون لاوباما ما كانت ايران إلى كارتر»، في ان فشل الاخير في كسب ولاية ثانية في الرئاسة بالثورة الايرانية. واضافت الافتتاحية ان «من الواضح ان فريق اوباما لم يكن جاهزا لاحداث الاسابيع الماضية وقد تخلت عن اي دور قيادي في حل الازمة»، مثلما حصل في ايران عام 1979 عندما سرعان ما تراجع النفوذ الأميركي في ايران. وبينما المشاورات السياسية والتعليقات الاعلامية الأميركية تستمر حول مصر، حيث تصدرت اوضاع القاهرة الصفحات الاولى لكبرى الجرائد الأميركية، تكثف وزارة الخارجية الأميركية جهودها لاخراج المواطنين الأميركيين من مصر. وقالت مساعدة وزيرة الخارجية للشؤون القنصلية جانس جونز ان «المواطنين الأميركيين المتواجدين في مصر حاليا عليهم التفكير بالمغادرة فور ما يستطيعون ذلك». واضافت جونز في مؤتمر صحافي عبر دائرة هاتفية مع مجموعة من الصحافيين ان هناك «الالاف من الأميركيين في مصر» ولكن لم تحدد عددهم لان الارقام المتاحة تعتمد على تسجيل المواطنين الأميركيين مع السفارة طوعيا. وبدأت السفارة الأميركية في مصر بمساعدة الأميركيين على اخلاء مصر من خلال طائرات إلى تركيا واليونان وقبرص لتأمين سلامتهم.