العوائق الأمنية والتقنية.. تضع وسائل الإعلام في حرج مهني بالغ

رفعت شعارات «حافظوا على مصر» وبثت أغاني وطنية

الصفحات الأولى من بعض الجرائد المصرية أمس (اب)
TT

انقطاع شبكة الانترنت، التشويش على الاتصالات، فرض حظر التجول لساعات طويلة من اليوم، اختفاء المسؤولين وصناع القرار السابقين، تأخر تشكيلة الحكومة الجديدة، أوضاع أمنية غاية في الخطورة وأرواح مراسلين وإعلاميين معرضة للخطر، وغيرها الكثير من التحديات الكبيرة والصعوبات التي اتحدت فجأة ضد الإعلاميين في مختلف وسائل الإعلام.. في وقت يتعين على هذه الوسائل أن توفر خدمات إعلامية شاملة وشفافة وتغطيات إخبارية موسعة.. ينتظرها الجمهور الذي لا يجد أمامه سوى شاشات التلفاز لمتابعة مظاهرات شعبية وتطورات أمنية عصيبة، قد تغير أوضاع مصر رأسا على عقب.

شاشات التلفزيون المصري، قسمت كل قنواتها، بما فيها القنوات المتخصصة (الرياضية، السينمائية، الاجتماعية... إلخ) إلى شاشتين موحدتين، تنقلان بثا مباشرا للأحداث والبيانات السياسية، وتقدم خدمة إخبارية متواصلة على مدار الساعة، تتناول الأحداث وتطورات الموقف على الأرض، كما تستضيف المحللين والخبراء، مع بث أغان وطنية لحث المواطنين للعمل لمصلحة البلد.

ويرى المراقبون أن التلفزيون المصري قدم خدمة إخبارية متميزة من حيث تناول الأحداث والبعد عن «التهوين أو التهويل».. لكنهم في نفس الوقت ألقوا اللوم عليه في عدم استضافة القوى المعارضة التي تطالب بالتغيير بالشكل الملائم للأحداث، وبالتالي اقتصرت التغطية على محاولة ضبط الأوضاع وحث المواطنين على التزام الهدوء والبعد عن تأثير «المغرضين». كما خصصت القنوات الفضائية المصرية الخاصة ساعات مطولة على الهواء مباشرة لمتابعة المظاهرات، واستقبال استغاثات المواطنين. وتوحدت قنوات دريم (1 و2) في بث مباشر لبرنامج العاتشرة مساء منذ الساعة 7 تقريبا وحتى الثانية عشرة صباحا يوميا.

وأكدت الإعلامية منى الشاذلي مقدمة البرنامج أنها «حريصة على تقديم هذه المادة الإخبارية للجماهير والرد على تساؤلاتهم، رغم الصعوبات والضغوط الأمنية التي تتعرض لها، ورغم صعوبة التواصل مع العديد من الجهات لمحاولة الإجابة عن الأسئلة الغامضة التي لم تكشفها الأحداث حتى الآن».

كما قدمت قنوات الحياة أيضا بثا مشتركا لبرنامج «الحياة اليوم» لأكثر من 5 ساعات متواصلة، ظهر خلاله أول من أمس الإعلامي عمرو أديب، والذي توقف برنامجه «القاهرة اليوم» على محطة الأوربت منذ فترة قريبة، وقيل آنذاك ان سبب توقفه كان معارضته للنظام ومهاجمة الحكومة بشكل مستمر في البرنامج.

وهو نفس الحال على قناة (ONTV)، المملوكة لرجل الأعمال نجيب ساويرس، الذي قام بعمل مداخلة معه أول من أمس نفى خلالها هروبه عن مصر، وأكد أنه يمكث في مدينة الغردقة هو وأسرته، وأن الأنباء التي أذاعتها قناة الجزيرة القطرية عن هروبه هي إشاعات كاذبة ومحاولات كيدية للنيل منه، بعد أن قام بمهاجمة القناة بسبب سياستها الإخبارية المنحازة وغير المهنية، على حد تعبيره، ووضعت كل هذه القنوات الرسمية والخاصة أعلام مصر على صدارة شاشتها، وعليها شعارات. من قبيل «حافظوا على مصر»، و«مصر دائما قوية». وحاولت القنوات جمع أكبر عدد ممكن من الفنانين والمثقفين ورجال القانون في مداخلاتها رغم صعوبة التوصل لهم.

أما الصحف الورقية، فبسبب انقطاع خدمة الانترنت، وصعوبة إرسال المواد للصحف عبر المراسلين، فقد انخفضت عدد صفحاتها بشكل كبير، حتى ان صحفا يومية صدرت في ورقتين فحسب، كما توقفت خدمة الاشتراكات.. وتلاشت الإعلانات من معظم الصحف.

جدل كبير شهدته القنوات الإخبارية مساء يوم الأحد، حول أعداد المتظاهرين الموجودين في ميدان التحرير؛ فبينما أكد شهود عيان لقناتي العربية والجزيرة أنهم فاقوا المائة ألف، بث التلفزيون المصري صورا حية تقلل من أعداد المتظاهرين.

وفي إطار الجدل الإعلامي أيضا، أثار قرار وزير الإعلام أنس الفقي بغلق مكتب قناة الجزيرة ووقف بثها على «النايل سات» وسحب التراخيص من مراسليها، جدلا كبيرا بين مؤيد ومعارض؛ فبينما رأى البعض أن القناة تمارس دورها بشكل مهني كبير وتنقل الحقيقة التي لا يستطيع الإعلام الرسمي قولها، قال إعلاميون ومراقبون إن قناة الجزيرة قامت بإثارة الرأي العام ونشرت أخبارا كاذبة للإثارة، في وقت يجب أن يكون الإعلام العربي كله موحدا ضد الشغب وإثارة الفتنة بين المواطنين، وأن يكون أكثر حرصا على أمن مصر، خاصة أنه ينعكس بصورة أو بأخرى على كل الدول العربية.