الرئيس الأسد يعتبر الاضطرابات السياسية بعيدة عن بلاده.. ويصف الشرق الاوسط بـ«المريض»

إخوان سورية لـ«الشرق الأوسط»: «الشام على خطى الحرية.. رغم أن الهمس يورد الإنسان إلى التهلكة»

فتاة مصرية التفت بعلم بلادها وسط ميدان التحرير بوسط القاهرة أمس (إ ب أ)
TT

اعتبر الرئيس السوري بشار الاسد امس ان الشرق الأوسط «مريض» بسبب عقود من الركود ويتوجب على قادته ان يطوروا أنفسهم ومجتمعاتهم وان يستجيبوا لتطلعات شعوبهم. وقال الاسد في مقابلة نادرة مع صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية «علينا ان نجاري هذا التغيير على مستوى الدولة والمؤسسات». واشار الاسد في التصريحات التي تأتي في الوقت الذي تدخل المظاهرات في مصر يومها السابع «عليكم ان تطوروا انفسكم مع تطور المجتمعات. ذلك هو العنوان الاهم». وأوضح الاسد رؤيته في سورية وقال «ستشهد سورية اصلاحات سياسية في عام 2011 عبر الانتخابات المحلية واصدار قانون جديد للاعلام وتخفيف الشروط على منح التراخيص للمنظمات غير الحكومية». ويرى عدد من المحللين في سورية التي قال الاسد انها تقع في قلب الشرق الأوسط، مؤشرا محتملا يسمح لهم بتقييم الطريقة التي سيتجاوب من خلالها القادة العرب مع مطالب التغيير. واضاف الاسد الذي تسلم السلطة في عام 2000 بعد وفاة والده حافظ الاسد بعد حكم للبلاد استمر ثلاثة عقود، «ان الاصلاح الحقيقي يتعلق بكيفية اجراء انفتاح في المجتمع وكيفية اجراء حوار». ورأى «ان عقودا من الركود السياسي والاقتصادي، ووجود زعماء من ذوي ايديولوجيات ضعيفة، والتدخل الاجنبي والحروب ادت إلى استياء الشارع في تونس ومصر». وفي تشبيه استوحاه الاسد (45 عاما) من خلفية دراسته للطب «ان المياه الراكدة تسبب التلوث وتولد الجراثيم، ولان هذا الركود استمر لعقود.. فقد اصابتنا الجراثيم». واضاف «ان ما ترونه الان في هذه المنطقة هو نوع من المرض. هكذا نراه نحن». واعتبر عدد من المحللين ان ثورة تونس التي اوحت بالاحتجاجات التي تشهدها مصر، اثارت التكهنات بأن العالم العربي يقف على اعتاب حقبة ستشهد مزيدا من الديموقراطية. وقال الاسد «هذه حقبة جديدة.. ولكنها لم تبدأ الآن بل بدأت مع الثورة في ايران. ولكن الجديد في الامر انها تحدث داخل دول مستقلة في العالم العربي». وامتنع الرئيس السوري عن التعليق بشكل مباشر على الاحداث في تونس ومصر معتبرا انه «من المبكر جدا الحكم على تأثيرها في المنطقة»، الا انه اكد ان الوضع في بلاده مستقر. وقال الاسد «ان الوضع في سورية مستقر رغم ان ظروفها اصعب من ظروف مصر التي تحصل على مساعدات مالية من الولايات المتحدة، في حين تخضع سورية إلى عقوبات تفرضها عليها عدة بلدان في العالم». واكد الاسد «لا يمكننا ان نرسي ديمقراطية مبنية على المصالح الشخصية للافراد ولذلك فان البداية ستكون الحوار والمؤسسات». واضاف الرئيس السوري «ان المجتمعات العربية اضحت اقل انفتاحا منذ ثمانينات القرن الماضي مما ادى إلى التطرف والى مستوى اقل من التطور والانفتاح»، مؤكدا «ان التحدي الذي يواجهه الزعماء يكمن في كيفية انفتاح المجتمعات وبناء المؤسسات».

وحذر الاسد من مغبة التسرع من اجراء الاصلاحات ردا على الاحداث في مصر وتونس وقال «ان لم تكن قد رأيت ضرورة الاصلاح قبل احداث تونس ومصر فان الوقت قد تأخر لإجراء اي اصلاح الان». وعندما تسلم السلطة في عام، 2000 المح الاسد في خطاب القسم إلى عصر جديد من الانفتاح والاصلاح في سورية، الا ان ما سمي «ربيع دمشق» لم يدم طويلا. وبحسب منظمة هيومن رايت ووتش فان السلطات السورية «تعتقل النشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الانسان»، كما «قلصت من حرية التعبير وتقمع الاقلية الكردية وتعزل المعتقلين عن العالم الخارجي لوقت طويل كما تقوم غالبا بتعذيبهم».

وقال الاسد «ان الوضع اليوم افضل مما كان عليه منذ ستة اعوام، الا انه ليس الوضع الامثل» مشيرا إلى «انهم يدعونك إلى المضي بسرعة وفي نفس الوقت يفرضون عليك العقوبات».

إلى ذلك اصدر اخوان سورية امس بيانا امس تحت عنوان «الشام على خطى الحرّية»، قالوا فيه: «يا شعبنا السوريّ، بِعَرَبِهِ وكردِهِ وشَركَسِهِ وتـركمَانِه، بمختلف أديانه وطوائفه، أما آن لِلَيْلِ الشام أن ينجلي؟ أيها القابِضون على الجَمْر، أما آن لكم أن تملأوا الأرضَ بعزّتكم وإبائكم؟ وتَصرخَ جموعكم بـ (لا) كبيرة؟ لا للظلم والفساد والنهب لا للفقر والجوع والحِرمان والبطالة؟، أما آن لدمشق أن تهدر، فيتّصل صدى هديرِها بِصَدى هديرِ تونس والقاهرة». وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بمحمد رياض الشقفة (ابو حازم) المراقب العام لتنظيم الإخوان المسلمين في سوريا، المقيم في اليمن، الا أن هاتفه الجوال كان مغلقا، لكن المرشد السابق علي صدر الدين البيانوني «ابو انس» اكد في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الأوسط» ان الاوضاع في سورية اسوأ كثيرا من مصر، وقال على الاقل هناك متنفس اعلامي بالنسبة للمصريين هم يتحدثون ويتكلمون ويزأرون عن الاوضاع الجارية في بلادهم، ومجرد الهمس في سورية يورد الانسان بنفسه إلى التهلكة. واشار البيانوني في حديثه إلى «الشرق الأوسط» إلى المحامي الحقوقي هيثم المالح، 80 عاما، الذي اعتقل منذ اكثر من عام بسبب اهتمامه بقضايا حقوق الانسان، وتحدث ايضا عن شابة سورية صاحبة مدونة اسمها طلة المالح ما زالت في السجن بسبب خواطرها التي تكتبها على الانترنت ضد الاستبداد. وقال هناك آلاف المفقودين السياسيين وكذلك الاف السجناء السياسيين، بالاضافة إلى القيود الحكومية التي تشمل حظر سفر مئات من المنتقدين وقانون الطوارىء وحظر اي معارضة وهو امر سار منذ 50 عاما. وتحدث بيان اخوان سورية امس عن عشرة نقاط، قال انها «تدرَأ الفتنة، وتـحقَن بفسحتها الدماء، وتجنِّب البلاد والعباد كارثة تصيب الحاكمَ قبل المحكوم، ولا يعلم إلا الله عزّ وجلّ كيف ستبدأ، وإلى أين ستنتهي». وضمن هذه النقاط، «تغيير الدستور، ليضمنَ نهاية الحكم الشموليّ، وإلغاء المادة الثامنة منه، التي تفرض حكمَ الحزب الواحد، وإلغاء قوانين الطوارئ والأحكام العرفية والقوانين الاستثنائية، وبَتـر الفساد، واستئصال الفاسدين، واسترداد الأموال المنهوبة، والمعالجة السريعة للفقر والبطالة والجوع والأميّة. والتراجع الفوريّ عن الخطوات والقرارات القمعية، التي سرِّحَ بموجبها المعلّمون والمعلِّمات وأساتذة الجامعات، بسبب دينهم أو معتقداتهم أو التزامهم الإسلامي». وطالب بيان اخوان سورية بالإفراج عن جميع السوريين المعتَقَلين والسوريات المعتقلات، وتبييض السجون، والكَفّ نهائيا عن سلوك الاعتقال بسبب الرأي أو المعتَقَد، والكشف عن مصير المفقودين، وإلغاء كل ما يَـحول بين الـمهَجَّرين القسريّين ووطنهم السوري، وتشكيل حكومة وطنية، تعَبِّر عن إرادة الشعب، وتمثِل كلَّ شرائحه الاجتماعية والسياسية، وإجراء انتخابات حرّة نزيهة، لانتخاب برلمان وطنيّ يمثّل كلَّ شرائح النسيج الشعبيّ السوري. وكان اخوان سورية اعتبروا الشهر الماضي، ان أن انتفاضة الشعب التونسي قد تكون الشرارة الأولى لما وصفوه بمطالبة الشعب السوري بحقوقه إذا استمر النظام في تجاهلها مؤكدة أنها لا تستبعد تحريض الشعب على ذلك. ودعا محمد رياض الشقفة، المراقب العام الجديد للجماعة النظام السوري للاتعاظ بالتجربة التونسية والعودة إلى صف الشعب من أجل مصلحة الوطن. وقال في تصريحات «إذا استمر النظام في تجاهله لإرادة الشعب واستمر الفساد والتمييز بين المواطنين، فإننا سوف نحرض الشعب على المطالبة بحقوقه حتى يصل إلى مرحلة العصيان المدني». وهدد الشقفة مؤخرا باللجوء إلى الشارع والعصيان المدني إن واصل النظام السوري سياسة التضييق على الشعب السوري وذلك من أجل انتزاع حريته.