خلال الأربعة الأيام الماضية ومنذ بدء الأحداث التي تشهدها حاليا جمهورية مصر العربية، كشفت الخطوط الجوية السعودية عن تشغيلها لنحو 49 رحلة نقلت عبرها ما يقارب 14.115 راكبا من القاهرة والإسكندرية إلى كل من جدة والرياض والدمام والمدينة المنورة وأبها.
جاء ذلك بناء على توجيه صادر من نائب خادم الحرمين الشريفين الأمير سلطان بن عبد العزيز بتسيير جسر جوي لنقل المواطنين السعوديين الراغبين في العودة إلى السعودية، وذلك من خلال رحلات مجدولة إلى جانب تشغيل رحلات إضافية واستخدام طائرات بسعة مقعدية أكبر.
وأوضح عبد الله بن مشبب الأجهر المتحدث الرسمي باسم الخطوط الجوية السعودية أن «السعودية» تحرص على توفير السعة المقعدية اللازمة لنقل المواطنين السعوديين من مصر إلى المملكة رغم محدودية الوقت المسموح به نتيجة لحظر التجول المطبق في شوارع القاهرة.
وأضاف: «إن الخطوط السعودية تقوم بتأمين وجبات غذائية من المملكة لخدمة الركاب المتواجدين في المطار، غير أن ظروف التشغيل في مطار القاهرة الدولي تعد صعبة»، لافتا إلى وجود تنسيق مستمر مع سفارة خادم الحرمين الشريفين بجمهورية مصر العربية لتذليل كافة الصعاب وتقديم كل مساعدة لتأمين نقل المواطنين السعوديين إلى السعودية، وذلك من خلال غرف العمليات على مدار الساعة وبمتابعة من المسؤولين التنفيذيين بالخطوط السعودية.
ندى الغامدي، إحدى السعوديات القادمات من مصر أول من أمس، أكدت لـ «الشرق الأوسط» على أن السفارة السعودية في مصر قامت بإسكان رعاياها بفندق ماريوت، والذين تجاوز عددهم 2000 مواطن ومواطنة، عدا عن الذين تواجدوا في المطار لانتظار أي طائرة تقلهم إلى السعودية.
وأضافت: «لم نتمكن من الانتظار لمدة أطول، حيث أنني مكثت يوما واحدا في الفندق ومن ثم اضطررت للذهاب إلى المطار نتيجة امتلاء الرحلات التي لم تحاول تغطية الأعداد الكبيرة الموجودة بمطار القاهرة الدولي».
يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه شركة مصر للطيران عن إلغاء جميع رحلاتها الجوية الداخلية والخارجية من الخامسة عصرا من يوم أمس وحتى العاشرة صباحا اليوم، حيث طلبت من عملائها الذين سبق لهم الحجز على رحلات خلال هذه الفترة عدم التوجه إلى المطار منعا للزحام.
وأشارت «مصر للطيران» إلى أنها ستعلن المواعيد الجديدة للرحلات الملغاة في وقت لاحق، غير أنها لم تذكر سببا لإلغاء الرحلات الذي جاء في اليوم السابع من الاحتجاجات العنيفة للمطالبة بإنهاء حكم الرئيس حسني مبارك. في حين أوضحت مصادر مسؤولة بمطار القاهرة الدولي يوم أمس أن الساعات الأخيرة شهدت إقلاع عدد من الطائرات التي تقل رعايا دول أجنبية من مصر بعد تفجر الاحتجاجات العنيفة المناهضة لحكم الرئيس حسني مبارك وتردي الوضع الأمني.
وأبانت المصادر بأن من بين تلك الطائرات أربع طائرات تركية وطائرتين لشركة العال الإسرائيلية، ومثلهما لروسيا، وأخرى لجمهورية التشيك، مبينة في الوقت نفسه أن حدة الزحام الذي شهده مطار القاهرة بدأت بالانخفاض وإن كان من المتوقع أن يتكرر خلال ساعات رفع حظر التجول.وأضافت: «إن شركة مصر للطيران قامت خلال العشرين ساعة الأخيرة بتسيير نحو 26 رحلة فقط من بين 120 رحلة مجدولة، في حين شهدت الصالة رقم 4 المخصصة للطائرات الخاصة بداية من الرابعة عصر أول من أمس وحتى صباح يوم أمس سفر 43 طائرة خاصة تسع كل منها بين 10 و15 راكبا إلى دول الخليج وأوروبا»، موضحة وجود 17 أميركيا كانوا ينتظرون في الصالة نفسها طائرة عسكرية لتقلهم من مصر. فهد القحطاني أحد الطلاب الكويتيين الذين غادروا مصر منذ نحو يومين، أفاد بأنه اضطر إلى الخروج من الإسماعيلية إلى شرم الشيخ بعد أن ساءت الأوضاع في القاهرة، مما منعه من السفر على حساب سفارة بلده كونها طلبت منه القدوم إلى القاهرة.
وقال لـ «الشرق الأوسط»: «حينما تحدثت مع السفارة الكويتية بمصر طلب مني أحد الموظفين العاملين بها العودة إلى القاهرة لتقوم السفارة بإجلائي على نفقتها، غير أن الوضع لم يكن يسمح للقيام بذلك، مما دفع بي إلى الذهاب برّا لشرم الشيخ ومن ثم السفر من هناك إلى الكويت على حسابي الخاص».
وبحسب وكالة الأنباء الألمانية، فقد أفادت بأن السفارة الألمانية في القاهرة بدأت منذ يوم أمس في العمل على إجلاء الدبلوماسيين والمواطنين الألمان الآخرين المقيمين في العاصمة المصرية، حيث توجه نحو 140 من الألمان إلى مطار القاهرة الدولي الذي امتلأ في الأيام الأخيرة بالأجانب الذين يحاولون مغادرة البلاد على عدد غير كاف من الرحلات الخارجية.
وبيّنت الوكالة أن طائرة من طراز جامبو غادرت يوم أمس من مطار فرانكفورت لإعادة المواطنين الألمان إلى بلادهم، مشيرة إلى أن الرحلة التي جاءت بناءا على طلب من وزارة الخارجية الألمانية ستغادر من القاهرة ظهر اليوم (أمس) في رحلة عودة تستغرق ما يقارب 4 ساعات.
وفي سياق متصل، بدأت الولايات المتحدة لإجلاء رعاياها من مصر اعتبارا من يوم أمس الإثنين، في حين نصحت دول أخرى رعاياها بعدم التوجه إلى هذا البلد الذي يشهد انتفاضة شعبية ضد نظام الرئيس حسني مبارك. وتزاحمت أول من أمس مجموعات كبيرة من السياح والأجانب والمقيمين في مصر على مكاتب حجز تذاكر السفر بمطار القاهرة في محاولة منهم لمغادرة البلاد بأي ثمن، وذلك على خلفية اضطراب الوضع بها.
وفي أوروبا باستثناء اليونان، لم توجه الحكومات دعوات إلى مغادرة مصر، حيث أنها لم تنظم عمليات إجلاء، إلا أنها نصحت مواطنيها بعدم التوجه إلى هناك في ظل مراقبتها «عن كثب» تطورات الوضع.