الإخوان المسلمون: لسنا سوى لاعب ثانوي في الاحتجاجات المصرية

الجماعة تجنبت رفع أعلامها في المظاهرات

TT

سقط اول شهيد من جماعة الاخوان المسلمين في الانتفاضة الشعبية في مصر يوم الجمعة، قتل مصطفى صاوي، وهو شاب صغير، برصاص الشرطة امام وزارة الداخلية. لكن أقدم حركة معارضة في مصر واكثرها تنظيما لم تكن في مقدمة الجنازة في اليوم التالي حيث تصر الجماعة على انها ليست سوى لاعب صغير في الحركة المناهضة لنظام الرئيس حسني مبارك.

وتعليقا على ذلك قال المرشد العام السابق للجماعة محمد مهدي عاكف «ان لذلك مغزى». واضاف عاكف الذي تقاعد العام الماضي بعد بلوغه 82 عاما «نريد ان نكون جزءا من نسيج المجتمع».

لكن بينما بدأ المجتمع المصري بصياغة مستقبل جديد جاءت مساهمة الاخوان المسلمين، التي كان يستغلها ويستعديها مبارك خلال السنوات الماضية، بطيئة. عانت المنظمة المحظورة في مصر والتي كرست نفسها لإقامة دولة مصرية اسلامية منذ تأسيسها قبل 83 عاما من الضعف بالانقسام عبر الاجيال وتجاوزتها الان الاحتجاجات التي اندلعت الاسبوع الماضي. ما زالت جماعة الاخوان المسلمين قادرة على اثارة القلق، ففي الاسبوع الماضي عندما انطلقت شرارة الاحتجاجات تم القاء القبض على عدد كبير من كبار الاعضاء وزجهم بالسجن. شارك اعضاء من الجماعة في المظاهرات لكن كالمنظمات الاخرى هنا امتنعت الجماعة عن رفع اعلامها أو اظهار نفسها خلال المسيرات. في جنازة صاوي التي جابت ميدان التحرير يوم السبت لم يكن هنالك اي دليل مرئي على عضويته في الجماعة. وقال المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية حسام بهجت الاحد «اللحظة اكبر من اي قوة فردية.. لقد تمت تنحية الاخوان بفاعلية».

ويضيف انه لا بد ان يتعلم الاخوان المسلمون درسا من انخراط عناصر مختلفة من المجتمع في المظاهرات «يجب ان يدركوا انهم لا يمثلون الاغلبية».

وتم حظر الجماعة في مصر التي تم تأسيسها عام 1948 مستلهمة من انشاء جمعية الشبان المسيحيين عام 1928، ومن الصعب قياس حجمها الحقيقي. تعرضت الجماعة للقمع على يد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في خمسينات وستينات القرن الماضي. ومنذ ذلك الحين اصبح التخلص منهم محاولات فاشلة – لا سيما امام الجمهور الغربي- وبالرغم من حملات الاعتقال والملاحقة الامنية لاعضاء الجماعة. وأمضى عاكف، الذي حكم بالاعدام عام 1954، عشرين عاما في السجن قبل ان يصبح زعيما للجماعة. وخلال وجودها في مصر امتنعت الجماعة عن استخدام العنف ضد الدولة، فهي لا تضم في عضويتها جهاديين اصوليين كما يشاع عنها. لكن حذرها في التعامل مع نظام مبارك جعلها تبدو كأنها اكثر حرصا على حماية نفسها من تحسين اوضاع الامة. يقول عاكف «اذا قدنا المسيرات كان من الممكن ان يذبحونا... كل ما نريده هو حرية الشعب، سوف تعطينا الحرية مساحة للحركة». ويضيف المرشد السابق للجماعة ان الحرية سوف تفسح للجماعة المجال للضغط من اجل تعليم وتدريب اسلامي اكبر حتى يتمكن المصريون من «الوقوف في وجه المشروع الاميركي ـ الصهيوني».

ان جماعة الاخوان المسلمين «منظمة مارست لعدة سنوات استراتيجية الصبر»، بحسب جون الترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستارتيجية والدولية... «ليس هناك فائدة من الظهور العلني الان». لكن مصر تتغير بسرعة اكبر من ان تدركها الجماعة، برأي مختار نوح، محامي دفاع وعضو سابق في الجماعة تبدل موقفه بعد قضاء فترة في السجن. واضاف انه عندما غادر السجن قبل اربع سنوات ادرك بوضوح ان الجماعة طواها الزمن، وقال الاحد بينما كان واقفا إلى جانب العديد من الناس في ميدان التحرير «لقد كانت الجماعة بطيئة جدا.. وانا انضممت للشارع».

بطرق عديدة وبسبب انتشار جماعة الاخوان المسلمين في طول البلاد وعرضها ولسمعتها ستظل الطرف الابرز في اي صف تقف فيه الجماعات السياسية التي اضطرت لاخفاء هويتها اثناء اللحاق بالمتظاهرين في الشارع. لكنها ستبقى احد اللاعبين في السياسة المصرية، يقول بهجت.

ويضيف «لكن فجأة نفكر الآن بشيء اكبر.. هذا تنظيم سياسي اكبر وهذا هو الواقع الجديد ولم اكن يوما اكثر سعادة».

ويدرك الناشط الذي يبلغ من العمر 31 عاما ان السياسة ساسة وان الجماعة يجب ان تبرز من جديد. سوف تصبح الجماعة قوة سياسية قوية وفاعلة. لقد برز في مصر في الاسبوع الماضي بعض الاحتمالات الجديدة، «أحاول باستمرار ان اتذوق طعم هذه اللحظات لانني على يقين انها افضل اللحظات في حياتي».

وشكلت الجماعات التي تقود المسيرات لجنة من 10 اشخاص للتفاوض مع الحكومة وتشمل اللجنة ممثلين عن الاخوان المسلمين. وعندما تم اعتقال ثمانية من مدرائها الاقليميين الاسبوع الماضي، فضلت الجماعة عدم التحشيد للدفاع عنهم حتى لا تصرف الانتباه عن الهدف الاساسي وهو رحيل مبارك. عندما دفن صاوي، شهيد الجماعة، كانت جنازته تعكس ألم وحزن اكثر من جماعة واحدة.

وقال عبد الرحمن فارس، وهو ناشط ومدون كان متواجدا في ميدان التحرير يوم الاحد حاملا علم مصر «لقد توحدنا تحت راية واحدة... تحولت الجنازة إلى جنازة للنظام نفسه».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»