اللجان الشعبية تحمي مصر من المخربين

بعد اختفاء نحو مليوني رجل أمن من شوارع البلاد

قوات الجيش تحمي مدنيا يعتقد انه من عناصر ساهمت في حملة السلب والنهب من غضب واعتداء المواطنين بوسط القاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

رغم ان لغز اختفاء قوات الشرطة النظامية من معظم أرجاء مصر لا يزال يحير جموع المصريين وجميع المحللين، إلا ان أفراد الشعب لم ينتظروا الإجابات عن الأسئلة الحائرة التي تفسر ذلك الاختفاء.

في كل شوارع المدن الكبرى، خاصة في العاصمة، اتفق جميع المواطنين دون وجود أي تنسيق مسبق على حماية أرواحهم وأرواح ذويهم وممتلكاتهم الخاصة بكل ما يمتلكون من قوة وحتى آخر نفس يتردد في صدورهم، عزز ذلك مناشدة الجيش للمواطنين محاولة بذل الجهد في حماية أنفسهم لحين تقدم وحداته وفرض سيطرته الكاملة على الأوضاع في الشوارع الجانبية والأحياء.

فبعد ان عاشت مصر ليلة عصيبة يوم الجمعة الماضي لم تشهد لها مثيلا منذ عدة عهود، تخللتها عمليات سلب ونهب «منظم»، وبعد ان اختفت قوات الشرطة النظامية من الشوارع بصورة تامة عقب إعلان فرض حظر التجوال، تكاتف المصريون بعد ان فقدوا أي أمل في ان يجدوا من ينجدهم من هجمات الغوغاء، والتي وصلت في بعضها إلى اعتداء الخارجين على القانون على السكان الآمنين في منازلهم، لحين وصول قوات الجيش.

امتلأت الشوارع بابناء مصر من كل الفئات والأعمار، مسلحين بما تسمح به الإمكانات البسيطة من هراوات وعصي ومواسير معدنية، وأسلحة منزلية مما يمتلكونه في مطابخهم من سكاكين أو سواطير، أو أسلحة شخصية خفيفة يحوزها بعضهم ممن رخص لهم بحملها من رجال قضاء أو مصرفيين وما شابه، أو حتى رجال أمن بزي مدني ممن يسكنون هنا أو هناك.

تنظيم التحركات ونقاط التمركز والتحصينات الدفاعية وان بدأت بصورة بدائية وعفوية، إلا أنها أظهرت عبقرية استثنائية وليدة اللحظات الحرجة.. حيث قام السكان بإقامة حواجز الطرق على المداخل والمخارج، ووضعوا عوائق لجعل خط السير متعرجا، كما نظموا نقاطا للتفتيش والتأكد من هويات المارة وتراخيص السيارات لمن لا يعرفونهم بدقة.

وأعلى العمارات السكنية المتقابلة، وقف بعض حاملي الأسلحة النارية لاقتناص المعتدين، واستخدم أعضاء اللجان الصافرات وكلمات السر كإشارات متفق عليها لفتح وغلق الطرق أو للإنذار المبكر في حال وجود دخلاء.. إضافة إلى استخدام مكبرات الصوت الموجودة بالمساجد كإذاعات أهلية لبث التعليمات والتنبيهات.

العناصر الإجرامية التي تمارس الترويع للآمنين، لم تتوان عن استخدام سيارات الإسعاف والمطافئ والدوريات الأمنية المسروقة لخداع المواطنين.

ورغم استخدام العناصر الإجرامية للأسلحة الآلية في كثير من الأحيان، ما أدى إلى تواصل سماع دوي طلقات الرصاص بمختلف الأحياء على مدار الليالي الثلاث السابقة، إلا ان اللجان الشعبية نجحت في القبض على المئات من الخارجين على القانون وتسليمهم إلى دوريات الجيش التي تمر بالأحياء بين حين وآخر.

كان أبرز اللجان الشعبية، هي تلك التي شهدها ميدان التحرير مساء الجمعة، عقب تناقل أخبار عن اقتحام البعض للمتحف المصري.. حيث قام أبناء مصر بحصار المتحف وإقامة ستار بشري لمنع الدخول أو الخروج حتى وصلت فرق من القوات الخاصة «الكوماندوز» بالجيش، وأمنت المتحف تماما.

وبالرغم من ان الجملة التي صارت تتردد على ألسنة الكثيرين من أبناء هذا الشعب وعلى غرار فيلم سينمائي هي: «خلاص.. من النهار ده ما فيش حكومة.. إحنا الحكومة»، إلا ان الأغلب الأعم من المصريين يؤكدون أنهم سيواجهون المعتدين حتى آخر قطرة في دمائهم، أو لحين وصول قوات الجيش أو ظهور عناصر الشرطة المختفية منذ أيام.