تونس: إضرام النار في معبد يهودي .. وإحالة 30 مسؤولا في الشرطة للتقاعد المبكر

قلق وترقب بشأن الانفلات الأمني .. وحصيلة الانتفاضة 219 قتيلا و510 جريحا

عائلة أمام مدرسة في تونس العاصمة أمس (رويترز)
TT

أحالت وزارة الداخلية التونسية الى التقاعد المبكر حوالي 30 مديرا عاما ومديرا للشرطة اعتبارا من يوم امس، فيما تعرض مبعد يهودي في قابس بجنوب البلاد، إلى اعتداء وإضرام النار فيه. وقالت مصادر متطابقة انه ليس هناك بين المديرين الذين تقررت إحالتهم للتقاعد، اي شخص ملاحق من الانتربول لسوء معاملة سجناء. وجاءت هذه القرارات على إثر الاتصالات التي تمت بين الوزارة وممثلى جهاز الامن الوطنى. ودعت وزارة الداخلية كافة اعوان الامن الى مباشرة مهامهم والقيام بواجبهم الوطنى لحفظ امن المواطنين وحماية مكاسب الوطن. وفي سياق ذلك، ذكرت انباء ان الجيش الوطنى وكافة الأسلاك الأمنية الاخرى من حراس سجون ورجال الجمارك ستشملهم الاجراءات ذات الطابع الاجتماعى بداية من اول فبراير (شباط) الحالي. كذلك، قررت وزارة الداخلية اتخاد اجراءات مادية واجتماعية فورية لفائدة العاملين في مختلف أسلاك جهاز الأمن الداخلي، ورفع المظالم عن الذين تم عزلهمن وإرجاعهم الى وظائفهم، كما قررت السماح لاعوان الامن الداخلى بتكوين نقابة مستقلة تدافع عن حقوقهم ومصالحهم، ومراجعة القانون الاساسى لقوات الامن الداخلى على غرار ما تم بالنسبة الى اسلاك الامن اخرى. كما علمت ««الشرق الأوسط» ان الوزير الجديد للداخلية بصدد اعادة هيكلة الوزارة، واجراء تغييرات في 27 مصلحة.

وسادت في اليومين الاخيرين في تونس العاصمة وعدد من المدن حالة قلق وترقب جراء الانفلات الامني الذي تعرفه شوارعها بعد ان تخلى رجال الامن عن مهامهم للمطالبة بحقوقهم. ففي تونس، قال شهود عيان لـ «الشرق الأوسط» إن الجيش التونسي اطلق أمس النار في الهواء لتفريق عصابات من الشبان أغارت على مدرستين في ضاحية قرطاج، حيث يوجد القصر الرئاسي، مما افزع التلاميذ. واوضح الشهود ان العصابات عاثت فسادا في عدد من المدارس في أحياء أخرى من تونس العاصمة مما دفع الجيش الى نشر وحداته امام المدارس لتهدئة التلاميذ وأولياء الأمور. وحلقت طائرات مروحية تابعة للجيش في سماء المدينة من اجل متابعة عمليات مطاردة العصابات.

وفي القصرين، تجمع المئات من المتظاهرين صباح امس في وسط المدينة لادانة الفوضى في المدينة التي هزتها حوادث عنيفة اول من امس. وقال شهود عيان ان المتظاهرين الذين قام الجيش بتفريقهم طالبوا بحل عاجل لانهاء الوضع الفوضوي وغير المستقر الذي تعرفه المدينة.كما طالبو بمعاقبة المشاغبين الذين قاموا اول من امس باعمال نهب وتخريب، جراء الفراغ والتسيب الامني الذي تعرفه المدينة، هذا في الوقت الذي تمركزت فيه دبابات الجيش التونسي قرب المباني الحكومية الاساسية.

وكان شاب تونسي عاطل عن العمل حاول الانتحار حرقا السبت في ولاية قفصة (جنوب غربي) على ما ذكر أمس مصدر نقابي لوكالة الصحافة الفرنسية. وقال النقابي والمعارض عمار عمروسية ان ايمن بن بلقاسم، 21 عاما، العاطل عن العمل حاول الانتحار في بلدة القطار بولاية قفصة للاحتجاج على «ظروفه الاجتماعية السيئة». ونقل الشاب الى مركز الاصابات والحروق البليغة في بن عروس جنوب العاصمة التونسية حيث وصفت حالته بأنها «خطرة».

وفي محافظة قابس، تعرض كنيس يهودي لاعتداء واضرام النار، وقال زعيم الطائفة اليهودية في تونس، بيريز الطرابلسي، إن كنيسا يهوديا صغيرا يقع في مدينة الحامة بمحافظة قابس تعرض إلى اعتداء كبير، وتم اضرام النار فيه. وذكر الطرابلسي، في تصريحات صحافية أمس، من محل إقامته في جزيرة جربة التونسية، حيث يوجد معبد «الغريبة» الذي يُعتبر أقدم كنيس يهودي في إفريقيا، أن مجهولين هاجموا الليلة قبل الماضية كنيس «المعرابي» في مدينة الحامة، وأضرموا النارفيه. واوضح الطرابلسي أن المشرفين على الكنيس الذي يزوره اليهود كل عام، أبلغوه بأن النار «أتت على كل ما فيه»، وطلب من الجهات الامنية حماية المعابد اليهودية في البلاد.

وقال الطرابلسي: «هناك من يسعى إلى إثارة المسلمين لمهاجمة اليهود والقضاء على التعايش السلمي الذي تميزت به العلاقات بين اليهود والمسلمين في تونس».بيد ان شهود عيان ذكروا ان الكنيس «لم يتعرض للحرق، وكل ما في الأمر هو أن مجموعة من المشاغبين عمدت إلى كسر بابه الأساسي».

من جهته، اعلن رئيس بعثة المفوضية العليا لحقوق الانسان لدى الامم المتحدة امس في تونس ان 219 شخصا قتلوا واصيب 510 بجروح في اعمال العنف التي ادت الى سقوط الرئيس التونسي زين العابدين بن علي. وقال بكري نداي، في مؤتمر صحافي، ان 147 شخصا لقوا مصرعهم منذ بداية الاضطرابات في تونس في منتصف ديسمبر (كانون الاول) الماضي، مشيرا الى ان 72 شخصا قتلوا في السجون. واضاف ان هذه الارقام ما زالت «مؤقتة».

وحول الأحداث التي شهدتها ساحة الحكومة في القصبة يوم الجمعة الماضي، عندما لجأت الأجهزة الأمنية إلى العنف لإجلاء المعتصمين المطالبين بسقوط الحكومة المؤقتة، قال ندا إن ما جرى في القصبة «موضوع جدي يتطلب التحقيق». وحول موضوع الانتخابات القادمة، قال رئيس بعثة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن عديد المنظمات كانت تفاجأ بالأرقام القياسية التي يفوز بها بن علي الرئيس المخلوع في كل محطة انتخابية، إلا أن الأحداث الكبيرة كشفت زيف كل تلك الأرقام. وقال إن الأمم المتحدة تطالب بانتخابات حرة ونزيهة وشفافة وهي تضع كل خبراتها الميدانية في خدمة الحكومة التونسية وعلى الاستعداد لإرسال مراقبين دوليين للوقوف على نزاهة العملية وضمان اختيار التونسيين لمن سيرأسهم بكل حرية. على صعيد اخر، صادر القضاء الفرنسي امس بمطار «لو بورجيه» قرب العاصمة الفرنسية باريس، طائرة خاصة في ملك عائلة «مروان مبروك» أحد أصهار الرئيس المخلوع بن علي، وفق ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.يذكر أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قرروا اول من امس تجميد أرصدة الرئيس المخلوع وزوجته، استجابة لطلب كانت تقدمت به الحكومة التونسية الانتقالية.