العاهل الأردني يكلف البخيت تشكيل حكومة جديدة خلفا لحكومة الرفاعي

طالب رئيس الوزراء الجديد بخطوات سريعة لإطلاق مسيرة إصلاح سياسي حقيقي

TT

كلف العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني امس الدكتور معروف البخيت بتشكيل حكومة جديدة، خلفا لحكومة سمير الرفاعي التي استقالت امس، عقب حسب مراقبين سياسيين، ضغوط مارستها احزاب المعارضة والحركة الاسلامية من خلال المسيرات والمظاهرات التي عمت المدن الاردنية طيلة اربعة اسابيع احتجاجا على رفع الاسعار وغلاء المعيشة وتطورت إلى المطالبة باصلاحات سياسية والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص. وكانت احزاب المعارضة والحركة الاسلامية قد نظمت مظاهرات ومسيرات خلال اربعة اسابيع احتجاجا على غلاء المعيشة ورفع اسعار المشتقات النفطية زيادة الضريبة عليها. وطالب المتظاهرون برحيل الحكومة في هذه المظاهرات التي عمت مختلف المناطق الاردنية ووصلت الهتافات إلى درجة اغتيال شخصية الرئيس الرفاعي واتهمامه بالفساد مع فريقه الوزاري. وطالب المتظاهرون ايضا باقرار قانون انتخاب جديد يمثل كل اطياف الشعب الاردني بدلا من القانون المؤقت التي اجريت على اساسه الانتخابات النيابية الاخيرة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي من خلال الدوائر الوهمية حيث حصل الاردنيون من اصل فلسطيني على 14 مقعدا من اصل 120 الامر الذي لا يتناسب مع تعدادهم في الاردن الذين يصل إلى نصف عدد السكان. واوضح المراقبون ان رياح التغيير في البلاد العربية مثل تونس والاحداث التي تشهدها مصر وكذلك التغيير في الحكومة اللبنانية، عجل في رحيل حكومة الرفاعي التي حصلت على ثقة 111 نائبا من 120 في مجلس النواب اضافة إلى دعم العاهل الاردني في محاولة لرفع الضغوط عنها بعد واجهت انتقادا كبيرا من الشارع الاردني. وحسب كتاب التكليف فقد طلب الملك عبد الله الثاني من البخيت ان، تكون مهمة حكومته الرئيسية اتخاذ خطوات عملية وسريعة وملموسة، لإطلاق مسيرة إصلاح سياسي حقيقي، «تعكس رؤيتنا الإصلاحية التحديثية التطويرية الشاملة، لنمضي بها خطوات واثقة على طريق تعزيز الديمقراطية، واستكمال مسيرة البناء، التي تفتح آفاق الانجاز واسعة أمام كل أبناء الشعب، وتوفر لهم الحياة الآمنة الكريمة التي يستحقونها».

وحدد الملك عبد الله الثاني للبخيت في كتاب التكليف، إجراء عملية تقييم شاملة، تفضي إلى إجراءات فاعلة تعالج أخطاء الماضي، ووضع خطة عمل واضحة تمضي بمسيرة الإصلاح إلى الأمام، من خلال مراجعة جميع القوانين الناظمة للعمل السياسي والمدني والحريات العامة وتطويرها، وبخاصة قانون الانتخاب، الذي يشكل ركيزة التنمية السياسية الحقيقية، في مقدمة هذه التشريعات، التي تشمل قوانين الأحزاب والاجتماعات العامة والبلديات والعقوبات والمطبوعات والنشر وحق الحصول على المعلومة وغيرها. وطلبه بتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني، وضمان حرية التعبير، وإيجاد البيئة الكفيلة بممارسة الإعلام المهني المستقل دوره من دون أي قيد أو عائق، وتوسعة آفاق الإفادة من وسائل الاتصال الحديثة، التي يجب أن تكون وسيلة لتعميم المعرفة وتكريس ثقافة الحوار، لا وسيلة لبث المعلومات الخاطئة والإساءة إلى الأفراد والمؤسسات على غير وجه حق. وكذلك إجراء مراجعة شاملة لإدارة عملية التعليم العالي والجامعي، «لضمان عودة جامعاتنا منارات علم وإبداع واسعة الرحاب الفكرية، تبني الهوية الوطنية، وتصقل شخصيات الشباب على قيم الانفتاح والتعددية والتفكير النقدي الخلاق، وتنهي ظاهرة العنف التي أخذت تتمدد في أوساطها». ودعا إلى الاستمرار في العمل في إطار النهج الاقتصادي الإصلاحي، عبر البرامج والخطط التي تضمن أفضل أداء ممكن للاقتصاد الوطني وتبني الشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص، وتحقق التوزيع العادل لمكتسبات التنمية، وتوسع الطبقة الوسطى، وتحمي الشرائح الفقيرة.

وكان الملك عبد الله الثاني قد تسلم استقالة حكومة امس. وقال الرفاعي في كتاب الاستقالة ان حكومته عملت بكل جد وإخلاص، وتعاملت مع واقع اقتصادي صعب نتيجة عجز غير مسبوق في الموازنة ومديونية متزايدة وعملت وفق منهجية علمية، وعلى أساس المحاور السبعة التي تشمل كافة المجالات وعملت على إيجاد حالة إصلاحية عملية بعيدا عن الشعارات والإدعاء في جميع المجالات الإستراتيجية. وعملت الحكومة على التخفيف من المشكلة الاقتصادية، وذلك بتخفيض عجز الموازنة من خلال إجراءات ترشيدية وإعادة ترتيب الأولويات، كما عملت على وضع التشريعات الاقتصادية التي تحقق حماية الطبقة الفقيرة وتوسيع الطبقة المتوسطة. وحين تعاظمت الآثار السلبية للأزمة الاقتصادية العالمية وما رافقها من ارتفاع في الأسعار العالمية على المملكة، سارعت الحكومة إلى دراسة جميع الوسائل الكفيلة بالتخفيف على المواطن ومساعدته على امتلاك سبل الحياة الكريمة.

* البخيت في سطور

* ولد الرئيس البخيت في بلدة ماحص القريبة من عمان عام 1947، والتحق بالقوات المسلحة الأردنية في 1964. وخلال عمله في القوات المسلحة حصل على شهادة البكالوريوس في الإدارة العامة والعلوم السياسية من الجامعة الأردنية. وتابع دراسته فحصل على ماجستير بالإدارة العامة من جامعة جنوب كاليفورنيا، والدكتوراه من كبنغر كوليج التابعة لجامعة لندن. وكان البخيت عضوا في الوفد الأردني المفاوض لمعاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل التي وقعت في 25 أكتوبر 1994وعمل استاذا للعلوم السياسية في جامعة مؤته ما بين 1997 إلى 1999 وتقاعد من القوات المسلحة برتبة لواء ركن في 1999. وعمل بعدها مستشارا في دائرة المخابرات العامة وعين نائبا لرئيس جامعة مؤته للشؤون العسكرية وسفيرا في تركيا (2002 إلى 2005) وفي إسرائيل عام 2005. وفي 16 نوفمبر 2005 عيّن مديرا للامن الوطني ومديرا لمكتب الملك عبد الله الثاني، وكلف بعدها بثمانية بتشكيل الحكومة رقم 90 منذ تأسيس امارة شرق الأردن عام 1921. وأصبح الرئيس الخامس الذي يشكل حكومة في عهد الملك عبد الله الثاني.