مصر: الأجانب يغادرون البلاد.. والمصريون المغتربون بين العودة والبقاء

مطار القاهرة استعاد بعض نشاطه بعد توقف سببه حظر التجول

مسافرون انتظروا داخل خيمة نصبت امام مطار القاهرة في انتظار موعد طائراتهم المغادرة إلى بلدانهم (ا.ف.ب)
TT

وسط نداء دول بمغادرة رعاياها المتواجدين في مصر على خلفية الأحداث الساخنة التي يشهدها الشارع، وتباين في قرارات عودة المصريين المغتربين في الخارج إلى بلادهم. غادرت مطار القاهرة صباح أمس 18 طائرة خاصة نقلت آلافا من رعايا الدول الأجنبية إلى الخارج، في وقت بدأت فيه شركة مصر للطيران تسيير نحو 50 رحلة حتى الخامسة من مساء.

وقالت مصادر مسؤولة في الصالة رقم 4 المخصصة لسفر الطائرات الخاصة، أن بين الرحلات، طائرتين إيطاليتين إلى روما وميلانو استقلها نحو 277 ايطاليا، فيما غادرت طائرتان بريطانيتان إلى قبرص تحمل 183 بريطانيا والثانية إلى لندن تحمل 392 بريطانيا. بينما رحلت إلى اليونان أربع طائرات إلى العاصمة أثينا وأخرى إلى قبرص تحمل نحو 650 يونانيا، إلى جانب طائرتين غادرتا إلى تركيا تحمل 333 تركيا، فضلا عن طائرات أخرى توجهت نحو الإمارات وبيروت وبغداد.

وقال وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ إن بلاده سترسل طائرة مستأجرة إلى مصر غدا لإعادة البريطانيين الراغبين في المغادرة، «قررت إرسال طائرة مستأجرة لتمكين مزيد من المواطنين البريطانيين من مغادرة البلاد إذا رغبوا في ذلك»، وأضاف هيغ في حديث أمام البرلمان «ستتوجه الطائرة إلى مصر غدا، وسأنظم مزيدا من الرحلات إذا لزم الأمر لضمان أن يكون الناس قادرين على المغادرة في حال رغبوا ذلك».

يأتي ذلك في وقت شرع المواطن المصري عطية محمود الذي يعمل مشرفا في مصنع تجاري في السعودية، بتجهيز إجراءات تأشيرة الخروج والعودة من إدارة الجوازات، بعد تلقيه اتصالا من ذويه في مصر، وصفوا له وضع الشارع المتقد، مترقبا أقرب موعد متاح للسفر إلى القاهرة. وأعرب عطية عن هواجسه قائلا: «إن خوفي على عائلتي من التعرض لسطو أو اعتداء من قبل أشخاص خارجين على القانون هو سبب رجوعي إلى مصر»، مضيفا أن هناك أشخاصا من أقربائه يتناوبون على حماية منازلهم من أي هجوم قد يطالهم.

وحتى تتسنى فرصة السريعة لسفر الشاب عطية وغيره من المصريين المغتربين، قالت المصادر المسؤولة في مطار القاهرة إن شركة مصر للطيران بدأت في استئناف سفر رحلاتها بداية من التاسعة من صباح أمس، حتى بدء فرض حظر التجول، فيما نقلت «د. ب. أ» عن المصادر «كانت رحلة نيويورك أول طائرة يتم إنهاء إجراءات سفرها، على أن تقلع في العاشرة والنصف، بينما سيتم وقف دخول الركاب إلى صالة السفر بعد بدء الحظر في الثالثة وستستكمل الرحلات التي لن يكتمل عدد أفرد طاقمها سيتم تأجيلها لحين اكتماله».

ومنذ بدء أحداث الجمعة 28 يناير (كانون الثاني) الماضي، لم يحتمل عدد واسع من المصريين في الخارج ما يحصل في بلدهم، بعد اعتكاف غالبيتهم أمام وسائل الإعلام ومتابعة ما يحدث هناك بدقة، معلقين ومفسرين الأوضاع المصرية بعد كل نشرة أو موجز أخباري، أو آراء وتحليلات الشخصيات المصرية على الفضائيات، إذ يرغب الجميع في العودة إلى مصر.

وحول ذلك، اتفق المصريون بأن الرغبة الأولى لهم تتمثل في أن «يجهزوا الحقائب والتوجه فورا إلى المطار للعودة إلى بلادهم» كما يقول جمال سيد عمران الشاب المصري الذي يعمل في مطعم للوجبات السريعة بجدة، يتابع «حالت أمام آخرين عقبات أمام العودة تمثل غالبيتها في طبيعة أعمالهم التي لا تسمح لهم بالمغادرة»، فيما يجد آخرون قال بعضهم لـ«الشرق الأوسط»: «إن البقاء في الوقت الراهن أفضل من التوجه إلى هناك».

ولم يجد عمران بدا من المتابعة للأحداث التي وصفها بـ«المتسارعة»، عبر جهازه المحمول الذي أوصله بسماعة داخلية أوصلها بإذنه اليمنى متلقيا تعليمات مديره في المطعم بالأذن الأخرى. وما إن فرغ قليلا، قال عمران لـ«الشرق الأوسط»، «أريد العودة بأي ثمن، دوافعي متعددة، إن لم تكن المشاركة فالوقوف إلى جانب اخوتي ووالدتي في المنزل»، ويضيف «إن أصدقائي المصريين في جدة، ينقسمون إلى قسمين رغم اتفاقهم على رغبة الذهاب، الأول لا تسمح له ظروفه العملية، والآخر لا يريد الذهاب لتواجد عائلته برفقته، ولديه هناك في البلاد من يقوم بشؤون المنزل سواء اخوان أو جيران أو أقارب». محمد جوهر المحاسب في شركة مواد البناء، يرى «أن التواجد في البلاد هذه الأوقات أهم من أي اعتصام أو احتجاج». وقال «أفضل الطمأنينة بنفسي على ما يدور هناك».

ويترقب جوهر انتهاء فترة الدراسة لأبنائه الدارسين في المرحلتين المتوسطة والثانوية في السعودية للعودة سريعا إلى مصر، للاطمئنان على والديه وأهله المقيمين في حي المعادي جنوب القاهرة.

ولا يعدو حال جوهر مختلفا عما يدور في رأس أحمد سلامة المدير المالي لمؤسسة متوسطة في جدة الذي لم يمض على تواجده في السعودية سوى شهرين. يقول سلامة لـ«الشرق الأوسط» التي التقته في مقهى راق شمال جدة، متابعا الأحداث على الشاشة، «قد أكون في ورطة الآن، فأنا لم أتلق اتصالات عديدة من والدتي، قد ترغب في تهدئتي لتعكس بأن الاوضاع مستتبة، لكنها ربما تناست أن الإعلام لم يعد يخف شيئا»، وردا على أمنيته في العودة، يشير سلامة «كمصريين نتمنى الآن أن يقف ابناء البلاد بكل حزم أمام كل ما يهددهم، صحيح تصاعدت الأوضاع منذ بداية نزول الجيش وانتشار البلطجية.. إلا أن اليومين الماضيين كانت أفضل بالنسبة». ولم ينفك الشاب المصري من ترديد عبارة «أتوق إلى العودة هناك» طوال الحديث.

يشار إلى أن وكالات أنباء ومحطات فضائية نقلت صورا وتعليقات لمصريين في بلدان عربية وعالمية، اعتصموا أمام سفارات وممثليات بلادهم في الخارج تضامنا مع المحتجين في مصر.