«14 آذار» يكلف الجميل وجعجع مفاوضة ميقاتي بشأن المشاركة في الحكومة اللبنانية

مسيحيو «الأكثرية السابقة» لا يوصدون الباب أمام الرئيس المكلف

TT

يبدو مسيحيو قوى 14 آذار (مارس) أكثر ليونة في التعاطي مع رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي مما هو تيار المستقبل، الذي لم «يهضم» بعد اقصاء رئيسه سعد الحريري. وبينما يكرر قياديو المستقبل ونوابه اشارتهم إلى استعدادهم للانتقال إلى المعارضة، يتريث حلفاؤهم المسيحيون في التعبير عن قرارهم النهائي. وهم وإن كانوا يؤكدون انهم لن يشذوا عن قرار قوى 14 آذار مجتمعة في المحصلة، إلا أن رغبتهم واضحة بإعطاء الرئيس المكلف فرصة واستيضاحه حول بعض الهواجس قبل تحديد موقفهم النهائي.

وبعد ساعات على زيارة رئيس حزب الكتائب الرئيس أمين الجميل الرئيس ميقاتي أول أمس «لاعطاء نداءاته فرصة اخيرة علها تكون قابلة للتطبيق»، على حد تعبير الجميل، استقبل ميقاتي رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع للغاية نفسها. وأكدت أوساط مقربة من جعجع لـ «الشرق الأوسط»، أن «جميع المكونات المسيحية ملتزمة بالقرار النهائي لـ «14 آذار» وعلى كل المستويات السياسية» مشيرة إلى أن «زيارتي الجميل وجعجع تأتيان لاستيضاح آراء الرئيس ميقاتي عن بعض المسائل الهواجس، انطلاقا من الرغبة بالتواصل المباشر والشخصي مع الرئيس المكلف بعيدا عما يسرب في الاعلام أو عبر حملة الرسائل والوسطاء السياسيين، انصافا لميقاتي وللمرحلة الحرجة التي يمر بها لبنان وللتاريخ».

وأوضحت ان «الهدف من هذه الاتصالات هو الاعلان عن القرار النهائي لقوى 14 آذار بعد الحصول على أجوبة واضحة ومباشرة وصريحة من الرئيس ميقاتي حيال بعض المسائل لا سيما تلك التي اتفق على تنفيذها بموجب مقررات طاولة الحوار، خصوصا أن الرئيس المكلف يؤكد في اطلالاته نيته اشراك كل الفرقاء اللبنانيين في الحكومة المقبلة».

وشددت مصادر جعجع على أنه «وإذ اختلف التكتيك بين مكونات 14 آذار، إلا ان ذلك لا ينفي موقفها الموحد من عملية الترهيب والتهديد التي أوصلت ميقاتي إلى رئاسة الحكومة»، معتبرة أن «ميقاتي لم ينجح الا بصوتين لبنانيين في حين أن الأصوات الست والستين المتبقية هي لسورية وحزب الله، ويخطئ إذا ظن أنهم انتخبوه».

وكان جعجع قد أكد أمس أنه «اذا كان هناك مشاركة في الحكومة الجديدة، فإما أن تشارك جميع قوى 14 آذار واما لا يشارك أحد منّا»، موضحا أن «كل 14 آذار تكنّ المودة على الصعيد الشخصي للرئيس المكلف ولكن كلّنا نعرف كيف تمت الاستشارات النيابية، ومع معرفتنا بما جرى، فضّلنا نظرا لدقة الأوضاع أن نريح ضميرنا للآخر ونجري اتصالاتنا مع الرئيس ميقاتي». وقال: «طرحت على الرئيس المكلّف مخاوفنا وهي ليست شروطا، والرئيس ميقاتي حاول أن يطمئننا وقال لي إن هدفه الوفاق، ونحن من جهتنا لن نفكّر في المشاركة كل حزب بحزبه، بل كقوى «14 آذار» مجتمعة»، مشيرا إلى أنه «حتى الآن ليس هناك طرح جدي من أجل التفكير بالمشاركة، واذا كان هناك التصوّر المناسب الذي يرضي «14 آذار» فكلّ الأمور واردة للبحث».

وفصّل جعجع النقاط التي عرضها مع ميقاتي، بدءا من اعتباره أن «الأكثرية الجديدة بالنسبة لنا هي سورية وحزب الله، وتعني بالنسبة لنا الوصاية»، مرورا «بموضوع السلاح، ولو أنه موجود في المخازن، ويؤثّر على الوضع وعلى الحريات»، وصولا إلى إن «المحكمة الدولية موضع إجماع وطني على طاولة الحوار، ولا يجوز نقده لأن نقده يحتاج إلى اجماع وطني فهو أقرّ في اجماع وطني». وإذ أشار إلى أنه »لم يكن هناك أي اقتراح فعلي أو واضح في موضوع تشكيل الحكومة وانتهى الحديث هنا»، شدّد على أن »فريق »8 آذار» لن يستطيعوا أن يعودوا بالتاريخ إلى الوراء، ولو استطاعوا تكوين اكثرية بالطرق الملتوية، لأننا سنقف بوجههم من أجل عدم الرجوع إلى الوراء». من ناحيته، شدد الرئيس الجميل على أن «ما يهمنا ضمنا هو اعادة توحيد البلد والاستقرار الذي لا يتّم الاّ بالتوافق على ثوابت ومسلمات، ومنها التزامات لبنان الدولية، اضافة إلى الاتفاقات الداخلية الواجب استكمالها، منذ طاولة الحوار الاولى، فكل القرارات التي اتخذناها لسوء الحظ لم تنفذ، وحان الوقت لتنفيذها اليوم، احقاقا للوحدة الوطنية الحقة».

واشار إلى أنه «على تواصل مستمر مع الحلفاء كافة، وننسق كل الخطوات تسهيلا لمهمة الرئيس المكلف إذا أمكن، وذلك وفقا لقاعدة الثوابت التي نؤمن بها واعلنا عنها ولن نحيد عنها»، معتبرا أن «لقائه مع ميقاتي جاء بعد الإجتماع مع قيادات 14 آذار، وهو كان لسبر الغور اذا صح التعبير». وأكد «اننا نلتقي بإستمرار مع حلفائنا وكل شيء سنقرره لا يمكن الا أن يكون ضمن إطار ثوابت 14 آذار والمصلحة العامة»، موضحا أن «هناك اليوم نزاع وخلاف كبير حول قضايا مهمة على الساحة الوطنية وطرحت مع ميقاتي موقفه وتوجهه وخطة العمل التي يرتئيها للخروج من هذا المأزق، وعلى ضوء ذلك نقرر موقفنا بما يخدم المصلحة الوطنية».

وتعليقا على التحرك الذي يقوم به مسيحيو 14 آذار باتجاه الرئيس المكلف، أوضح النائب في كتلة المستقبل عاصم عراجي ان حزبي القوات والكتائب جزء لا يتجزأ من قوى 14 آذار وتحديدا القوات، وبالتالي تكليف جعجع والجميّل بالتفاوض مع الرئيس المكلف حول الورقة التي سلّمت له خلال الإستشارات النيابية يأتي في هذا السياق». وأشار إلى أنه «الآن يتم التفاوض مع الرئيس المكلّف حول هذا الأمر، وبناء على ما سيتم التوصّل اليه، تعود قيادات 14 آذار إلى الاجتماع لتقرّر المشاركة في الحكومة أم عدمه انطلاقا من نقطتين أساسيتين: المحكمة والسلاح».