السلطة تفتح ملف سماسرة الأراضي لليهود.. ومطالبات بملاحقتهم في القدس وخارجها

مشروع استيطاني جديد في جبل المكبر بالمدينة المقدسة

رجل امن اسرائيلي يتفحص حفرة وبقايا صاروخ غراد اطلق من غزة على بلدة نتيفوت الاسرائيلية في النقب الغربي، امس (أ.ف.ب)
TT

بدأت السلطة الفلسطينية، امس المعركة مع سماسرة وبائعي الاراضي في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين، للاسرائيليين. وهي قضية طالما قضت مضاجع الفلسطينيين، وسهلت للاسرائيليين الاستيلاء على مناطق حيوية داخل الضفة والقدس، ولم يجدوا سبيلا لمواجهتها على مدار عشرات الاعوام الماضية. وامس، اصدرت محكمة بداية نابلس، حكما بحق مدان من محافظة سلفيت بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات بتهمة بيع أراض. وقالت النيابة العامة، «إن محكمة بداية نابلس أصدرت حكمها على المتهم ع. ك، 70عاما، بالقضية رقم 3/2008 بتهمة بيع أراض (للعدو)، خلافا للمادة 114 من قانون العقوبات لعام 1960، بوضع المدان بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات، بعد قيامه ببيع أرض عام 1981». وصدر الحكم من المحكمة بحضور وكيل النيابة خليل سلامة والمتهم ووكيله.

وكان لافتا ان المحكمة اصدرت حكما في قضية عمرها 30 عاما، أي حتى قبل قيام السلطة الفلسطينية في 1993. وقال بهاء الأحمد رئس نيابة محافظة نابلس، ان قرارا اتخذه النائب العام بملاحقة ومحاسبة «كل من تسول له نفسه المس بأمن الوطن والمواطن وبمقدراته، وبكل من حاول أو يحاول الاتصال بالعدو وبيعه أراضي. واضاف «كل من يحاول ذلك (بيع اراض لاسرائيلييين) سننزل بحقه أقصى وأشد العقوبات ليكون عبرة للآخرين، كون هذه الجريمة تمس الشعب الفلسطيني بأسره ولا تسقط بالتزامن».

وبهذا الحكم تكون السلطة قد فتحت ملفا كبيرا وشائكا سيطال العشرات من الفلسطينيين الذين سربوا اراضي ومنازل وعقارات لليهود. وتكمن خطورة التسريب في كونه يتم بسرية شديدة، ويمكن الاسرائيليين من وضع قدم في اراض حيوية في الضفة الغربية، عادة ما تتحول إلى مستوطنات كبيرة مع الوقت.

وقال حاتم عبد القادر، وزير شؤون القدس الاسبق، الذي يتابع هذا الملف في المدينة المقدسة، «نثمن هذه الخطوة المهمة، وارجو المضي قدما بها، لكن اعتقد ان الحكم غير كاف». وطالب بانزال عقوبات رادعة بحق السماسرة، وموضحا «ان ردعهم يستلزم الاعدام». ووصف عبد القادر تسريب الاراضي لليهود «بجريمة» تدخل في اطار «الخيانة العظمى» وهذه «حكمها في كل دول العالم الاعدام».

وستجد السلطة صعوبة في ملاحقة المسربين، لاكثر من سبب، الاول ان الامور تتم بسرية، وينتظر الاسرائيليون سنين طويلة بعد وفاة البائع أو هربه إلى الخارج حتى يعلنوا انهم اشتروا الارض أو المنزل، والثاني ان بعض هذه الصفقات تتم في القدس أو اسرائيل، ولا سلطة للسلطة هناك، والثالث ان بعض بائعي الاراضي يعيشون في الخارج ويبيعون من الخارج.

وقال عبد القادر، انه بسبب عدم تفعيل الولاية القانونية على القدس، فان الامر هنا يبدو معقدا، «لكن انا اطلب من النائب العام اصدار قرارات اعتقال بحق المسربين هنا في الدول العربية والاجنبية فاذا اعتقالناهم حوكموا، واذا لم نعتقلهم فيلحاكموا غيابيا لحين اعتقالهم».

وعادة ما يلجأ بعض الفلسطينيين ضعاف النفوس لبيع عقاراتهم، تحت ضغط الإغراءات المالية التي يعرضها اليهود، لكن اخرين يرفض اخرون تمام.

وقال مواطنون فلسطينيون رفضوا بيع اراضيهم، ان المبالغ التي تعرض عليهم خيالية بالعادة. واضاف ماهر ابو صيبع الذي يملك ارضا على حدود مستوطنة عتصيون «عرضوا علي شيكا على بياض لكني رفضت». وقالت ام مريم صبيح التي تملك ارضا في وسط مستوطنة افرات «قالوا لي اختاري أي رقم تريدين».

ولا يعرف كثير من الفلسطينيين ان ارضهم المباعة ستذهب ليهود، ويقع بعضهم ضحية عمليات خداع كبيرة، وأقر في وقت سابق ديفيد بيري، رئيس جمعية العاد الاستيطانية، بأنهم يرسلون أحيانا وسطاء يقولون إنهم من حزب الله لإقناع العرب ببيع أراضيهم ومنازلهم في القدس.

وامس، وضعت الحكومة الاسرائيلية حجر الأساس لبناء حي استيطاني جديد على أراضي الفلسطينيين في جبل المكبر جنوب غرب المدينة المقدسة.

وقال مركز إعلام القدس بان عشرات المستوطنين يتقدمهم أعضاء كنيست ومندوبين عن الحكومة الاسرائيلية، «وضعوا حجر أساس لبناء الحي الاستيطاني الجديد في جبل المكبر في إطار سياسة التهويد المتبعة من قبل إسرائيل والهادفة إلى تفريغ المدينة من أهلها لصالح المستوطنين».

ويضم المشروع الجديد 24 وحدة استيطانية تأخذ طابعا يهوديا وتساعد في طمس معالم العمارة الفلسطينية.

وقالت صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية أن الحي سيكون «نموذجا» للبناء اليهودي في القدس، ونقلت عن نائب رئيس بلدية الاحتلال في المدينة، قوله إن بناء الحي سيكون بداية الطريق لاستكمال البناء في القدس، وأن هناك محادثات جارية لتحويله إلى حي ضخم.

ونددت السلطة الفلسطينية بالمشروع الجديد، واعتبر رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض صائب عريقات، هذه الأعمال «بمثابة إعلان الحكومة الإسرائيلية رفضها لمتطلبات السلام، وإصرارها على القضاء على كل المحاولات الهادفة لإعادة إطلاقها». واشتكى عريقات ذلك لممثل الاتحاد الأوروبي في فلسطين كريستيان بيرغر، ووفدا برلمانيا تشيليا، والقائم بأعمال القنصل الأميركي العام، والسفير الياباني تاكيوتشي، عندما التقاهم كل على حده امس.